الكاتبة والشاعرة اللبنانية جوليات أنطونيوس: حلمي الأغلى لوطني أن ينعم بالسلام وأن أترك أثراً صغيراً, سطر يعيش في قلب قارئ بعد أن أذهب من هذه الحياة
النشرة الدولية – حاورها طلال السكر –
ضيفتنا اليوم، الكاتبة والشاعرة اللبنانية، جوليات أنطونيوس، حائزة على إجازة في علوم اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانية. مدير عام شركة ابراهيم تريدينغ كومباني. مؤسِّسة بيت الكورة الثقافي اللبناني وناشطة ثقافية.
تقول عن بدايتها الكتابة كانت في مرحلة التعليم الإبتدائي، تعتبر سيرة الأدباء والشعراء مثل الآلهة. تطوّر شغفها في المرحلة التكميلية. تقول عن أول قراءتها كانت للأديب والشاعر والفيلسوف جبران خليل جبران.
هنا نصَ الحوار
من هي الشاعرة والكاتبة جوليات انطونيوس؟
– جوليات أنطونيوس لبنانية مواليد رشدبين – الكورة حائزة على إجازة في علوم اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانية.
مدير عام شركة ابراهيم تريدينغ كومباني.
مؤسِّسة بيت الكورة الثقافي اللبناني وناشطة ثقافية.
متى بدأت جوليات الكتابة؟ و كيف ساهمت سنوات النشأة الأولى في تشكيل وعيك الثقافي وذائقتك الإبداعية؟
البدايات كانت في مرحلة التعليم الإبتدائي حيثُ كنتُ شغِفة بسيَر الأدباء والشعراء حتّى إنني كنت أعتبرهم كالآلهة, أدقق بمسيرتهم وأتمثّل بهم وأحفظ أشعارهم التي كانت تسمّى في المناهج التعليمية “استظهار” وأتفاعل معها , ثمّ تطوّر هذا الشغف في المرحلة التكميلية والثانوية فبدأت أتعرف إلى القراءة الفعلية وأذكر أوّل قراءاتي كانت للأديب والشاعر والفيلسوف جبران خليل جبران, تعلّقت به رغم أنني لم أكن أعي بعد عمق أدبه ثمّ كرّت السبحة مع ميخائيل نعيمة ومارون عبود وايليا أبو ماضي وغيرهم .. وفي هذه المرحلة بدأت أتهجّأ مشاعري واخوض هذا العالم السحري ببعض الأشعار والرسائل التي لا زلت أحتفظ ببعضها, ولا أنسى تأثير تعلّق والدي بالشعرالزجلي اللبناني الذي كان أوّل شعاع ضوء يمسّ روحي ويثبّتني في محبّة الشعر العامي وهذا ما جعلني أتحوّل لاحقا لكتابته.
من كان يدعم ويؤازرك حتى وصلت الى ما انتِ عليه الآن؟
في البداية كنت أكتب وأحتفظ بكتاباتي وأحلم أن أنشرها يوما ولكن لأنني من قرية ريفيّة بعيدة عن المدينة حيث الوسط الثقافي ونظرا لواقع الحرب التي كان مسيطرة آنذاك وصعوبة الحياة, كنت أجد هذا الحلم صعب التحقيق, فلا الظروف ولا البيئة مشجّعة على الإبداع, لذلك أعتبرت الكتابة في تلك المرحلة مساحة شخصية لي حتّى أنني ابتعدت عنها لفترة فتزوّجت وبدأت العمل وأسست عائلتي الصغيرة, ولكنّ شئ ما كان يشدّني دائما إلى الورق فلم أنقطع عن القراءة بمختلف المجالات ولم أنقطع عن الحلم, ومع مرور الوقت وتطوّر التواصل التكنولوجي والإجتماعي استطعت أن أخرق هذه المسافة وأعبر بمجهودي الشخصي إلى الوسط الثقافي فعدت إلى الكتابة وتعرّفت إلى الكثير من الأصدقاء الذين آمنوا بي في الوسط الثقافي وكان للشاعر السعودي الأستاذ ابراهيم الجريفاني بصمة جميلة في بداية مسيرتي وكذلك للشاعر الكبير المير طارق آل ناصر الدين الذّي قدّمني إلى عالم الشعر من خلال تقديمه لكتابي الأوّل خطيئتي في العام 2011.
