وثائق تكشف جرائم حرب نفذها داعش الإرهابي في سوريا والعراق… والعراق مارس أبشع الجرائم بحق سكان هذه المناطق تحت غطاء ما أسماه “ديوان القضاء والمظالم”
النشرة الدولية –
خلال السنوات التي تحكم فيها تنظيم داعش بمناطق عدة في سوريا والعراق مارس أبشع الجرائم بحق سكان هذه المناطق تحت غطاء ما أسماه “ديوان القضاء والمظالم”، ليقوم بدور الـ “الخصم والحكم والجلاد” بالوقت ذاته.
واضطلع هذا الديوان الذي يعد واحدا من بين 14 ديوانا آخر بمهام عدة والتي تتداخل ما بين وظائف إدارية تارة ومهام مدنية في أحيان أخرى وجنائية في أوقات عدة، والتي استطاع رصدها تقرير أعده “المركز السوري للعدالة والمساءلة”.
وكشف التقرير الذي استند إلى نحو 280 صفحة من الوثائق “الداعشية” التي تم التأكد منها ومطابقتها مع مستندات مشابهة أخرى، أن هذا الديوان “سار على النهج التنظيمي للنظام السوري الذي عزز السيطرة داخل أجهزته الأمنية من خلال التغلغل في جميع مجالات الحياة”، موضحا أن “أجهزة الأمن السورية عملت فوق العديد من الوزارات والقطاعات الأخرى في الحكومة لتعزيز سيطرة جهاز الأمن وصلاحياته”.
وقال محمد العبدالله، المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة، في تصريح لموقع “الحرة”، إن الهيئات الدولية والأممية عليها التحقيق بشكل أكبر فيما يتعلق بتشابه الوظائف التي كان يمارسها هذا الديوان مع هيكلية ووظائف أجهزة الأمن السوري، والتي ربما تكشف عن حقائق أو تعاون في الخفاء ما بين كلا الطرفين.
وأضاف أنه في بعض الممارسات وجد تطابق تام بين ما تقوم به أجهزة الأمن التابعة لدمشق وديوان داعش للمظالم خاصة في المناطق السورية، وهو كان يختلف عن الديوان الموجود في العراق رغم الحديث عن وجود العديد من أتباع النظام العراقي السابق بين صفوف من ساعدوا في تشكيل التنظيم هناك.
وأشار التقرير إلى أن هذا الديوان كان له دور كبير في “صناعة القرار في تنظيم داعش”، وتغولت صلاحياته التي كان تستهدف إضفاء الشرعية على “الوحشية” الممارسة على حياة سكان المناطق التي كانت تسيطر عليها، حيث تراوحت العقوبات التي كانت تفرض على المواطنين ما بين الجلد مرورا بقطع اليد والرجل من خلاف وانتهاء بالقتل.
وشكلت ممارسات التنظيم تحت غطاء هذا الديوان ما يرتقي إلى “عمليات التطهير الداخلي”، والتي كان يعاقب فيها التنظيم المنتسبين له “بشكل انتقائي”، إذ يمكن لأي من سكان المنطقة تقديم شكوى ضد أحد أفراد داعش ولكن هذا لا يعني بالضرورة معاقبته، إلا إذا كان غير مرغوب به في المنطقة التي يتواجد فيها، ليتم نقله إلى منطقة أخرى تابعة لهم.
وكان اللافت في وثائق داعش أن تتشارك فيما يتعلق بـ “التمييز ضد الأقليات الدينية” إذ تثبت إحداها قيام الديوان بجمع الجزية وغيرها من الشروط التمييزية المفروضة على المسيحيين أو اليهود الذين يعيشون تحت سلطتهم.
وأوصى التقرير بضرورة التعامل مع جرائم داعش التي ارتكبت في سوريا والعراق على أنها جرائم حرب.
وقال العبدالله إن المركز تواصل مع مكاتب جرائم الحرب في العديد من الدول الأوروبية وسيتعاون معهم بتزويدهم بهذه الوثائق، خاصة للدول التي سيعود لها مقاتلو تنظيم داعش الأجانب.
وأكد أن المركز يتعامل بمسؤولية مع هذه الوثائق التي تثبت جرائم حرب وعدم نشرها للعلن، ولكن ستكون متاحة للجهات المعنية بالتحقيق بمثل هذا النوع من المخالفات الكبرى، والتي ذهب ضحيتها مواطنون كان ذنبهم أنهم تواجدوا تحت حكم داعش.
ويستعرض التقرير بعض الوثائق التي يفرض بموجبها عقوبة 50 جلدة علانية على ثلاثة أفراد متهمين بالسرقة في الطبقة.
فيما تظهر وثيقة أخرى أن سارقا مشتبها به قد تعرض للجلد علانية تعزيرا في مدينة عانة العراقية.
وقدم أحد الجلادين السابقين لدى التنظيم وصفا حيا لهذا النوع من العقوبات التي كانت تتم بالجلد بحزام مرصع بالمعادن بحيث يترك الضحية مغطى بالدماء.
وقد وصل التنظيم إلى ذروة قوته في 2014، بعد أن سيطر على حوالي ثلث سوريا والعراق، وانتهى في مارس الماضي في قرية سورية صغيرة على ضفاف الفرات بالقرب من الحدود مع العراق.