ما لا تعرفونه عن كارلوس غصن.. سيرة وثروة* إعداد عزة الحاج حسن
النشرة الدولية –
سطع إسم كارلوس غصن في عالم الأعمال وصناعة السيارات على مستوى العالم. حقق الكثير من الإنجازات، وحاز العديد من الأوسمة في دول العالم كما في لبنان. صُنّف كواحد من أقوى 10 رجال أعمال بالعالم، قبل أن يتلازم اسمه منذ العام 2018 في قضايا فساد مالي وتهرّب ضريبي، دفع باليابان إلى توقيفه وإخضاعه لإقامة جبرية تمهيداً لمحاكمته، انتهت بهروبه إلى بيروت ليلة 31 كانون الأول 2019.
فمن هو كارلوس غصن؟ وما الذي دفع باسمه إلى العالمية؟ وهل من ممتلكات واستثمارات تربطه بلبنان؟
نشأة كارلوس غصن
ولد كارلوس غصن في مدينة بورتو فاليو البرازيلية عام 1954، وانتقل مع عائلته إلى بيروت بعمر 6 سنوات، أتم مرحلته الدراسية في المدرسة اليسوعية في لبنان، بينما أتم تعليمه الجامعي في باريس في فرنسا. وحمل شهادة في الهندسة الكميائية. ثم تابع دراسته في مجال العلوم الإنسانية.
بدأ غصن حياته المهنية في شركة ميشلان. وهي أكبر شركة أوروبية لصنع الإطارات المطاطية. وعمل في فروع الشركة في فرنسا وألمانيا، ثم اختير رئيساً للمشروع في إحدى المدن الفرنسية، قبل أن يُعينَ رئيساً لقطاع البحوث والتطوير بشركة ميشلان، ثم رئيساً لعمليات الشركة في أميركا الجنوبية، ولاحقاً رئيساً لقطاع عمليات الشركة في أميركا الشمالية. منذ عام 1989 بدأ نجم كارلوس غصن يسطع بين الشركات، فاستقطبته شركة رينو الفرنسية للسيارات عام 1996 للعمل لديها، وعينته في منصب نائب رئيس تنفيذي، مكلف بتطوير عمل الشركة وفتح أسواق جديدة لها. كما كلف أيضاً برئاسة قطاع الشركة في أميركا الجنوبية.
إلى العالمية
وعندما نشأ تحالف شركتي رينو ونيسان عام 1999 عُيّن غصن كرئيس قطاع عمليات في شركة نيسان، ثم اختير عام 2001 رئيساً تنفيذياً. واستطاع غصن النهوض بشركة نيسان، وتمكن عبر إدارته من تحويل المجموعة، التي كانت على وشك الإفلاس، إلى شركة رابحة بلغ رقم أعمالها السنوي نحو مئة مليار يورو، مما عزّز نجوميته في عالم السيارات. وفي العام 2005 عين كارلوس غصن رئيساً لشركة رينو، مع احتفاظه بمنصب الرئيس التنفيذي للشركة، ومنصبه على رأس شركة نيسان، ليكون أول شخصية تترأس شركتين بهذا الحجم في العالم، وذلك في وقت واحد.
في العام 2016 أتمت نيسان سيطرتها على 34 في المئة من شركة ميتسوبيشي، فأصبح غصن بذلك رئيساً لثلاث شركات عالمية، ما دفعه عام 2017 إلى التنحي عن الإدارة المباشرة لنيسان، على أن يبقى رئيس مجلس إدارتها من أجل التركيز على التحالف مع شركتي رينو وميتسوبيشي موتورز، الذي يطمح لحمله إلى قمة صناعة السيارات العالمية.
وعلى الرغم من اعتبار غصن أنجح رئيس مجلس إدارة أجنبي في اليابان، ورغم نجاحه بالوقوف وراء تشكيل مجموعة السيارات الفرنسية – اليابانية (رينو- نيسان- ميتسوبيشي)، غير أن كل ذلك انهار بعد تشرين الثاني 2018، تاريخ توقيف غصن من قبل السلطات اليابانية بتهم تتعلّق بالفساد. حينها استغنت عنه الشركات المذكورة كرئيس لمجلس إدارتها.