هل ترين أن للصالونات الثقافية أهمية في زمننا الحالي؟
الحركة الأدبية عامّة تحتاج إلى سقف يظلل المواهب الجادّة ويساهم في إبراز الدور الثقافي في المجتمع والصالونات الثقافية على اختلاف مستوياتها تساعد على تنشيط دور المثقف وتفعيل حضوره إعلاميا وتسهّل له الوصول إلى القارئ والإنتشار وهذه ناحية ايجابية لا يمكن انكارها ولكن هناك ناحية أخرى يجب علينا الإنتباه لها وهي أنّ الأدب والشعر ليس علاقات وإعلام وإنّما نصوص وموهبة.
ما المواصفات الواجب توافرها في الكاتب الروائي أو الروائية؟
في أي مجال من مجالات الأدب تلعب الموهبة الدور الرئيسي فهي الشيء الذي يميّز الكاتب أو الروائي عن آخر حيثُ أنّ الموهبة تنبع من جوهر الذات المؤثر وتصنع الملامح الأولى لأيّ مولود أدبي ولكنّها طبعا لا تكفي وحدها لإيصال النص إلى مرحلة النضوج الأنيق من حيث الشكل والمضمون لذلك يحتاج الكاتب إلى اختيار الأسلوب وصقل اللغة وتطوير المخزون الثقافي من خلال القراءة والإطلاع الواسع على شتّى أنواع الفنون الأدبية بما يجاري التطوّر الفكري الإنساني.
باعتقادي الشخصي, إنّ النص الأدبي كصلاة جمالية ذاتية تخطفنا إلى عالم الجمال والإبهار وترتفع بنا إلى عوالم يختارها الكاتب أو الروائي فنعيشها بكل تفاصيلها ونتفاعل معها فكريا ووجدانياً. باختصار على الكاتب أن يضخّ الروح في نصّه لكي ينتمي للحياة.
هل تعترضين على نجومية بعض الشعراء والكتاب؟
لا أجد ضرراً من نجوميّة بعض الشعراء والكتاب بل على العكس أنا أجد بأنّه قد آن الأوان ليستعيد الشاعر والكاتب مكانته وسطوعه في المجتمع فنحن بحاجة للعودة إلى التمسّك بالوجه الجميل للغتنا ولمجتمعنا ولثقافتنا. ولكن المزعج هو بروز بعض الوجوه الغير مستحقّة وإهمال بعض الوجوه الأدبية المشعّة فلا تُعطى حقّها في البروز والإنتشار (وقد ذكرت سابقا بأن الكتابة لا تقاس بالعلاقات والإعلام والأضواء). في النهاية الزمن كفيل بالغربلة والنجم الحقيقي هو من تسطع أعماله وتبقى مشعّة عبر الأجيال.
كم تمنحكِ أو منحتكِ حريّة في صوغ النصّ، في كتابته؟
مجرّد أن أفكّر في خوض تجربة الشعر والكتابة ذلك يستدعي الكثير من الشجاعة فأنا ألقي بنفسي على الأوراق وأتلاشى في بياضها أصرخ بحرّية أصارع المجهول فيتناثر السواد الموحل كأوّل المطر لكنّه سرعان ما يتغلغل بين السطور فيقرع أبواب العين ربيع العشب. هكذا يمنحني النصّ الشعري حرّيتي, يُعيد اكتشافي, يعرّفني إلى ذاتي ثمّ يكتبني.
الإبداع يحتاج إلى الحرّية ويفرض إيقاعه الخاص هو ينظّم نبضاته يسرع ويبطئ متى وكيفما يشاء وأي محاولة لتكبيله تفقده الكثير من حيويته ونضارته وتأثيره وجماله.
