الجسور في لبنان والعراق… قطعها المتظاهرون لكي يصلوا* سوسن مهنا

النشرة الدولية –

تُعتبر السيطرة على الجسور أمراً استراتيجياً خلال الاحتجاجات، إذ يسعى المتظاهرون إلى قطع الجسور التي تشكّل الشريان الحيوي الذي يربط أجزاء أي مدينة ببعضها، لتعطيل الحياة فيها، في محاولة للضغط على السلطات، علّها تستجيب لمطالبهم.

كما أن للجسور أهمية خاصة في الحروب، ما يجعلها هدفاً استراتيجياً تجب حمايته، وأحياناً يتطلب الأمر تفجيرها حتى لا تمر عليها القوات الغازية.

وشهد العالم كثيراً من تجارب قطع الجسور خلال التظاهرات أو الحروب. مثلاً، في العاصمة البريطانية لندن، تظاهرت مجموعة تطلق على نفسها اسم Extinction Rebellion ضد تغيير المناخ، بإغلاق بوابات جسور بالقوة، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، فاحتلت خمسة جسور، هي وستمنستر ولامبث ووترلو وبلاكفريارز وساوث وورك بريدج.

العراق

وفي العالم العربي، تشهد التظاهرات في العراق محاولة للسيطرة على الجسور التي تربط بين ضفتي نهر دجلة بالعاصمة بغداد، ومنها جسور الأحرار والشهداء والسنك والجمهورية. ويُعد الأخير الشريان الحيوي الذي يربط ساحة التحرير بالمنطقة الخضراء في بغداد، التي تضم مقرات الوزارات والهيئات الحكومية والجيش، ومقر السفارة الأميركية. وهذا ما أجبر موظفي المؤسسات الحكومية الواقعة على ضفتي نهر دجلة على عبوره بواسطة القوارب للوصول إلى عملهم. كما قطعت جسوراً في المدن الجنوبية، الناصرية (جسور الحضارات والزيتون والنصر) والنجف والبصرة (جسور الإيطالي والكزيرة وخالد) في مواجهات أُطلق عليها “معركة الجسور”.

ويعتبر المتظاهرون العراقيون عمليات قطع الجسور تطبيقاً للعصيان المدني المعلن، وهي تؤمن الحماية لكل الطرقات المؤدية إلى ساحة التحرير، وسط العاصمة والمركز الرئيس للاحتجاجات.

ويقول المحلل السياسي العراقي هيوا عثمان لـ “اندبندنت عربية” إن “قطع جسور الجمهورية والسنك والأحرار عملية مهمة جداً. فالأول يربط ساحة التحرير بالمنطقة الخضراء، ويشهد حركة مرور كثيفة. أما الثاني، فيربط بغداد بمقر شبكة الإذاعة والتلفزيون العراقية والسفارة الإيرانية، بينما يُعتبر جسر الأحرار صلة وصل بين العاصمة والجانب الشرقي من نهر دجلة (الرصافة)، الذي يضم أهم التجمعات التجارية. لكن الاقتصاد العراقي يعتمد على النفط، وما يؤذي السلطات العراقية كثيراً، هو إغلاق الموانئ، كميناء أم قصر مثلاً أو الحقول النفطية الموجودة في الجنوب”.

لبنان

في لبنان أيضاً، قطع المتظاهرون جسر الرينغ، في وسط العاصمة بيروت، وجسرَيْ جل الديب والكولا على أطرافها.

ويفصل الرينغ بين المناطق الإسلامية والمسيحية، وهو قريب من منطقة الخندق الغميق الشيعية. أما جسر جل الديب، فهو نقطة مهمة، لأنه معبر بيروت إلى الشمال والعكس. وجسر الكولا يربط المطار بوسط المدينة.

ويقول الخبير العسكري اللبناني الجنرال خليل الحلو إن “قطع الجسور له أهمية كبيرة في شل الحركة وعرقلة الحياة العامة. فهندسياً، تُبنى الجسور لتسريع التواصل بين المناطق. لذا، عمدت إسرائيل إلى قطع 73 جسراً خلال حرب تموز 2006، لعرقلة وصول الإمدادات إلى حزب الله. وبالنسبة إلى المتظاهرين النتيجة هي نفسها، سواء بقطع جسر أو شارع أو أوتوستراد. فالهدف هو شل الاقتصاد وعرقلة التواصل، لكن قطع الطرقات سيف ذو حدين. فإذا طالت المدة، سينقلب من كان يؤيد إلى معارض، لأن الطرقات هي شرايين المدن. مثلاً، عبر جسر الرينغ يستطيع سكان رأس بيروت والباشورة والخندق الغميق الوصول إلى التباريس ووسط العاصمة والعكس صحيح. وفي جميع الأحوال، تختلف الوقائع الجغرافية بين بيروت وبغداد، خصوصاً أن الجسور في الأخيرة تصل ضفتي النهر ببعضهما”.

في الحروب

لقطع الجسور خلال الحروب سيئات كثيرة، إذ يصيب التجمعات السكنية القريبة منها بمقتل. وهذا ما يحدث في سوريا. فمثلاً في مدينة دير الزور، التي يقسمها نهر الفرات إلى جزأين، دُمّرت معظم الجسور (البعث والثورة والكنامات وغيرها)، التي تُعتبر شريان الحياة بالنسبة إلى سكان المدينة.

وبعد تدميرها، يعاني الأهالي من صعوبة التنقل بين مناطق المحافظة، كما في وصولهم إلى محافظات أخرى، مثل الرقة والحسكة. ويستعين السكان للانتقال بين ضفتي النهر بوسائل بدائية مثل الزوارق الصغيرة، ما يعرّض حياتهم لخطر الغرق، كما يؤخرهم عن الوصول إلى غايتهم.

نقلاً عن اندبندنت عربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button