اللبنانيون في مواجهة الفيروسات* سوسن مهنا
النشرة الدولية –
تداولت مواقع التواصل الاجتماعي منشوراً منقولاً عن صفحة الدكتور جمال بدران، وهو رئيس قسم الأطفال وحديثي الولادة في مستشفى النجدة الشعبية، يحذر فيه من سرعة انتقال الإنفلونزا، داعياً إلى “إقفال المدارس والحضانات لمدة أسبوع لوقف الوباء واتخاذ الإجراءات اللازمة وتعميم استخدام الكمامات”.
“اندبندنت عربية” تحدثت إلى الدكتور جمال بدران لاستيضاح الموضوع، وأوضح أن “الأولوية الآن لفيروس كورونا، ولا توجد إصابات منه في لبنان حتى الآن”، وأضاف أنه بحسب منظمة الصحة العالمية، هناك ثلاثة أنماط من الإنفلونزا الموسمية A و B و C، وهناك من ضمن العديد من الأنماط الفرعية لفيروس “الإنفلونزا A” نمطان فرعيان يدوران حالياً بين البشر.
معدل الإصابات مرتفع
يقول الدكتور بدران “بموضوع الإنفلونزا بشكل عام، كانت الإصابات الأعلى لهذ العام هي لفئة B “، ورداً على بيان وزارة الصحة اللبنانية، التي اعتبرت أن “معدل الإصابات طبيعي”، يجيب “ليس صحيحاً، وذلك حسب مشاهداتنا في العيادات، كانت النسبة لهذا العام أعلى بكثير، مقارنة بالسنة الماضية وقبلها، حتى أن (مراكز مكافحة الأمراض CDC) الأميركية أعلنت أن الإصابات هذا العام كانت أعلى، كما أن المضاعفات كانت أقوى، لكن الآن نحن على أواخر انتشار هذه الموجة من الإنفلونزا”، ويشير إلى أن “ما يهم حالياً هو كيفية الحماية من فيروس كورونا”.
وحول بيان وزارة الصحة، يقول “ارتكبت وزارة الصحة مغالطة عندما تحدثت عن كيفية تناول دواء الـ Flumivir، ونحن كأطباء، نعتمد إرشادات الـCDC، هذا العام كان استعمل هذا الدواء على نطاق واسع، وكان مسموحاً تناوله حتى في حالات الشك وللوقاية أيضاً. ولقد حاولت وزارة الصحة التخفيف من الواقع، إذ إن الوزارة تأخذ أرقامها من مراكز العنايات، بينما الأصح هي أرقام العيادات والمختبرات. كان العدد في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019، أعلى بثلاث مرات عن الأعوام السابقة. أما في يناير (كانون الثاني) فانخفض عن الشهر الماضي، لكنه مازال مرتفعاً مقارنة بالأعوام الماضية”.
ويشير بدران إلى أنه لا يوجد ما يستدعي الهلع، والعوارض عند الأطفال كانت ارتفاعاً في الحرارة لمدة خمسة أيام، وعلى الرغم من ذلك كانت هناك بعض الحالات المخيفة التي أدت إلى الوفاة. لكن حالات الوفاة لم تكن بمعدل عال.
وزارة الصحة لم تقم بأي إجراء
وعن فترة استمرار هذه الموجة من الإنفلونزا، يقول بدران “لا نريد إثارة هلع الناس، لكن فترة الذروة قد مرت، وكانت قد بلغت أوجها في ديسمبر الماضي. لكن كان على وزارة الصحة إعلان نسبة الإصابات، بالإضافة إلى الإعلان عن وجود حالة وباء. للأسف الوزارة لم تقم بأي اجراء. وحملات الوقائية تخفض من نسبة العدوى والأعباء المادية والأضرار الصحية، عدا عن توفيرها المليارات ونسبة التعطيل عن العمل، وغيرها. وكنا قد اقترحنا على وزارة الصحة إقفال المدراس مدة خمسة أيام لكنها لم تأخذ بهذا الاقتراح، الأمر الذي دفعني إلى الدعوة لإقفال المدارس والحاضنات لمدة أسبوع بهدف تعقيمها وتعميم فكرة الكمامات، ليس فقط في المدارس، أيضاً في الأماكن العامة والمكتظة. وهذا من المفترض أن يحصل حتى لو كانت هناك موجة من الرشح العادي، أعلى من معدلها الطبيعي، مثلما يحصل في كل دول العالم التي تتعرض لموجات من الأوبئة”.
