من رامسار إلي القاهرة.. 49 عام على أقدم اتفاقية بيئية فى العالم

أحمد سبع الليل – القاهرة –

للأراضي الرطبة أهمية كبيرة إذ بدورها تعمل على تخفيف آثار تغير المناخ والتكيف معه، وذلك لأنها أكبر مصدر للمياه العذبة الصالحة للاستهلاك والزراعة، كما أنها ذات صلة مباشرة برفاهية الإنسان، فنموها والحفاظ عليها يعد ركيزة أساسية لمفهوم الاقتصادي الشامل، لدرجة أن العلماء اطلقوا على الأراضي الزراعية اسم “بالوعة المياه الطبيعية”، لأنها أكبر نظام بيئي أرضي لعزل الكربون ويعمل كنظام تغرق الكربون المنهجي الطبيعي، وهي بمثابة هيكل “للحد من مخاطر الكوارث على أساس النظام الإيكولوجي” الذي يحمي الشواطئ ويوفر للمدن والمستوطنات فرصة آمنة ومقاومة عالية للمناخ، كما أنها توفر سبل عيش مستدامة لرفاهية المجتمع وتوفر نظامًا بيئيًا صحيًا لاستكشاف العديد من خدمات وفوائد النظام الإيكولوجي بالتوازي مع التنوع البيولوجي الوفير مثل دعم النظم الإيكولوجية، تعد هذه الفوائد والخدمات المتعددة التي توفرها الأراضي الرطبة مهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بشكل غير مسبوق.

ما هي الأراضي الرطبة؟

وتعرف الأراضي الرطبة بأنها كل وسط تغمره المياه كليًا أو جزئيًا سواء أكان ذلك بصفة دائمة أو مؤقتة، حيث تلعب هذه النظم دورا رئيسيًا في دورة المياه وهي ذات أهمية حيوية لبقاء البشرية نظراً لفوائدها التي لا حصر لها وللخدمات الإيكولوجية التي تقدمها منذ آلاف السنين؛ كما أن الأراضي الرطبة تضم مزيج فريد من النباتات والحيوانات وتشمل مجموعة متنوعة من النظم الإيكولوجية مثل البحيرات، الأنهار، المياه الجوفية، المستنقعات، الأراضي العشبية الرطبة، أراضي الخث، الواحات، مصبات الأنهار، الدلتا، مسطحات المد والجزر، غابات المانغروف وغيرها من المناطق الساحلية، الشعاب المرجانية وجميع المواقع الإصطناعية مثل أحواض السمك وحقول الأرز والخزانات والمستنقعات المالحة.

2 فبراير اليوم العالمي لأقدم اتفاقية بيئية على مستوي العالم

يحتفل العالم في الثاني من شباط/فبراير من كل عام باليوم العالمي للأراضي الرطبة حيث يوافق هذا التاريخ اعتماد اتفاقية Ramsar والتى وقعت في 2 شباط 1971، حيث بدأ الاحتفال به منذ عام 1997؛ وتعتبر اتفاقية “رامسار” للأراضي أو المناطق الرطبة أقدم اتفاقية عالمية في مجال البيئة، حيث وضعت عام 1971 بمدينة “رامسار” الإيرانية، كما انها تعد الاتفاقية الدولية الوحيدة في مجال البيئة التي تعالج نظام بيئي خاص.

ما هي اتفاقية Ramsar؟

تتمثل مهمة الاتفاقية في الحفظ والاستعمال الحكيم لجميع الأراضي الرطبة من خلال الإجراءات المحلية والوطنية والتعاون الدولي، وذلك مساهمة نحو تحقيق التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم، وسميت بذلك لتوقيعها بمدينة “رامسار” الإيرانية عام 1971م.

وتعتبر الأراضي الرطبة من بين أكثر النظم البيئية تنوعا وإنتاجية، فهي توفر خدمات أساسية كما أنها مصدر للمياه العذبة، ومع ذلك فإننا نشهد تدهورا وفقدانًا مستمرا لهذه الأراضي وتحويلها إلى استخدامات أخرى.

واعتمدت الاتفاقية تعريفا واسعا للأراضي الرطبة يشمل جميع البحيرات والأنهار، المياه الجوفية، البرك والمستنقعات، الأراضي العشبية الرطبة، أراضي الخث والواحات، مصبات الأنهار، الدلتا ومسطحات المد والجزر، غابات المانجروف وغيرها من المناطق الساحلية، الشعاب المرجانية وجميع المواقع الاصطناعية مثل أحواض السمك وحقول الأرز والخزانات والمستنقعات المالحة.

في سياق “ثلاث ركائز” للاتفاقية، تتعهد الأطراف المتعاقدة بها وهي:

1- العمل من أجل الاستخدام الرشيد لجميع أراضيها الرطبة.

2- تسجيل الأراضي الرطبة المناسبة في قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية (“قائمة Ramsar”) وضمان الإدارة الفعالة لها.

3- التعاون على المستوى الدولي فيما يخص الأراضي الرطبة العابرة للحدود، وأنظمة الأراضي الرطبة المشتركة، وكذلك الأصناف المشتركة.

