الأردن .. والإدارات الأميركية* رجا طلب

النشرة الدولية –

غُلف تاريخ العلاقات الأردنية–الأميركية بغلاف من الشك والريبة منذ البداية، أي منذ عهد الرئيس هاري ترومان الذي استهل فترة إدارته بالاعتراف بإسرائيل كثاني دولة في العالم بعد الاتحاد السوفيتي وقتذاك، لقد كان هاري ترومان واقعا تحت ضغط عاملين اثنين دفعاه لذلك الاعتراف، الأول كانت الدعاية الصهيونية التي تحدثت عن المجازر التي ارتكبها هتلر بحق يهود أوروبا، أما العامل الثاني فقد كانت قناعته بأن نسبة الناخبين له من أصول عربية كانت متدنية على عكس الناخبين اليهود، وحاول مستشاروه في ذلك الوقت ثنيه عن الإقدام على ذلك الاعتراف لمعرفتهم بالقوة الاقتصادية الهائلة الممثلة بالنفط التي سيمتلكها العرب، إلا أنه قرر الانحياز لإسرائيل.

أما السخونة بالعلاقة بدات مع عهد الحسين رحمه الله وإدارة ايزنهاور حيث حرص الحسين وبحنكته السياسية تعويض العلاقة مع بريطانيا التي كانت تنسحب نسبياً من الشرق الأوسط بالعلاقة مع واشنطن القوة العالمية الجديدة مع بداية عهده بالحكم، واكتشف رحمه الله أن واشنطن محكومة إلى حد كبير بقوة التأثير اليهودي – الصهيوني وكانت حرب عام 1967 وخسارة الأردن القدس والضفة الغربية الغصة الكبرى في قلبه رحمه الله، وكانت في ذات الوقت الدليل القاطع على أن واشنطن على تفاهم كامل في الموضوع الفلسطيني ورؤيتها للشرق الأوسط مع الرؤية الإسرائيلية.

كانت الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ عام 1967 وإلى هذا اليوم متطابقة الرؤية مع إسرائيل، إلا أن إدارة بيل كلينتون كانت بالنسبة للأردن وبتقييم الحسين هي أكثر الإدارات الأميركية تفهماً لمصالح الأردن ودعماً لها، وكان الرئيس كلينتون أحد أهم الرؤساء الأمريكيين المتحررين من سيطرة اللوبي الصهيوني وهو ما دفع هذا اللوبي إلى محاولة إدانته في قضية «مونيكا لونسكي»، وفي اعتراف عدد من الذين كانوا مقربين من الحسين فقد أكدوا على أنه كان ينظر لكلينتون كصديق حقيقي للأردن وداعم لمصالحه.

عدد من الانتكاسات أصابت العلاقة مع واشنطن، ولكن أكثرها خطورة كانت تلك العلاقة مع إدارة ترمب الذي تماهى تماماً مع إسرائيل وعلى عكس معظم تلك الإدارات التي كانت تحاول قدر الإمكان إحداث التوازن بين مصالح أميركا من جهة وبين إسرائيل والعرب من جهة ثانية، فقد وقع ترمب في فخ التحالف الإنجيلي – الصهيوني والذي كرسه رئيساً لخدمة المشروع «الإنجيلي» في فلسطين والمتمثل في تهويد القدس وبناء هيكل سليمان «الهيكل الثالث» في أرض المسجد الأقصى بعد هدمه حيث تعتبر هذه الخطوة ضرورية جداً لاستكمال شروط عودة المسيح، وبالنسبة لترمب مازال يراهن على الصوت الإنجيلي (180 مليون) في الانتخابات الرئاسية القادمة بعد عامين فهو يريد حصاد ما قدمه لهم في موضوع القدس.

الرأي الأردنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button