هل تورطت “فيات كرايسلر” في محاولات لإسقاط “جنرال موتورز”؟
النشرة الدولية –
أقامت صانعة السيارات الأمريكية “جنرال موتورز” دعوى قضائية في العشرين من الشهر الجاري، ضد منافستها “فيات كرايسلر أوتوموبيلز”، بزعم أن الأخيرة متورطة في التدخل لإفساد محادثات التفاوض مع اتحاد عمال السيارات في الولايات المتحدة عن طريق دفع رشى.
وتتماشى الدعوى المرفوعة أمام محكمة المقاطعة في ديترويت مع التحقيق الفيدرالي الجاري، والذي ينظر في وقائع فساد مشتركة بين كبار المسؤولين في اتحاد عمال السيارات ومسؤولين في “فيات كرايسلر”.
وتزعم “جنرال موتورز” أن الرئيس التنفيذي السابق لـ”فيات كرايسلر”، “سيرجيو مارشيوني” -توفي العام الماضي وكان يحظى بتاريخ قيادي طويل وسمعة طيبة في صناعة السيارات – كان الشخصية الرئيسية في المؤامرة.
وتلقي هذه التحركات بظلالها على جهود “فيات كرايسلر” للاستحواذ على شركة “بيجو” الفرنسية والتي من شأنها خلق رابع أكبر شركة منتجة للسيارات في العالم، حيث يخشى محللون انهيار المحادثات وإيقاف الصفقة.
تشرح دعوى “جنرال موتورز” بالتفصيل كيف تآمرت منافستها “على مدى سنوات” بتوجيه الأموال إلى المسؤولين في اتحاد عمال السيارات، وإفساد المفاوضات الجماعية بشأن الأجور، لتضمن لنفسها ميزة تنافسية غير شرعية.
في رواية “جنرال موتورز”، فإن جهود الدمج بين “فيات” الإيطالية و”كرايسلر” التي كانت تتخذ من ميشيغان مقرًا لها، وحتى انتعاش الكيان المدمج الجديد، قام على فساد أشرف عليه الراحل “سيرجيو مارشيوني”.
لكن ربما تواجه الشركة الأمريكية صعوبة في إثبات صحة بعض الأجزاء من قصتها، لا سيما التأكيد على أن هدف المؤامرة المزعومة كان إضعاف أعمال “جنرال موتورز” بشكل عام وإجبارها على الاندماج مع “فيات كرايسلر”.
في المقابل، تقول الشركة الإيطالية إن الدعوى لا أساس لها من الصحة، لكن المدعين الفيدراليين اتهموا مديري الشركة بالفعل بمحاولة الضغط على مسؤولي اتحاد العمال، وأدانوا بالفعل 3 من التنفيذيين بتهم مختلفة.
بغض النظر عما إذا كانت “جنرال موتورز” ستنجح في الحصول على تعويض بقيمة مليارات الدولارات من منافستها أم لا، يبدو أن الدعوى موجهة لمعاقبة “فيات كرايسلر” وزعزعة استقرارها كما يقول بعض المحللين.
في رسالة إلى الموظفين، قال الرئيس التنفيذي لـ”فيات”، “مايك مانلي”: نحن مندهشون من هذه الدعوى، سواء من حيث المحتوى أو التوقيت، لا يمكننا أن نفترض أنها تهدف لشيء سوى تعطيل الاندماج المقترح مع “بي إس إيه”.
ضمت الدعوى الكثير من الاتهامات الواضحة، التي تتجاوز مجرد الادعاء بمنح الهدايا والرحلات والوجبات الفاخرة إلى مسؤولي اتحاد العمال، فبحسب “جنرال موتورز” كانت الخطيئة الكبرى في عام 2009 عندما فازت “فيات” بدعم الحكومة الأمريكية للحصول على حق تشغيل شركة أمريكية عريقة دون مقابل نقدي.
تنال دعوى “جنرال موتورز” أيضًا من سمعة “مارشيوني”، الذي عرف في صناعة السيارات كبطل، لقدرته على خلق قيمة كبيرة للمستثمرين، ومما لا شك فيه أن النيل من سمعته ينعكس سلبًا على الصورة العامة للعلامة التجارية لـ”فيات”.
طبيعي أن تمثل هذه الدعوى والتحقيق الفيدرالي تهديدًا لصفقة الاندماج مع “بي إس إيه” مالكة “بيجو”، ومع ذلك، نقلت “رويترز” عن مصادر مقربة من “فيات كرايسلر” قولها إن الاتفاق لن ينهار على خلفية تحركات “جنرال موتورز”.
لكن سياسة الأرض المحروقة التي تتبعها “جنرال موتورز” قد تأتي بنتائج عكسية عليها، فالاضطرابات التقنية والتنظيمية التي قوضت صناعة السيارات مؤخرًا تحتاج إلى التعاون وليس التناحر.
أخيرًا، نجحت “جنرال موتورز” في التوصل إلى اتفاق عمالي مع الاتحاد بعد أسابيع من الإضراب، لكن إثارة الحديث عن مخالفات القيادات العمالية ربما لن يساعد في إعادة توطيد العلاقات مع العمال.