أيضا، وحسب منظمة الصحة العالمية، تختلف لقاحات الإنفلونزا من سنة إلى أخرى. ذلك أن الفيروسات تتغير بانتظام. فيقوم المتخصصون بتحديد ما هي الفيروسات التي من المتوقع انتشارها في فصل الشتاء المقبل. أحياناً يختلف فيروس الإنفلونزا عما كانوا يتوقعونه أو يسود فيروس آخر. في هذه الحالة تقل فعالية لقاح الإنفلونزا.
فعالية اللقاحات
عن هذا الموضوع يشرح الدكتور بدران “هذا العام كان هناك نوعان من اللقاحات، أحدهما قديم لا يعطي الحماية المطلوبة على صعيد H1N1، وآخر جديد له فعالية مهمة على صعيد الوقاية. لكن كانت هناك مشكلتان على الصعيد اللبناني، أولاً أن اللقاحات كانت قليلة، كما أنها وصلت متأخرة، أي في منتصف أكتوبر (تشرين الأول). مثلاً بالنسبة لي شخصياً لم أستطع أن أعطي اللقاح لجميع مرضاي”.
“اندبندنت عربية” حاولت الاتصال بوزير الصحة الدكتور حمد حسن لكنه لم يجب على الهاتف أو الرسائل.
وكان وزير الصحة السابق الدكتور جميل جبق طمأن اللبنانيين إلى “عدم انتشار الأوبئة في المنطقة أو في لبنان”، ودعا إلى “عدم القلق، فالإنفلونزا الموجودة عادية وهي رشح موسمي، لذا لا تشغلوا بالكم ولا تقفلوا المدارس، وعيشوا حياة طبيعية، فالناس كلها تتعرض للإنفلونزا في هذا الموسم لشهرين أو ثلاثة”. وذلك في 28 ديسمبر (كانون الأول) 2019.
الوقاية من الإنفلونزا
وكانت وزارة الصحة أعلنت في بيان أن “العدوى تنتقل من الشخص المصاب إلى أشخاص آخرين خلال فترة تمتد من يوم واحد قبل بداية العوارض وحتى أسبوع بعد ظهورها. إن صدور نتيجة إيجابية للفحص المخبري لا يعني ضرورة أخذ دواء الإنفلونزا الذي يجب تناوله فقط بوصفة طبية من قبل الطبيب المعالج لا سيما الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات والأطفال ما دون خمس سنوات، والحالات التي تستدعي دخول مستشفى”. وتؤكد وزارة الصحة العامة على أهمية الوقاية من الإنفلونزا والأمراض التنفسية الحادة عبر التقيّد بما يلي.
– غسل اليدين المتكرر بالماء والصابون خصوصاً بعد السعال والعطس، وبعد ملامسة الأسطح والأدوات الملوثة.
– اعتماد آداب السعال والعطس.
– تجنّب مخالطة أشخاص مصابين بالعدوى.
– البقاء في المنزل عند الشعور بعوارض الإنفلونزا، خصوصاً أطفال الحضانات وتلاميذ المدارس، والحد من العادات التي تساعد على نقل العدوى مثل المصافحة والتقبيل.
– الحفاظ على الغذاء الصحي المتوازن والإكثار من تناول السوائل الدافئة والفواكه الغنية بالفيتامين C
– الحفاظ على النظافة العامة لا سيما في دور الحضانة والمدارس.
– أخذ لقاح الإنفلونزا الموسمي للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة والمضاعفات وهم، صغار وكبار السن، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، والنساء الحوامل والعاملين في القطاع الصحي.
“قد تصبح كذلك”
وعلى صعيد فيروس “كورونا” أعلنت “منظمة الصحة العالمية” أنه “من المبكر جداً” اعتبار فيروس “كورونا” حال طوارئ صحية عامة على نطاق دولي”، وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدحانوم غيبريسوس خلال مؤتمر صحافي في جنيف “لا يخطئ أحدكم الأمر، إنها حالة طوارئ في الصين، لكنها ليست بعد حال طوارئ صحية عالمية”، وأضاف “قد تصبح كذلك”.
نقلاً عن “اندبندنت عربية”