البرلمان اللبناني يؤجل الجلسة المثيرة للجدل بعد إطلاق نار واعتراض مواكب
النشرة الدولية –
أرجأ البرلمان اللبناني الثلاثاء إلى موعد لم يحدده جلسة تشريعية كانت على جدول أعمالها مشاريع قوانين مثيرة للجدل، لعدم توفر النصاب، مع إقفال آلاف المتظاهرين الطرق المؤدية الى مجلس النواب، ووقوع إطلاق نار واحتكاك بمواكب نواب.
وأعلن الأمين العام لهيئة مكتب مجلس النواب عدنان ضاهر في بيان تلاه أمام صحفيين في البرلمان، عدم اكتمال النصاب المطلوب نظرا إلى “الظروف الاستثنائية الحاضرة لا سيما الأمنية منها”.
وأضاف قوله: “أرجئت الجلسة إلى موعد يحدد في ما بعد”. وهو التأجيل الثاني خلال أسبوع تحت ضغط الشارع الذي يرفض أن يقوم النواب بالتشريع ويطالب برحيل الطبقة السياسية.
ومنذ الصباح الباكر، تجمع مئات المتظاهرين في وسط بيروت بمواجهة عدد ضخم من عناصر القوى الأمنية التي استنفرت وحداتها وأقفلت كل الطرق المؤدية إلى البرلمان.
واشتبكت قوات الأمن قرب البرلمان مع مجموعة من المحتجين كانوا يحاولون إزالة حاجز من الأسلاك الشائكة، ومنع النواب والوزراء من الوصول إلى البرلمان لإفشال عقد الجلسة التي سيناقش فيها مشروع قانون العفو العام.
واخترق موكب وزير المال علي حسن خليل جموع المحتجين محاولا الوصول غلى البرلمان، لكنه اصطدم بالمتظاهرين الغاضبين الذين اعترضوا فأطلق مرافقو الوزير النار في الهواء.
وسأل شاب غاضب حمل رصاصة بيده “يطلقون الرصاص على المتظاهرين السلميين؟”.
وقال متظاهر آخر “إنهم موظفون لدينا، كيف يسمحون لأنفسهم بإطلاق النار على من انتخبهم؟”.
ووقعت، حالات تدافع بعد محاولة شبان غاضبين إزالة شريط شائك وعوائق حديدية وضعتها قوات الأمن لمنع تقدمهم.
وحمل المتظاهرون الأعلام اللبنانية ورددوا هتافات عدة بينها “ثورة ثورة” و”يا عسكر، عسكر على مين؟ عسكر على الشعب المسكين”.
وكانت قد عمدت القوى الأمنية والعسكرية باكرا إلى اقفال كل المداخل المؤدية إلى ساحة النجمة حيث مقر البرلمان، ونفذت وحدات مكافحة الشغب وعناصر من الجيش انتشارا غير مسبوق غداة دعوة المتظاهرين إلى قطع الطرق لمنع النواب من الوصول إلى الجلسة.
وقالت المواطنة اللبنانية ليلى لوكالة فرانس برس على وقع هتافات المتظاهرين حولها في ساحة الشهداء لوكالة فرانس برس “نريد أن نمنع النواب من الدخول إلى البرلمان”، مضيفة بانفعال “لا نريد العفو العام. نريد تحقيق مطالبنا وأن يشكلوا حكومة بالدرجة الأولى”.
وجاءت الدعوة لاجتماع البرلمان الثلاثاء بعد تأجيل لأسبوع تحت ضغط الشارع، ويفترض أن ينتخب النواب في مرحلة أولى أعضاء هيئة المجلس واللجان النيابية قبل أن تتحول الجلسة إلى تشريعية وعلى جدول أعمالها مشاريع قوانين مثيرة للجدل، بينها قانون عفو عام يستفيد منه آلاف الموقوفين والمطلوبين بجرائم عدة.
ويثير ذلك غضب المتظاهرين الذين يعتبرون أن الأولوية حاليا يجب أن تكون لتشكيل حكومة جديدة.
وأعلن نواب مستقلون وكتلتا القوات والكتائب أنهم لن يشاركوا في الجلسة، وقال نواب من كتلتي المستقبل برئاسة الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي أنهم لن يشاركوا في الجلسة. وأعلن نواب اللقاء الديموقراطي أنهم لن يحضروا الجلسة.
