حقوق المرأة والتنمّر على الرجل!* د. سمر المقرن
النشرة الدولية –
في اليوم العالمي للرجل الذي وافق أمس 19 نوفمبر أجدد التقدير والاحترام للرجال بحق وليسوا ذكوراً بالاسم فقط، فليس كل ذكر رجلاً، فهم خُلقوا ليكملوا النساء وليس ليصبحوا أعداء، فلا يمكن لطرف أن يستغنى عن الآخر. فالمرأة مثلاً أتذكر هنا مقولة ديستوفسكي: (ليذهب كل الرجال إلى الجحيم، هذا ما ستقوله امرأة غاضبة الآن، وفي الصباح ستجري اتصالاً مع الجحيم، تخبره بأنها لم تنم لأنها لم تسمع نبرة صوته). والرجل لا يمكن أن يستغني عن المرأة، وكيف ذلك وأعتى وأنجح الرجال صنعتهم امرأة؟
وأنا ضد بعض النساء اللاتي قد يسخرن من الاحتفال باليوم العالمي للرجل، معتقدات أن حقوق المرأة لا تُؤخذ إلا بمحاربة الرجل والتقليل من شأنه والتنمّر عليه، ويلجأن إلى ترويج هذه الأفكار المتطرفة لتصوير غير منطقي، وكأن المرأة على حرب دائمة مع الرجل، في حين أن حقوقهما ليست فيها ظلم طرف على حساب آخر، وبإمكان المرأة أن تأخذ حقوقها، وكذلك الرجل دون المساس بحقوق طرف على آخر، إلا أن العقلية الناقصة ومحاولة الاستعراض والمفهوم الخاطئ لممارسة «النسوية» هي التي تجعل الأمور تأخذ منحنيات فكرية غير عادلة!
الرجل هو الأب الذي قد يعود من عمله مرهقاً متعباً، وربما يقع أسيراً للديون من أجل أسرته ويبذل روحه فداءً لهم وأقصى أمانيه الحصول على مكافأة لا تعدو ابتسامة طفله الصغير أو ضحكة زوجته الوفية. وهو الحاكم الذي لا يرتد إليه طرفه سهراً على أحوال الرعية، وهو الشقيق الذي يقف حائط صد لشقيقاته أمام تقلبات الدهر، وهو الخال والعم الذي يمسح التراب عمَّن يلقى على أرض الحياة من أبناء إخوته، والابن الذي يفرش جناح الذل من الرحمة لأبوية، بل هو الثعلب الذي برغم مكره يظل رمز الوفاء للزوجة في عالم الحيوانات وليت البشر يتعلّمون منه، فهو لا يقترب إلا من أنثى واحدة فقط طوال حياته وإذا ماتت يظل عازباً مدى الحياة أليس كل هؤلاء يستحقون يوماً للاحتفاء بهم؟
لليوم العالمي للرجل قصة وحكاية، بدأت بتعزيز المساواة بين الجنسين والتذكير بالدور الإيجابي للرجل، لم تقتصر فكرة هذا اليوم على هذه فقط، بل إن هناك تذكيراً بقضايا الرجل الذي تبيَّن أنه الأكثر نسبة في الانتحار، كما هو الحال في بريطانيا الذي تصل الأعداد اليومية فيها إلى 12 رجلاً ينتحر كل يوم بحسب الصحافة البريطانية، ولأسباب عديدة تحتاج إلى البحث والاهتمام.
وفي هذا اليوم يُكرَّم الرجل بعدة دول أجنبية، بينما ما زال هذا اليوم «عربياً» يمر على خجل، بينما لدينا الكثير من النماذج المضيئة والمشرقة في كافة المجالات والتي نفخر بأن نستعرضها ونتعرَّف عليها.
ولأنه يوم الرجل العالمي، فليس في عالمي سوى أول رجل في حياتي وهو أبي -أطال الله في عمره- الذي أراه من أندر الرجال الذي يمهر روحي بصك أبدي أدين له بالجميل.
نقلاً عن جريدة “الجزيرة” السعودية