الصحافي اليمني “تيسير السامعي” يروي “للنشرة الدولية” حيثيات إعتقاله التعسفي من قبل الحوثي
اليمن – محمد المياس / مراسل النشرة الدولية –
لم تكتفي جماعة الحوثي – أنصار الله – التي لا تزال تسيطر مليشياتها المسلحة على مناطق واسعة في اليمن، بإستهداف المدنيين اليمنيين ومؤسساتهم ومصادر قوتهم اليومية والبرامج الغذائية والإنسانية الدولية المرسلة لهم، بل تجاوزت هذه السياسات الهمجية ضد أبناء الشعب اليمني وكوادره ومصالحة، لتستهدف أيضا صحافته الوطنية والعاملين في مؤسساتها، وممارسة الإعتداءات العسفية والإعتقال والإختطاف والإخفاء القسري لما يزيد عن 13 من الكوادر اليمنية الإعلامية، وغيرهم في مراكز الاحتجاز التابعة لها، وتعريض حياتهم وسلامتهم الشخصية للخطر المتزايد في ظل تعقد وتيرة الصراع المسلح الذي تشهده البلاد منذ سنوات.
وفي الوقت التي تعددت فيه نداءات المنظمات الحقوقية والإنسانية وغيرها المعنية بالدفاع عن حقوق الصحفيين، لقادة هذه الجماعة المسلحة لمطالبتها بالكف عن استهداف الصحافة وعمالها، وبسرعة الكشف عن مصير كل الصحفيين والإعلاميين الذين أخفتهم قسرا في غيائب مراكز إعتقالها سيئة السمعة، والافراج المباشر عنهم دون أي مزيد من التأخير، ظهرت مطالبات دولية حقوقية أخرى بإجراء تحقيقات حول الإنتهاكات التي إقترفتها هذه المليشيات ضد الإعلاميين، بما في ذلك تطبيق نظام المساءلة والمحاسبة ضد كل ضالع من عناصرها بهذه الإنتهاكات، وذلك وفقاً للقوانين الوطنية النافذة، والقانون الإنساني الدول وبروتوكولاته العالمية.
وفي محالة لإلقاء الضوء على جانب من هذه القضية، قام مراسلنا في اليمن، بإجراء لقاء موجز مع أحد الصحفيين اليمنيين تيسير السامعي، الذين إختطفتهم عناصر مليشيات الحوثي أثناء تغطيته للأحداث الجارية ونقله لمعاناة الناس.. ورغم محاولاته لتجنب الخوض بالأمور العسكرية أثناء تأديته لمهمته الإعلامية تلافيا لإختطافه، إلا أن ذلك لم يشفع له لدى الحوثي و لم يمنع إختطافه من قبلهم وتكبيده ثمنا كبيرا نظير خروجه من سجن الاختطاف.
-
في البداية أخبرنا من هو تيسير السامعي ؟
– تيسير السامعي مواطن يمني يمارس الصحافة منذ 12 عاما، ولكن مزاولتي للصحافة كهواية لذا فأعتبر نفسي صحفي هاوي، والحمدلله استطعت ان أحقق شيء في هذا الجانب ، كان أملي من خلال العمل الصحفي أن أساهم في بناء دولة يمنية حديثة .
-
بما أنك تمارس الصحافة كهواية وليس كـ تخصص علمي هل لديك شهادة علمية لتخصص آخر درسته ؟
– أكيد حاليا أعمل موظف في مكتب الصحة والسكان، وشهادتي خريج دبلوم عالي في صحة الفم والأسنان، بمعهد أمين ناشر سنة 2000م وعملت في طب الأسنان لفترة زمنية طويلة مايقارب 8 سنوات، وبعد ذلك توقفت عن ممارسة مهنة طب الأسنان واتجهت للعمل التثقيفي والتوعية الصحية ومن ثم دخلت العمل في الميدان الصحفي وحاليا أدرس الصحافة في جامعة العلوم والتكنولوجيا وعلى وشك التخرج إن شاء الله .
-
ما الحافز او الدافع الذي جعلك تترك الطب وتتجه إلى العمل الصحفي ( مهنة المتاعب) ؟
– الحافز الأساسي هو الهواية وحب الصحافة؛ لأنه كان لي ميول وحب كبير للصحافة منذ ان كنت طفلا وكان أملي وحلمي أن أكون صحفي و أدرس الصحافة لكن لم اتوفق لدراسة هذا المجال، فدرست طب الأسنان لكن بعد تخرجي من طب الأسنان بقى حبي للصحافة فبدأت أمارس العمل الصحفي من باب الهواية كما قلت لك، ولم أعتبر نفسي صحفي محترف بل صحفي هاوي، إضافة إلى عملي في الجانب الطبي؛ لكن عملي الإعلامي والصحفي طغى على عملي في الطب واشتهرت وصار الناس يعرفونني تيسير الصحفي أكثر من تيسير الطبيب، وصار تعامل الناس معي كصحفي وليس كطبيب، وهذا هو سبب تركي للعمل الطبي واهتمامي بالعمل الإعلامي.