هل من تجربة ندمت عليها؟
نخوض في الحياة تجارب كثيرة قد نشعر بالندم الآنيّ على بعضها ولكننا سرعان ما نكتشف بأنّها أضافت إلينا وجعلتنا أكثر نضوجاً ووعياً ومسؤولية, لذلك لا أندم على شيء تعلّمت منه.
ماذا تعني لك المفردات التالية: المرأة، الرجل، الأرض، الحب؟
المرأة هي الوطن.
الرجل هو الأمان.
الأرض هي الأم.
الحب هو الحياة .
ما هي اللغات التي تجيدينها إضافة للعربية؟
أجيد اللغة الفرنسية الى جانب القليل من اللغة الفارسية.
هل فكرت في الكتابة بغير العربية للتواصل مع قارئ من ثقافة مغايرة؟
لم أفكّر بذلك ولكن كتبي موجودة للمشاركة في إحدى فروع المكتبة العامة في فرنسا Mediatheque de L’Agora- France
ما المحرّك الأكبر في أعمالك؟
المعاناة الإنسانية, الوجود, المجتمع, الوطن, الطبيعة, الحب, كلّها تعنيني وتستفزّني للكتابة, فالحواس تختزن الأشياء الملموسة فيحوّلها الشاعر إلى حسّ مؤثّر نابع من ذاته المتأمّلة , يحررها من قيود الواقع ويلبسها حلّة الجمال والدهشة وأحيانا الشجن الجميل, ينصهر بها ثمّ يهديها إلى القارئ نصّا ينبض بالحياة.
ما هو الحلم الدّائم الذي يداعبك؟
الحلم الأغلى على قلبي لوطني أولاً وهو أن ينعم بالسلام وثانيا أن أترك أثراً صغيراً, سطر يعيش في قلب قارئ بعد أن أذهب من هذه الحياة.
هناك اتّجاه إلى تداخل الأجناس الإبداعيّة في المنتج الإبداعيّ العربيّ. كيف ترين ذلك؟
لا شك أنّ الإحتكاك المباشر بالحركة الإبداعية العالمية وهذا الإنفتاح الفكري الكبير والمباشر مع العالم يشكّل نقطة تحوّل مهمّة في الحركة الإبداعية عامّة وأنا أجد من الجيّد أن تُفتح آفاق جديدة للمبدع العربي ليطوّر بالأجناس الأدبيّة فنحن بحاجة الى مشاركة التجارب المختلفة والتعمّق بها والإستفادة منها بتجديد المنابع والبحث عن ما يُغني تجربتنا مع إخلاصنا لخصوصيّتنا ولغتنا وتراثنا الأدبي.
ماذا تقرأ الشاعرة جوليات انطونيوس؟ ولمن تقرأ؟ ومن هم الكتّاب والرّوائيون الذين أثّروا في توجّهها الأدبيّ؟
قراءاتي متنوّعة بين الشعر والفلسفة والرواية والأدب العالمي ومن الطبيعي أن يترك كل نوع أدبي وكل شاعر أو كاتب وروائي أثره في إنضاج تجربتي وإثراء المخزون الشعوري و الفكري والثقافي لدي, لذلك لا يمكنني أن أحدد إسما من مدرسة أدبية معينة
ما هي أخر نشاطاتك؟
حاليا أعمل على تحضير ديوان شعر باللهجة العامية بعنوان “خربشة” إن شاء الله يصدر قريباً
ما هي أمنية جوليات انطونيوس؟
أتمنى أن نعيش بعالم يحكمه العدل حيث لا نَقتُل ولا نُقتَل فيه من أجل السلام.
كلمة أخيرة.
أودّ أن أتوجّه بجزيل الشكر والتقدير لكم أستاذ طلال ولأسرة تحرير النشرة الدولية والشكر موصول للقراء الكرام, أرجو أن يجدوا في هذا الحوار بعض المتعة والإفادة.