ووصل أحد النواب الموالين لحزب الله علي عمار إلى المجلس على متن دراجة نارية إلى البرلمان بعد أن اعترض المتظاهرون سيارته حيث ترجل منها وركب الدراجة النارية مواصلا طريقه.
إلى ذلك أفاد وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل بأن “المسؤولية علينا تقتضي أن تنعقد جلسة المجلس النيابي، والنقطة المركزية التي تهمنا عمل اللجان كي تبدأ عمليات التشريع، وإذا تأمن النصاب رئيس مجلس النواب نبيه بري سيعقد الجلسة”.
وأضاف في تصريح من المجلس النيابي، “أن “كتلة المستقبل أبلغتنا بالأمس أنهم سيحضرون الجلسة، والتقدمي الاشتراكي لم يقاطع الجلسة بل ترك الأمور للظروف، وهذا الشيء الرسمي الذي تبلغنا به”.
واعتبر خليل أن “من غير المقبول الاشتباكات، ومن حق المتظاهرين التظاهر، ومن حق النواب الوصول إلى مجلس النواب”، موضحا أن لبنان يمر في ظرف استثنائي، وهذا لا يعني أن النواب لا يمثلون شرعية ناس، وهناك مئات الآلاف انتخبوا النواب.
وأكد أنه لا ” جديد فيما يتعلق بموضوع الحكومة، وأبرز النقاط التي ينادي بها الحراك هي استعادة الاموال المنهوبة وهذه النقطة على جدول أعمال مجلس النواب”، مشيرا إلى أنه لا يؤيد إجراء انتخابات مبكرة.
وكانت قد نقلت صحيفة “الجمهورية” عن رئيس مجلس النواب نبيه بري تأكيده أن “أولى خطوات تجاوز المأزق الاقتصادي والمالي تكون عبر المسارعة إلى تشكيل حكومة إنقاذ مطعمة من اختصاصيين وعدد محدود من سياسيين، تأخذ على عاتقها تنفيذ أجندة عمل إصلاحية فورية وتلبي مطالب الحراك الشعبي وهي مطالب جميع اللبنانيين ونتبناها بكاملها”.
وشدد على أن “الهم الأساس بالنسبة له هو عقد الجلسة الانتخابية لانتخاب اللجان وإحالة مشروع الموازنة إلى لجنة المال لدرسه، وأما فيما يخص الجلسة التشريعية فهي في موعدها”.
وردا على سؤال عما إذا كانت الحكومة ستغيب عن الجلسة، أكد بري أنه “يكفي أن يحضر وزير واحد، لنشرع. علما أن كثيرا من المجالس النيابية في العالم تشرع في غياب الحكومة”.
وعن الجلسة في حال غابت عنها مكونات مسيحية أو سنية، أوضح أن “نصاب انعقاد الجلسة هو 65 نائبا. ويكفي لعقدها أن يكون من بين هؤلاء نواب من كل الطوائف”.
وأعادت المصارف اللبنانية فتح أبوابها الثلاثاء بعد إقفال قسري خلال الأسبوعين الأولين من الاحتجاجات، ثم إضراب لموظفيها لمدة أسبوع.
ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر تظاهرات غير مسبوقة بدأت على خلفية مطالب معيشية، ويبدو الحراك عابراً للطوائف والمناطق، ويتمسك بمطلب رحيل الطبقة السياسية بلا استثناء.
وزاد من غضب الناس لدى نزولهم إلى الشارع نقص السيولة في المصارف وارتفاع سعر الدولار الذي صار نادرا بسبب وجود تسعيرتين له، الأولى من مصرف لبنان وهي 1507 ليرات لبنانية، والثانية في سوق موازية يرتفع فيها أحيانا إلى حدود الألفي ليرة.
وقرر موظفو المصارف تنفيذ إضراب بسبب تعرضهم للإهانات والتهجم من محتجين دخل بعضهم المصارف وحاولوا سحب مبالغ مالية من دون أن يوفقوا.
وتحت ضغط الشارع، قدم رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته في 29 أكتوبر.
لكن لم يبدأ رئيس الجمهورية ميشال عون استشارات نيابية جديدة لتسمية رئيس حكومة جديد، ما يثير غضب المتظاهرين الذين يطالبون بتشكيل حكومة اختصاصيين.