-
بعد هذا الحوار دعنا ننتقل للحديث عن حادثة اختطافك التي كانت قبل عامين من قبل جماعة الحوثي، حدثنا كيف تم اختطافك وما السبب؟
– طبعا عندما بدأت الحرب كنت أحد الصحفيين الذين حاولوا نقل معاناة اليمن للعالم وبالذات محافظة تعز وما تعانيه من حصار عبر الفضائيات، فكنت دائما أحاول التركيز على الجانب الإنساني من ناحية معاناة المواطنين خاصة، حاولت أن اتجنب ناحية الحرب بقدر المستطاع فلم أكن أميل للدخول في جانب الصراع الحربي لأن هدفي كان هو نقل المعناة الناتجة من الحرب.
حاولت تجنب الأخذ في الجانب الحربي قدر المستطاع لكن رغم ذلك تم اختطافي! وكانت تهمتي أني صحفي؟!
وكان اختطافي في تاريخ 2 – 1 – 2017 أثناء ما كنت أوصل ولدي إلى المدرسة وكانت عملية الاختطاف عملية صعبة جدا كوني كنت برفقة ولدي فقد كنت اترجاهم ان يتركوني أوصل ولدي للمدرسة لكن مع الأسف رفضوا فكان ذلك الموقف صعب جدا ان يقوم مجموعة باختطافك وأنت مع ولدك الصغير فكان موقف صعب، لكن الحمدلله صار كل ذلك من الماضي فبعد ان تم اختطافي اخذوني إلى سجن الصالح وبعدها إلى سجن ذمار وقضيت فيها 6 أشهر وبعد ذلك خرجت والحمدلله.
-
هل كانت هناك تهمة مباشرة وجهت لك أثناء التحقيق في السجن ؟
– تهمتي كانت أنني صحفي أظهر على الفضائيات رغم تجنبي للمماحكات الحربية، لكن عند الميليشيات لا وجود لتلك الفوارق او الحساسية لعملك بشكل عام هم فقط بمجرد ان يعرفوا بأنك صحفي يقومون باعتقالك.
وعند التحقيق حاولت جاهدا ان أوضح لهم بأنني صحفي مهتم بالجانب الإنساني فقط ولم يكن لي علاقة بالجانب السياسي او الحربي ولا حتى بأطراف الصراع لكن يبدو ان للمليشيات كان وجهة نظر أخرى.
-
مانوع الأسئلة التي كانت توجه إليك؟
– كانت معظم أسئلتهم ما عملك؟ وأين تعمل؟ .. وأكثر الأسئلة التي كانت توجه لي عن ماسبب اتفاقنا مع الشرعية؟ وكان موقفي واضح أن الشرعية أتعامل معها ليس كشخص وإنما مرجعيات ومخرجات الحوار الوطني وتوفق وطني ونحن لاندافع على الشرعية كأشخاص وإنما كمبادئ وقيم، وبالتالي شرعية الرئيس عبده ربه هي بالأصل جاءت من حوار وطني، وكنت أركز في اقوالي ان الشرعية هي حوار وطني بغض النظر عن الأشخاص، ورغم ذلك إلا أنهم لم يقتنعوا بكلامي بل أنه لم يعجبهم واصروا على زعمهم بأني مع العدوان وأن كلامي معناه ولائي للعدوان، حاولت مرارا ان أقول لهم بما أنكم تتهمونني بذلك فحولوني للقضاء، وأيضا لايعجبهم ذلك. لكن الحمدلله لأنها انقضت.
-
طيب ماذا عن طريقة التعامل كيف كان تعامل الجماعة معك أثناء الاختطاف وأثناء فترة سجنك؟
– باختصار كان تعاملهم معي لا يختلف عن معاملتهم مع بقية المختطفين بتلك الطريقة التي نقرأ ونسمع عنها والتي لاترتقي إلى الإنسانية.
-
هل كان يسمح لعائلتك بزيارتك أثناء فترة سجنك؟
– للأسف أنا لم أحظى بأي زيارة من اي شخص طوال فترة سجني سوى زيارة واحدة من أخي وكانت بشكل غير لائق، لكن فقط كان تواصل مع أسرتي عبر الهاتف بين الحين والآخر وكان ذلك نادرا جدا.
-
الصحفي تيسير السامعي نأتي إلى عملية خروجك من السجن ممكن أن تحدثنا كيف تم الإفراج عنك رغم أن هناك الكثير من الصحفيين المختطفين في سجون جماعة الحوثي منذ بداية اندلاع الحرب حتى اليوم ولم يتم الافراج عنهم ؟
– كان خروجي من السجن بتوفيق من الله تعالى ثم من بعد الله كان الأستاذ سلطان السامعي عضو المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين وكان له دور كبير في الإفراج عني كونه سعى إلى ذلك من خلال موقعه في المجلس السياسي عند أنصار الله وتم خروجي بكفالته بالاضافة إلى أنني منعت من ممارسة عملي كصحفي وحتى الآن مازلت بعيدا عن الصحافة حتى يكتب لي الله أمرا كان مفعولا.
-
هل أفهم من كلامك أن خروجك كان بشرط أن تتوقف عن ممارسة العمل الصحفي وبالتالي أنت التزمت بذلك ؟
– نعم هذا الشرط كان مقابل خروجي وأنا ملتزم بذلك من الجانب الأخلاقي .