راتب غصن
أثار راتب كارلوس غصن، اللبناني الأصل والحاصل على الجنسيتين البرازيلية والفرنسية، أزمة كبيرة في فرنسا، تدخّلت فيها الحكومة وجهات رسمية. فراتب غصن بلغ عام 2015 نحو 7.2 ملايين يورو، موزعاً بين 1.23 مليون يورو كرواتب شهرية و1.78 مليون أرباحاً متغيرة و4.18 ملايين مكافآت نقدية وأسهماً. وواجهت إدارة رينو آنذاك انتقادات كثيرة لكنها أصرت على الإبقاء على راتبه، ورفضت خفضه. علماً أن غصن بحكم وظيفته المزدوجة كرئيس تنفيذي لكل من “رينو” و”نيسان” كان يحصل على 8 ملايين يورو سنوياً، من شركة “نيسان”، ليصبح مجمل مدخوله السنوي 15.2 مليون يورو.
ممتلكات غصن في لبنان
يملك كارلوس غصن العديد من الاستثمارات في لبنان، وفق ما هو مُعلن، في القطاعات المصرفية والعقارية والصناعية، أبرزها استحواذه على نسبة تقارب 6.4 في المئة من رأسمال بنك سرادار. وهو مساهم في مشروع “سيدرار” العقاري، الذي يهدف لبناء نحو 60 منزلاً فخماً بالقرب من محمية الأرز. ويملك غصن كذلك أسهماً في مشاريع عقارية أخرى.
اشترى غصن مؤخراً منزلاً في منطقة الأشرفية في بيروت من مالكه جورج صراف، بمبلغ 8.65 مليون دولار. وتطال ملكيته لهذا المنزل شبهات فساد. ويندرج العقار ضمن التحقيقات التي تجري حول التهم الموجّهة لغصن في اليابان.
ويعد غصن أحد مالكي “شركة إكسير” التي تأست في العام 2008 لصناعة النبيذ، ويقع مصنعها في منطقة في البترون. كما يملك أراض شاسعة مخصّصة لهذه الصناعة.
وعلى مستوى علاقته مع المؤسسات في لبنان، يشغل كارلوس غصن مقعد عضو في المجلس الاستراتيجي في جامعة القديس يوسف في بيروت. وفي عام 2012 افتتحت جامعة القديس يوسف مساحة في أحد أقسامها حملت اسم “كارلوس غصن”. وفي عام 2003 نال غصن الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأميركية في بيروت، قبل أن يصبح عضواً في مجلس إدارتها.
وفي العام 2017 أصدرت السلطات اللبنانية طابعاً بريدياً تكريمياً، يحمل صورة كارلوس غصن.
سقوط امبراطورية غصن
بدأت إمبراطورية كارلوس غصن، المتمثّلة بسمعته على مستوى العالم، بالسقوط في تشرين الثاني 2018، تاريخ إلقاء السلطات اليابانية القبض عليه، عندما هبطت طائرته الخاصة في طوكيو، وبقي حينها محجوزاً لأكثر من 100 يوم، قبل أن يتم إخلاء سبيله بكفالة قدرها 9 ملايين دولار في آذار 2019. ثم ألقي القبض عليه مرة أخرى، وأفرجت السلطات عنه بكفالة قدرها 4.5 مليون دولار في نهاية نيسان 2019، وبشروط صارمة تحظر عليه حتى التقاء زوجته أو التواصل معها.
وجهت السلطات اليابانية له أربع تهم، منها إخفاء جزء من دخله من مرتبه من شركة نيسان وتحميل خسائر مالية خاصة على دفاتر الشركة، ثاني أكبر شركات السيارات في اليابان. كما تشمل التهم الموجهة إلى غصن عدم الإفصاح عن دخله الحقيقي، واستخدام أموال شركة نيسان للقيام بمدفوعات لمعارف شخصية، واختلاس أموال الشركة للاستخدام الشخصي.
وقبل انتهاء التحقيقات بحق غصن في اليابان “فرّ” على متن طائرته الخاصة إلى بيروت حيث يقيم حالياً.