أردوغان يهدد بإغلاق “إنجرليك” و”كوريجيك”.. من سيتضرر واشنطن أم أنقرة؟
وكالات – هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأحد، بإغلاق قاعدتي إنجرليك وكوريجيك الأميركيتين في بلاده “إذا لزم الأمر”، وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، قد تطرق هذا الأسبوع إلى وضع هاتين القاعدتين، مشيرا إلى أن قرار إغلاقهما يمكن أن “يطرح على الطاولة” ردا على أي عقوبات قد تفرضها الولايات المتحدة على تركيا، في خطوة يلجأ إليها المسؤولون الأتراك عند كل توتر دبلوماسي بين أنقرة وواشنطن.
ولكن مع اشتداد التوتر بين الولايات المتحدة وتركيا، يحذر محللون من أنه في حال إغلاق قاعدة إنجرليك، القاعدة الجوية الرئيسية للحلف الأطلسي في تركيا، فإن أنقرة هي التي ستدفع الثمن غاليا.
تستخدم القاعدة بشكل رئيسي القوتان الجويتان التركية والأميركية، ولكنها تستخدم ايضا من قبل القوة الجوية الملكية البريطانية وقوات جوية من دول أخرى منها السعودية. وقاعدة انجرليك الجوية هي مقر السرب العاشر التابع لقيادة القوة الجوية التركية الثانية، كما أنها مقر السرب الـ 39 بالقوة الجوية الأميركية.
وللقاعدة التي بدأت الولايات المتحدة العمل في بنائها في ذروة الحرب الباردة عام 1951 مدرج واحد يبلغ طوله 3,048 مترا، إضافة إلى نحو 57 حظيرة للطائرات، وتضم 150 رأسا نوويا نشرتها الولايات المتحدة في القاعدة، فيما تتحدث تقارير عن تخزين 50 رأسا نوويا في القاعدة حاليا.
كورجيك
تحمل قاعدة كورجيك أهمية مختلفة كونها قاعدة أنشئت بدرجة أساسية من قبل حلف الناتو في ولاية ملاطيا التركية وسط جنوب تركيا ليس بعيدة عن الحدود مع سوريا والعراق وإيران، وهي قاعدة أقيمت خصيصا بعد التوافق عليها بين زعماء الناتو عام 2010 وهي مخصصة لأنظمة المراقبة وجمع المعلومات والدفاع.
وجرى طرح أهمية القاعدة في مرات مختلفة متعلقة بجمع المعلومات الاستراتيجية عن مناطق النزاع في سوريا والعراق، لكن أهمية القاعدة تتعلق أكثر بالملف الإيراني ووجود قاعدة رادار متقدمة لحلف الناتو على الحدود مع إيران وذلك في ظل التوتر المتصاعد بين طهران والحلف والخشية من وقوع نزاع مسلح مع إيران، إذ إنها تحتوي على أنظمة لاعتراض الصواريخ الباليستية ويوجد فيها عشرات الجنود الأميركيين.
أهمية القاعدتين لتركيا
محللون يؤكدون أن تركيا هي المتضرر الأكبر في حال اغلاق هاتين القاعدتين، وفي هذا السياق كان مدير مركز الدراسات حول الشرق الأوسط جوشوا لانديس عبّر عن رأي مماثل، مؤكدا أن “تركيا هي التي ستعاني أكثر” جراء الأزمة مع واشنطن، وقال لوكالة فرانس برس “أعتقد بقوة أن إنجرليك ستبقى”، مضيفا “إن طرد الولايات المتحدة سيشكل انتكاسة كبرى لتركيا، ولا أظن أن إردوغان يريد ذلك”.
وكان مركز “بايبارتيزان بوليسي سنتر” للأبحاث الذي يشجع على التسويات بين الجمهوريين والديموقراطيين، نشر سابقا على موقعه خارطة للمنطقة أدرج عليها كل الحلول البديلة الممكنة عن قاعدة إنجرليك للعمليات الأميركية في الشرق الأوسط، ولا سيما قواعد جوية في الأردن والكويت.
كيف ستضرر تركيا؟
فعليا، في حال اغلاق القاعدتين تحرم أنقرة من حليفين مهمين هما واشنطن وحلف الناتو، ورغم التوترات التي تشهدها العلاقات بين الطرفين بين حين وآخر، تدرك تركيا أن تقاربها مع موسكو تقارب مؤقت مرتبط بمصلحة آنية، وهي الأزمة السورية، وأن ملفات الخلاف بين البلدين أكثر من ملفات التوافق، ويعزز من ذلك حجم ملفات الخلاف التاريخية بينهما. ولا يزال لعدد من هذه الخلافات امتدادات حتى الوقت الحالي، يأتي على رأسها تعزيز روسيا نفوذها في البحر الأسود، واعتبار أنقرة ذلك تهديدا لأمنها القومي، ورفض أنقرة الاعتراف بضم روسيا لجزيرة القرم الأوكرانية، والتنافس بين الدولتين في منطقة القوقاز، ودعم روسيا السياسي والعسكري لأرمينيا في مواجهة دعم تركيا لأذربيجان.
وستخسر تركيا أيضا الدعم الأميركي في حال انهيار العلاقات مع موسكو، على غرار ما حدث في نوفمبر 2015، عندما قامت أنقرة بإسقاط مقاتلة روسية على الحدود مع سوريا بدعوى انتهاكها الأجواء التركية، إذ سارعت تركيا إلى اللجوء لحلف الناتو خوفا من رد عسكري روسي، وعقد الحلف اجتماعا طارئا بناء على طلب من أنقرة، وأيد حقّ تركيا في الدفاع عن نفسها، وردت روسيا وقتها بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا، وقطعت جميع علاقاتها العسكرية معها، ولم تتحسن العلاقات بين البلدين إلا في يوليو 2016 على خلفية التوتر في العلاقات الأميركية – التركية.