البالة تغزو الأسواق اللبنانية.. أهلا بالنمط الجديد ووداعًا للموضة
النشرة الدولية –
لبنان 24 – بولين أبو شقرا –
“إنسوا التجديد”.. هذا هو لسان حال رب المنزل اليوم، إذ أن الموضة وما يتبعها من صيحات، و”برندات”، وتسوّق وغيرها، باتت فعليًا حكرًا على طبقة معينة من اللبنانيين المقتدرين على الدخول إلى هذا العالم، ومُنعت قسرًا عن أولئك الذين بات جلّ همهم تأمين لقمة العيش. فاللبناني الذي اعتاد قبل الأزمة الراهنة أن يكون جزءًا لا يتجزأ من عالم الجمال والموضة، وجد نفسه اليوم مجبرًا على أن يكون متواجدًا داخل محال “البالة” أو ما يعرف بالـ”outlet”.
تاريخيًا كان اللبناني رمزًا للأناقة والجمال، إذ استطاع أن يجذب إليه أنظار العرب الذين كانوا يرون بالصّيحات اللّبنانيّة الأساس لحياتهم الجماليّة، فلا يكاد يمرّ يوم إلا وترى عربًا متأثرين بما يلبسه اللّبناني، أو يسعى إلى إدخاله على “اللوك” الخاص به، ليكون السّوق اللّبنانيّ الأرض الخصبة للماركات العالميّة، التي رأت في لبنان منطلقًا أساسيًا ومهمًا للدخول إلى الشّرق الأوسط.
وهكذا وعلى مرّ السنوات انتعشت السياحة في لبنان سواء لناحية سياحة التّسوق التي انصبت على أهم الماركات العالميّة واللّبنانيّة التي تعنى بالموضة، أو لناحية السّياحة التّجميليّة، حيث كانت العيادات التّجميليّة اللّبنانيّة المقصد الأوّل لأهم الفنانات العربيات، أما اليوم، فقد اصطدم اللّبناني بأزمة اقتصادية خانقة جعلته مضطرًا إلى التّخلي عن هذه العادة، والاتجاه نحو أسواق البالة التي باتت أسهمها ترتفع أكثر فأكثر يومًا بعد يوم.
فمن الشمال وصولاً إلى البقاع، فبيروت، والجنوب، لا يكاد يخلو شارع من محال البالة التي غزت الأسواق خاصة داخل الأحياء الشّعبيّة بعدما كانت متواجدة بشكل خجول في هذه المناطق، لا سيما وأنَّ القسم الأكبر من اللبنانيين ومهما كانت أوضاعه صعبة قبل الأزمة إلا أنّه كان يعمد إلى شراء الثياب الجديدة بدل الاتجاه لما هو مستعمل .
ومن هنا يؤكّد أحد أصحاب محال البالة إلى أن الحركة داخل متجره ازدهرت بشكل غير مسبوق، إذ أن نسبة المبيعات ارتفعت لتحقق أرقامًا ما كان ليتوقعها أبدًا.
وجوه جديدة
وبهذا السياق تؤكد إحدى صاحبات هذه المحال التي قرّرت أن تأتي إلى لبنان منذ خمس سنوات بعد أن استثمرت أموالها بمتجر للبالة على أن هذه التّجارة كانت مربحة قبل الأزمة نسبة إلى أن العديد من الأشخاص خاصةً الفئة الشبابية كانت دائمًا تحب أن تتجه لشراء البراندات والتي تعتبر “ستوك” أوروبي غير مستعمل بأسعار أقل بكثير مما هي عليه في السّوق، إلا أنّها تؤكد بأن هذا الأمر ازدادت وتيرته مع اشتداد الأزمة لينتعش هذا السّوق من جديد.
الأزمة التي لم ترحم أبدًا فتحت الفرصة أمام هذه المحال لاستقبال كل الوجوه غنيةً كانت أم فقيرةً حيث أنه فعليًا ما عاد في قدرة ما يزيد عن ٦٠٪ من الشعب اللبناني شراء حاجاتهم من الثياب أو اللحاق بالموضة التي باتت تتغير يوميًا.
مشاريع جديدة
سوق البالة والإقبال الشديد عليها وازدهارها، فتح الباب أمام الشباب لانتهاز الفرصة للدخول بمشاريع جديدة تدرُّ عليهم مداخيل جديدة من خلال إنشائهم لمواقع أونلاين تعنى ببيع الـ”Outlet” عبر استغلالهم لمواقع التواصل الإجتماعي حيث باتوا هؤلاء يصلون إلى المستهلكين من خلال عرض سلعهم بأسعار تنافسية يستقطبون من خلالها الشباب الذين يصرّون على اللحاق بالموضة مهما اشتدّت الأوضاع الإقتصادية. ومن هنا يقول أحد أصحاب متجر أونلاين لبيع الثياب بأنّه قرّر ترك عمله كنادل داخل أحد المطاعم ليستفيد من متجره الذي بات يحصل من خلاله على مدخول أعلى بكثير من عمله المتعب.
وكما محال الـ “Outlet” فإن محال إصلاح الأحذية باتت تستقبل وجوهًا جديدة سواء غنية أو فقيرة، فيقول العم محمود أن الأزمة الإقتصادية الخانقة أجبرت كبار الشخصيات المحيطة بمجتمعه مثل المهندسين والأطبّاء والمحامين إلى التوجه لإصلاح أحذيتهم “الباهظة الثمن” على أيام ١٥٠٠ بدل شراء أحذية جديدة إذ أن أسعارها باتت تبدأ من ٣,٠٠٠,٠٠٠ مليون ليرة للحذاء مقابل ٧٥٠٠٠ على سعر صرف ١٥٠٠ ليرة.
وعليه،وبعد أن كان اللّبنانيّ يخجل بكثير من الأحيان إلى الدخول لمحال البالة فإن التعالي عن هذا الأمر بات الحل الوحيد المتوفر له لكي يصمد داخل هذه العاصفة الإقتصادية غير المسبوقة والتي لا افق واضحا لنهايتها.