بعد ما يحدث على وسائل ”الفضح الاجتماعي” فيها حاجة غلط حاجة غلط خالص

https://www.elmydannews.com/img/22/01/08/16416631778253077.jpg

النشرة الدولية –

الميدان – عبير العربي –

 

لازال مجتمعنا في حالة من العند والتجبر والتكبر المستمر ضد مفاهيم الجمال و الأخلاقيات والذوق العام وحسن التعامل وتركه مالا يعنيه،يخبط في ثوابت القيم والأصول والعادات والتقاليد بكل ما أوتي من جحود وغل وحقد وكراهية ،وكأن أصبح بينه وبين الآخر من أبناء وطنه طار بايت لا نعلم ما سره حتى الآن، وأصبح يتجلى ذلك ظاهرا في حملة التشويه والفضائح والتشفي في الآخر كونه ناجحا أو يجتهد في أن يحجز مكانا له ذات قيمه، قواعد هدم الآخر أصبحت سريعة وعنيفة لا هوادة فيها ولا رحمة.

 

وقبل ان أتطرق لسرد التفاصيل الأخيرة من وقائع مشينة اختتمنا بها عامنا المنقضي وبدأنا بها عامنا الجديد ، أريد أن أنقل لكم ما تحمله ذاكرتي وأعتقد إنها لن تتخلى يوما عما سأذكره، عندنا سافرت في مهمة مهنية إلي إحدى دول أوروبا داخل دولة سويسرا وقتها ، ومن الكثير الذي رأيته على أرضها ويتجلى في شعبها، موقفين كان ولابد أن يفرض مقارنته مع ما يحدث على أرضنا ومع أبناء مجتمعنا من قهر وتعري وفضح وإلفاق تهم وتشهير وغيره.

 

على بحيرة جنيفا في العاصمة السويسرية قرر عدد من الأهالي أن يطلقوا مبادرة اسموها يوم الحلم ، باختصار يجتمعون يوما على ساحة البحيرة ويبدأون في التعاون كي يحققوا حلما لمواطن منهم ،ويبدوا في جمع الأموال لتحقيق أمنية أحدهم ممن يفوز بالقرعة مثلا ، بدأت دائرة الحلم تكبر بانضمام عدد كبيررمن المواطنين للمساعدة وبدأت تحقيق الأحلام بالجهود الذاتية تكبر وتوسع وتنتشر ، وحققوا عدد من المطالب مهما كانت منها رحلة سفر للخارج، تغيير سيارة ، احضار عجلة ،وغيره، وكان كل شخص يفوز بالتجربة ينضم للمبادرة للمشاركة وتحقيق حلم آخر، قادني الحظ للحضور وبدأت أسأل حتى علمت ما قلت الآن.

 

الموقف الثاني ،علمت من رواية شابه هولندية أن شابا مكث يكتب على صفحته عبر الفيس بوك مدة تقترب من العام “بعد صباح الخير، آن عودي إلي دائرة حياتي فقلبي يفتقدك بشدة وأدماه بعدك”.

 

جملة صار الشاب الأجنبي يكتبها يوميا مناشدا حبيبته العودة له

الحقيقة أن الجملة لم تواجه من جموع المواطنين والمقربين له بسخرية أو تريقة أو عبارات من نوعية جرى إيه يا عم الحبيب ،ما تنساها بقا،قرفتنا،استرجل شوية،يعنى حاجة كده من جمل العظمة إللي عندنا،ولكن إصرار الشاب مارتن على كتابتها حرك مشاعر من حوله،وبدأو يبحثوا عن محبوبته المفقودة من خلال مبادرة جماعية جمعوا عن الفتاة معلومات من المقربين له دون إخطاره،وعندما وصلوا لها وجدوها مواطنة من دولة أخرى تعيش في هولندا ،سافروا لها واطلعوها على ما يكتبه وعلى حقيقة مشاعره،وبعد جهد بذلوه عادوا بها وفاجئوه بوجودها، وأراحوا مشاعره.

