اليمن .. حرب جديدة تنذر بكارثة اقتصادية
تقرير / خالد القاضي
تدخل اليمن عامها السادس مع الحرب المستمرة؛ التي خلقت أسوأ الأزمات الاقتصادية والإنسانية، فالوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن يعاني من تدهور حاد وغير مسبوق، جراء الصراع المستمر بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثيين ومع دخول العام 2020م اصدرت جماعة الحوثي قرارات بمنع تداول العملة الجديدة في مناطق سيطرتها الأمر الذي ينذر بكارثة اقتصادية ويثير قلق ومخاوف المواطنين في ظل اتهامات متبادلة بين الحكومة الشرعية والجماعة .
قرارات تفاقم الأزمة
مع بداية دخول العام 2020م تفاقمت الأزمة الاقتصادية بشكل أكبر بعد أن أصدرت جماعة الحوثيين قرارا بمنع تداول العملات اليمنية من الفئات المطبوعة حديثاً عبر البنك المركزي اليمني في عدن ..
ويأتي هذا القرار بعد ثلاثة أعوام من قيام الحكومة الشرعية بنقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن في سبتمبر (أيلول) 2016 وطباعة الفئات النقدية الجديدة من العملة لتوفير السيولة في الأسواق ودفع رواتب موظفي الدولة في كافة مناطق سيطرتها ..
اتهامات متبادلة
في مطلع العام الجديد اعلنت جماعة الحوثي سحب الفئات النقدية المطبوعة حديثاً عبر البنك المركزي في عدن، ومنح مهلة لمدة شهر للمواطنين في مناطق سيطرتهم من أجل تصريف ما بحوزتهم من أموال، ووعدت بأنها ستقوم بتعويضهم ضمن سقف محدد إما بمبالغ نقدية من الفئات القديمة المتهالكة أو عبر ما تسميه «الريال الإلكتروني» واصدرت اتهامات للحكومة الشرعية بنقض اتفاقيات المجتمع الدولي .
محافظ البنك المركزي اليمني المعين من قبل جماعة الحوثيين رشيد أبو لحوم وجه اتهاماته للحكومه الشرعية بنقض اتفاقيات المجتمع الدولي بعدم الإلتزام بوقف الطباعة وتحييد عمل البنك وقال أن الأرقام الكارثية التي سبّبتها حكومة الشرعية باستمرار طباعة العملة بدون غطاء من النقد الأجنبي كارثية ، وأن حجمَ ما تم طباعته من العُملة النقدية الجديدة خلال عامين تجاوز ما تم طباعته في اليمن خلال ثلاثين عاماً .،
فيما أكد رئيس وزراء الحكومة الشرعية معين عبدالملك عبر تصريحات لوكالة سبأ على الالتزام بالحفاظ على استقرار سعر صرف العملة الوطنية، بما يخفف الأعباء المعيشية عن جميع المواطنين اليمنيين دون استثناء، والخطوات اللازمة للتعامل مع الإجراءات الحوثية غير القانونية الصادرة مؤخراً.
ودعا وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن السيد مارتن جريفيث ، إلى القيام بمسئوليتهم وممارسة الضغط على جماعة الحوثيين لتحييد الاقتصاد عن الصراع اليمني، مؤكدا انتهاج الحوثين سياسات إفقار وتجويع أوصلت الأوضاع المعيشية إلى معدلات مأساوية.
وقال الإرياني لوكالة سبأ أن الحوثيين يسعون لنهب رأس المال الوطنى وسحب مدخرات المواطنين عبر دعوتها لاستبدال العملة الوطنية مقابل ما تسميها النقد الإلكترونى “.
موجة تضخم جديدة
يرى مراقبون اقتصاديون أن منع قرار التداول هدفه في الأساس حرمان عشرات الآلاف من رواتبهم والإبقاء على أزمة السيولة النقدية التي تسببت فيها لإجبار السكان على التعامل بالعملة الوهمية التي أطلق عليها جماعة الحوثين اسم 《الريال الإلكتروني》وسيتسبب الإجراء في نتائجه الاقتصادية، إلى تزايد الطلب على العملات الأجنبية وارتفاع سعرها أمام العملة المحلية، ما يعني موجة تضخم جديدة وزيادة أخرى في أسعار السلع والخدمات تشكل مزيداً من الأعباء على اليمنيين .