الأراضي الرطبة تساهم في التخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه

يقول بييرو ليونيلو، عضو في مجموعة المتخصصين المعنية بتغير المناخ، “لم تكن مدينتي البندقية لتوجد لولا المنطقة الرطبة التي تحيط بها”، انطلاقًا من هذه المقولة وتقرير مجموعة المتخصصين المعنية بتغير المناخ (Climate Change-SG) والتي تعد واحدة من خمس مجموعات من المتخصصين والتي تشكل الشبكة العلمية والتقنية لمبادرة المناطق الرطبة المتوسطة، إذ خلص التقرير إلي أنه من المعلوم أن الأراضي الرطبة تعزل كميات هائلة من الكربون وتخزنها، وتمثل عاملاً مساعدًا للحد من الزيادة المتنامية لغازات الدفيئة في الغالف الجوي، إذا ما تمت حمايتها من المضايقات البشرية، ولكن في المقابل، وبمجرد تجفيف الأراضي الرطبة أو حرقها، فإنها تتحول إلى مصدر هام للغازات الرئيسية المسببة لظاهرة الإحتباس الحراري وهي ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، والتي تطلقها في الجو.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الجفاف يُضعف قدرة الأراضي الرطبة ذات المياه العذبة على تقديم خدماتها المعتادة الأخرى مثل الإمداد بالمياه والسيطرة على الفيضانات والحماية من العواصف، وما يترتب عليها من آثار إيكولوجية وإجتماعية وإقتصادية وخيمة، كما تعتبر شبكات الأراضي الرطبة ممرات رئيسية ونقاط إنطلاق تسمح للعديد من أنواع الحيوانات بالإنتقال إلى المناطق الأكثر برودة، مما يساعدها على التكيف مع إرتفاع درجات الحرارة، لذا نلحظ دائما وجود العديد من النباتات والحيوانات المعروفة وغير المعروفة وبكميات كبيرة في مناطق الأراضي الرطبة، ومع ذلك فإن 25٪ من أنواع الأراضي الرطبة مهددة بالانقراض ، بما في ذلك الطيور المائية والثدييات التي تعتمد على المياه العذبة والسلاحف البحرية وأنواع الشعاب المرجانية.

مصر تملتك 4 كيلو متر مربع من الأراضي الرطبة

يوجد في مصر حاليا 4 مواقع مدرجة على قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية (مواقع رامسار)، بمساحة إجمالية تبلغ 4.1553 كيلومتر مربع تقريبًا، وهى محميتى قارون ووادى الريان بالفيوم، وبحيرة البردويل شمال سيناء، وبحيرة البرلس بكفر الشيخ؛ وتكن أهمية كبيرة لهذه المناطق حيث تعتبر مصدرا هامًا لتزويد المياه العذبة، وتعمل كمرشحات طبيعة من خلال تنقية المياه والسيطرة على التلوث وإزالة السموم، كما توفر مساحات حضرية وتوفير مصدر لكسب العيش للعديد من الناس، خصوصًا بعد أن تجاوز عدد السكان الذين يعيشون فى المدن حاجز الأربعة مليارت و العدد فى تزايد مستمر، وتآكل مساحات خضراء كبيرة.

من جانبه قال وليد منصور باحث في مجال البيئة أن العالم كله ينهار بيئيًا بصورة كبيرة ومصر تتأثر كثيرا بالتغيرات المناخية أسرع من اي دولة أخرى، ولديها العديد من المشاكل مثل شحة المياه والأراضي المنخفضة وتآكل عدد من الشواطئ، ومع ذلك لم نقم بالإحترازات البيئية اللازمة لمواجهة كل هذا.

وأكد “الباحث في مجال البيئة”، أنه في ظل انهيار البيئة المستمر علينا أن نجعل كل يوم احتفالا بالبيئة ولا يقتصر على يوم واحد او مناسبة واحدة فقط، كما يجب علينا الاعتذار يوميًا للبيئة عن تصرافتنا اليومية الخاطئة.

وعليه فإن الحفاظ على الأراضي الرطبة أمر هام لاستدامة التنمية والمناطق المحيطة بها، والحفاظ على العديد من أنواع الحيوانات والنباتات التي تسكن بتلك المناطق الغنية بالتنوع البيولوجي، كما تكمن أهمية تلك المناطق في تصديها للآثار السلبية للتغيرات المناخية والتكيف معها، وأزعم أنه إذا أخذت وزارة البيئة متمثلة في قطاع حماية الطبيعة الأمر على عاتقها فسيتم اكتشاف العديد من المناطق الغنية بالأراضي الرطبة في مصر، فتحقيق أجندة 2030 يحتاج إلى جهود كبيرة من أجل الحفاظ على الأراضي الرطبة والحفاظ عليها واستخدامها وترميمها.

بحيرة البرلس إحدي المناطق الرطبة في مصر

 

وادي الريان إحدي المناطق الرطبة في مصر

 

زر الذهاب إلى الأعلى