 

هذا ما يبذل فيه شعوب أوروبا مجهوداتهم في التعاون مع الأخر وكأنهم على علم بتعليمات ديننا الحنيف الذي لخص رسالة الله على الأرض في أن “الدين المعاملة” أي معاملة إذن نعاملها ونتعامل بها نحن شعب الدين والرسالات السماوية،وكيف أصبحنا هكذا نرفع غطاء الستر ونلفق ونفتخر الفضائح ونتشفى إلي لحظات النفس الأخيرة ، كيف أصبحت الغالبية العظمى منا لديها القدرة على ذلك ،المؤكد إن فيها حاجة غلط،غلط خالص وغلط كثير ، ما تعرضت له المدرسة المثالية بنت المنصورة “منة الله” هو بالطبع ترصد لحالة النجاح والتكريم التي حصلت عليه ،فلم تهدأ الزميلة الغير فاضلة لها وتصيدت الموقف وجعلتها هي الأشهر عبر وسائل الفضح الاجتماعي مع كلمتين لزوم التشهير والتسخين وتفسح حياتها الإجتماعية، وتدميرها،وإلقاء تلوث ضميرها على الاعتراف الجمعي من المجتمع بأنها لا تستحق لقب المدرسة المثالية ووشاح التكريم، ويحدث ما حدث والحقيقة أن ما تفعله ويفعله مثل هؤلاء وما على شاكلتهم هو رهان أكبر بأن المجتمع أصبح مرحبا بالفضائح وكشف الستر والتشهير وإنه داعم لكل الخبائث النفسية والاغتيالات المعنوية ،وبالتوازي تفارق الحياة فتاة في منبت الزهور ،لازالت تشرق أحلامها في نطاقها المجتمعي الذي واجهها بحقارته وتدني معاملاته، فارقت بسنت الحياة معلنة استلامها أمام انكسار سمعتها وضعفها وعدم مساندتها، هان عليها عمرها وحلمها فاستقالت من الحياة تاركة البساط لمن نال من شرفها .

 

هذه الوجوه أيضا هي من تعاطفت وحملت قلبها النابض على كفها وأعلنت تضامنها مع سفاح الإسماعيلية الذي ذبح رجل مسالم أتضح إنه برييء مما قاله عنه ، تعاطفوا مع الجاني واهدروا معه واستباحوا حرمة دماء الأخر.

 

والسيناريو لم ينتهي هنا فنحن الأن نعيش حملة شير وتعليقات تتسع البحار والمحيطات والتشفي على ما نسب إلي الإعلامي محمد الأمين من اتهامات لازالت النيابة العامة تطالب بالتحريات فيها ،وإن صدقت من عدمه،مال المجتمع ومال الناس هناك جهات تحقق، تعاقب، لكن إزاي ودى برضه تيجي، ودي برضه تفوتنا.

 

وأخيرا لابد من الإعتراف إننا أمام كارثة وطنية وتهديد لأمن هذا الوطن القومي في شأنها الاجتماعي،لابد من حل تدرسه القيادة السياسية وتطلق برنامج قوي ومفعل يتصدى لتلك المهازل، كل الدول تقوم وتبنى على حضارتها الإنسانية وتنمية الأخلاق المجتمعية وما يحدث عندنا هو هدم لكل القيم والمشروعات والمقدرات ،تصيب الجيل القادم والحالي في مقتل، النظيف منه سيتراجع ويكفي خيره شره ويتنحى خوفا عن تحقيق أحلامه، والمغامر يعلم أين طريقه،وكيف ينتقم وأصبح يمتلك سلاح التشويه الأقوى،و لا يجد الطرف الآخر أمامه سوى مفارقة الحياة ،سوى الموت عمدا والرحيل المفاجىء الذي لا حيلة له أمام هذا الطوفان القذر من الحرب ألاآدمية.

زر الذهاب إلى الأعلى