الهجرة حتى لو كانت بقوارب الموت!
بقلم: الإعلامية أماني نشابة

النشرة الدولية –

قبل فترة وجيزة، ظهر فنان مُثقف لبنان، جامح تخطى الستين من العمر، كان يصرخ بأعلى صوته الممزوج بالغضب المرير ، وهو يعلن عن تخليه طوعاً عن هوّيته دون أن يرفّ له جفن، وإنه مغادر ولن يعود.
كان ذلك في ظهور له على شاشة إحدى القنوات التلفزيونية المحلية.
ذلك الفنان المثقف، لم يكن بحاجة لتفسير قراره المثير بالتخلي عن هويته والتغيير الى أخرى، وكأنه في ذلك يقول أن أكثر من نصف الشعب اللبناني مثله يتمنون الهجرة خارج الوطن الذي يعشقون، لكنهم مرغمين في ذلك.
في احد التقارير الاستقصائية المتخصصة كانت أوردت أن نسبة الذين يراودهم حلم الهجرة لبنان ما نسبته 64%.
هي نفسها التقارير الاستقصائية الإحصائية وبقراءة الأرقام الختامية للعام الماضي، أعطت مؤخرا للحالمين بالهجرة ومنتظريها في سوريا والعراق، أرقاما فاجعة – إن صحّت – وأقل منها قليلا في الأردن، دون أن تتطرق لحجم هذه الظاهرة أو المشكلة في فلسطين.
في أحدث الصورة على المستوى الإقليمي لبلاد الشام، انها وصلت حد الاختلال، جراء ما وصل بالمواطن في عديد بلدان الإقليم من ضنك وضيق العيش، هو نفس السبب المباشر للتخلي عن الهوية والبحث عن أخرى!.
المشهد الافتراضي يمكن تفسيره بطوفان المهاجرين، والكثير منهم ينتظر ان يصله الدول للهجرة. وفي ذلك صورة اخرى ايضاً حتى المغادرة بقوارب الموت التي تقلهم نحو مصيرهم المجهول.
المهاجرين من لبنان، نفسهم، لا يجدون تفسير لجوءهم للهرب من الحجيم الذي يعيشونه في وطنهم من حجم الغلاء الفاحش وارتفاع أسعار المواد التموينية وفقدان الدواء، وإن وجد يكون عند محتكريه، والتسعيرة طبعاً بالدولار الفريش، وسعر الدولار الخيالي مقابل الليرة.
وغير ذلك، تصرفات وسلوكيات السياسيين اللبنانيين وهم لا يلتفتوا للحال الذي وصل بالمواطن العادي، غير مهتمين سوى بكراسيهم ومصالحهم الشخصية.
في هذه البيئة غير الصحية قطعاً ومع ارتفاع الجرائم بمختلف أنواعها وتسمياتها، المهاجرين لا يمانعون ان يعتلوا قوارب الموت نحو مصيرهم المجهول.

زر الذهاب إلى الأعلى