كتب الباحث والأستاذ في جامعة الحديدة فيصل الحذيفي في صفحته على فيس بوك أن الغاء التعامل بالعملة الجديدة من قبل الحوثيين واستبدالها بالعملة الإلكترونية هي عملية وقحة لسلب الناس أموالهم وتوفير أموال فائضة لإنشاء طبقة تجارية حوثية تحل محل التجار وتعطل مهامهم التجارية نهائيا
وأضاف الحذيفي أن بنك صنعاء ليس لديه أي عملة قديمة كافية تغطي استبدال العملة الجديدة للمستفيدين بما في ذلك عموم المواطنين فضلا عن مليارات التجار كما أنه لا يمتلك فائضا نقديا يمنح أصحاب العملات الجديدة أموالهم نقديا متى ما شاؤوا .
تحذيرات ومخاوف
مع تزايد المخاوف لدى المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين من اضطراب السوق وانعدام المواد الأساسية وخشية التجار من التعامل بالطبعة الجديدة البنك المركزي اليمني يصدر بيان تحذير لشركات الصرافة والبنوك ..
أصدر البنك المركزي اليمني التابع للحكومة الشرعية بيان (الإثنين ) من يناير 2020 ودعا فيه شركات الصرافة والبنوك إلى عدم الانصياع لقرار الحوثيين، مؤكدا أن «عدم قبول العملة الوطنية المصدرة من الجهات الرسمية والمخولة دستورياً وقانونياً تعد مخالفة يعاقب عليها القانون»
وأضاف البنك في بيانه «إذا ما اتضح للبنك المركزي قيام أي بنك أو شركة بالتعامل مع تعليمات غير صادرة من (المركزي) الرئيسي في عدن بحيث يكون من شأنها الإضرار بالعملة الوطنية أو مخالفة قانونية، فإنه سيتم اتخاذ الإجراءات والعقوبات اللازمة حسب القانون
وطلب البنك من البنوك كافة الالتزام بالقوانين النافذة والتعليمات الصادرة عن البنك المركزي، بشأن القواعد التنظيمية لتقديم خدمات النقود الإلكترونية التي تلزم البنوك الترخيص المسبق لإصدار نقود إلكترونية.
قلق واحتضار
وصف ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي الحالة التي يعيشها المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين بالاحتضار مع قرب انتهاء المهلة المعلنة من قبل جماعة الحوثي للتخلص من العملة الجديدة ..
كتب الصحفي محمد المياس في صفحته على الفيس بوك : يعيش المواطنون في مناطق سيطرة الحوثيين حافة الاحتضار مع قرب انتهاء المهلة المعلنة من قبل جماعة الحوثي للتخلص من العملة الجديدة، والامتناع عن التعامل بها
وأضاف المياس أن جماعة الحوثي فرضت عقوبات على من سيتعامل بالعملة الجديدة بعد تأريخ 18 يناير 2020م؛ في ظل غياب العملة القديمة، وعدم توفرها في السوق .
فيما قال الناشط معاوية خالد في تغريدة له على تويتر: ان القرار الذي اتخذته المليشيات بشأن منع التعامل بالعملة الجديدة تسبب في إرباك كبير للسوق وحرمان من يملكون هذه الفئات من الحصول على الغذاء والدواء بسبب امتناع الباعة والتجار عن قبولها خوفاً من أن يقوم الحوثيين بمصادرتها ومعاقبتهم بالحبس.
ويعيش الشارع اليمني حالة من القلق، والخوف من تداعيات الحرب الجديدة التي تستخدمها جماعة الحوثي للتضييق على المواطن مع غياب دور الحكومة الشرعية في وضع حد لهذه التصرفات .. ويبقى السؤال إلى متى ؟!