وفاة “أيقونة الثورة” التونسية لينا بن مهني عن 36 عاما بعد صراع مرير مع المرض
النشرة الدولية –
غيّب الموت الناشطة الحقوقية والمدوِّنة التونسية، لينا بن مهني، المعارضة السابقة لنظام الرئيس المخلوع بن علي، عن 36 عاما بعد صراع طويل مع المرض.
ووفقا لوسائل إعلام تونسية، فقد تدهورت الحالة الصحية للناشطة السياسية، مساء أمس الأحد، ما استوجب نقلها إلى مستشفى، شارل نيكول، في العاصمة حيث أسلمت روحها فجر الاثنين 27 يناير/كانون الثاني.
وعانت لينا من الفشل الكلوي في طفولتها وخضعت إلى عملية زرع كلية، في 2007، تبرعت بها لها أمها.
ووُلدت لينا بن مهني، في 22 مايو/ أيار 1983، للمناضل اليساري، الصادق بن مهني، الذي عُرف بمعارضته لحكم الرئيسين السابقين زين العابدين بن علي والحبيب بورقيبة. وهو أيضا أحد مؤسسي فرع تونس لمنظمة العفو الدولية.
لذا تشبعت لينا منذ نعومة أظفارها بالسياسة وعالمها المتقلب، فاختارت أن يكون لها دور فاعل في المجتمع، إلى جانب عملها كأستاذة مساعدة في مادة اللغة الإنجليزية.
اشتهرت الشابة بنضالها من أجل حرية التعبير والدفاع عن حقوق المرأة في تونس وفي العالم العربي.
كما عُرفت بمعارضتها لسياسة حجب المواقع عبر شبكة الإنترنت إبان حكم بن علي.
“نادرة تلك الأوقات التي تتخلى فيها لينا عن كاميرتها وجوالها المزود بخدمة الإنترنت، كانا يصحبانها أينما ذهبت، لعلها تستطيع أن تنقذ ناشطاً بواسطة عدستها”. هكذا يصف نشطاء “البِنَيّة التونسية”.
في 2007، أطلقت لينا مدونتها “بنيّة تونسية” التي استقطبت قراء عرب وأجانب.
وتعتبر تلك المدونة “نافذة تونس على العالم”، إذ نقلت في سنة 2008 “انتفاضة الحوض المنجمي” التي مهدت لثورة 2011.
كما كان للينا دور هام في تغطية أحداث الثورة التونسية، إذ شكلت، برفقة مدونين آخرين، الذراع الإعلامية للثورة التونسية.
وساعد هؤلاء، من خلال تدويناتهم، على استمرار الثورة، وفك الحصار الذي كان مفروضا آنذاك من قبل النظام التونسي على محافظة، سيدي بوزيد، التي اندلعت منها شرارة الثورة.
وكانت لينا أول المدونين الذين وصلوا إلى ولاية سيدي بوزيد بعد أن أضرم البائع المتجول، محمد البوعزيزي، النار في جسده احتجاجا على احتجاز السلطات المحلية عربته في 17 كانون الأول/ديسمبر 2010.
فضلا عن ذلك، نشرت لينا في مدونتها صور المتظاهرين الذين قتلوا برصاص الشرطة، لتنتشر في أنحاء العالم.
كما شاركت في أغلب المظاهرات التي شهدتها العاصمة تونس خلال الثورة.
وفي عام 2011، رُشحت بن مهني لنيل جائزة نوبل للسلام بمعية المدونة المصرية، إسراء عبد الفتاح، والناشط المصري وائل غنيم.
وفي عام 2013، اختارتها مجلة “أربيان بيزنس” ضمن أقوي 100 امرأة عربية. كما أدرجها موقع “ذي دايلي بست” ضمن قائمة “أشجع مدوني العالم” التي تضم 17 مدونا.
في آخر لقاء لبي بي سي معها، أواخر 2018، تتحدث لينا عن تجربتها كمدوّنة كسرت جدار الخوف، حين اندلعت الثورة التونسية وعن الحد الفاصل بين المخاطرة والشجاعة.
وأكدت أن “الثورة والحرية تستحقان المخاطرة”، مضيفة أنه “لم يكن بمقدورها البقاء متفرجة بينما يقدم آخرون أرواحهم من أجل الوطن”.
وفي آخر تدوينة لها عبر فيسبوك، تطرقت لينا إلى ما يحصل على الساحة السياسية التونسية، وجددت رفضها “للعنف الأيدولوجي الذي تمارسه الأحزاب داخل قبة البرلمان”.
كما انتقدت إنكار البعض “للثورة ولتضحيات شهدائها”.
وفي العامين الأخيرين، اختارت لينا الابتعاد عن أي عمل سياسي، والتفرغ للعمل المدني، إذ كرَّست وقتها لمساعدة المعوزين والمرضى وتثقيف المساجين من خلال إنشاء مكتبات لهم.
وما إن تسرب خبر وفاة لينا حتى امتلأت منصات التواصل الاجتماعي في تونس بصورها مرفقة بالأدعية والأبيات الشعرية.
وحظيت لينا بالعديد من الألقاب مثل”فراشة الثورة” و”أيقونة النضال”.
كما نعاها العديد من النشطاء والصحفيين في باقي الدول العربية وأثنوا عليها وعلى نضالها.
من بين هؤلاء الناشطين المصريين، وائل عباس، وجمال عيد.
كذلك رثتها وزارة الثقافة التونسية في تدوينة عبر حسابها على فيسبوك.
وأعاد الناشطون تداول مقاطع وتدوينات تعهدت فيها لينا بعدم التخلي عن الثورة والدفاع عن الحرية الفردية.
وسلطت وفاة لينا الضوء على معاناة مرضى الفشل الكلوي وأوضاع المستشفيات في تونس.
وسبق أن نشرت المدونة الراحلة تدوينة تسرد فيها معاناتها ومعاناة التونسيين مع إجراءات العلاج وسوء المعاملة من قبل بعض الممرضين الذين شبهتهم بـ “الوحوش”.
وأكدت لينا أنها تشعر بأن أيامها معدودة، وأن كل ما يفعله أحباؤها من أجلها يعطيها شحنة أمل إضافية.
ونشرت تدوينة أخرى قالت فيها: “وداعا أيتها الحياة”.
“لينا بن مهني لم تكن تشتكي رغم حجم الألم صحيا ومعنويا .. هذا من الدروس التي تقدمها هذه الشابة لنا جميعا كشباب بشكل عام وكتونسيين خاصة، الذين يختص جزء منهم في التباكي والتظلم، وهو الظالم في معظم الحالات”، هكذا فضلت إحدى الناشطات التونسيات توديع صديقتها في النضال.