الشيخة انتصار الصباح: التعليم التقليدي لم يعد صالحا ومبادرة “النوير” هي من الطرق المبتكرة لمواكبة التطور (مرفق تسجيل صوتي للمقابلة)
النشرة الدولية –
تطبّق مبادرة “النوير” لصاحبتها الشيخة انتصار الصباح، من الكويت، تمارين تفاعلية تؤدي إلى تغيير سلوك الطلبة في المدارس. وقد تحدثت الشيخة انتصار عن هذه المبادرة في فعاليات احتفال الأمم المتحدة باليوم العالمي للتعليم بدعوة من رئيس الجمعية العامة في 24 كانون الثاني/يناير. أخبار الأمم المتحدة التقت بالشيخة انتصار-صاحبة مبادرة النوير ومبادرات أخرى- على هامش فعاليات هذا اليوم، وأجرت معها هذا الحوار:
الشيخة انتصار الصباح حاصلة على “جائزة المرأة العربية” عام 2018 لإطلاقها وعملها على مجموعة مبادرات تركز على إضافة قيمة إلى حياة الناس مثل مبادرة النوير ومؤسسة انتصار التي تتخصّص في تقديم الدعم النفسي للنساء المتضررات من الحرب.
أخبار الأمم المتحدة: حدثينا في البداية عن مبادرة “النوير”
الشيخة انتصار الصباح: النوير هي مبادرة غير ربحية تأسست عام 2013، الهدف منها تغيير النظرة من السلبية إلى الإيجابية. وجاءت بعد أن كان في 2011 و2012 نظرة سلبية كبيرة في الكويت. كنت قد قرأت أن العلماء في جامعة هارفرد قد توصلوا بعد عشرة أعوام من الأبحاث أن الإنسان له نظرة واحدة في الحياة إما سلبية أو إيجابية وقدّموا الحلول للانتقال من السلبية إلى الإيجابية.
عندما قرأت خلاصة البحث، فكرت بالأمر وقلت الآن لدينا طريقة للتغيير، ما الذي بإمكاننا فعله؟ فبدأتُ بفكرة النوير واستخدام علم النفس الإيجابي وتبسيطه وتسهيله وتقديمه للشباب. نحن هدفنا شبابي، والشباب موجودون في المدارس، فقررنا إطلاق التجربة في المدارس. وبدأنا في ثلاث مدارس، وعملنا مع ثلاثة معلمين. وهذه النتائج الملحوظة دفعتنا للعمل باحترافية أكثر. اليوم نعمل مع 47 ثانوية وندرب 480 معلما ومعلمة لتطبيق المنهج على 11،600 طالب وطالبة.
في آخر عامين أو ثلاثة، بدأ العالم يعرف ما هو علم النفس الإيجابي: هو موضوع جديد على العالم العربي ولا تقدمه أي جامعة عربية. وعندما اقترحنا الفكرة، فكرنا بكيفية إيصالها للأشخاص، لأن موضوع “تمارين تفاعلية تؤدي إلى تغيير في الطلبة” أمر غريب وبعيد عن المجتمع.
أخبار الأمم المتحدة: كيف استطعتِ تبسيط الفكرة لهم؟
الشيخة انتصار الصباح: لقد رأوا المنهاج، ولأنني كنت أنا المسؤولة على المشروع هذا جعل وزارة التربية على ثقة أن الهدف من المشروع كبير. ومن ثمّ رأوا المنهج ووافقوا على البرنامج. أحيانا لا يستوعب المرء ما نفعله كما أن التغيير الذي نشهده لدى المعلمين والطلبة أحيانا يُذهل البعض فيثير الخوف. لأن المعلم يحتوي التلاميذ. نحن نقدم منهجا جديدا لا يعرفه ولم يعتد عليه الجميع.
هو منهج تفاعلي، وفيه إبداء للرأي وتفكير، يستمر لخمس دقائق في اليوم فقط، ونعمل مع جميع المعلمين الذين يدرّسون جميع المواد مثل التربية الإسلامية واللغة العربية والأحياء والفيزياء وغيرها. ونقدم تدريبا للمعلم ثمانية أيام في السنة، ونستهدف المعلمين الصغار والشباب الذين يحدثون فرقا، لأننا معتادون على التقليدية في التعليم، وعلينا جميعا إطاعة المعلم الكبير.
أخبار الأمم المتحدة: إذا هل أنتِ من دعاة إحداث ثورة تعليمية؟
الشيخة انتصار الصباح: دعينا لا ندعوها ثورة. فلنقل إنها طريقة تعليم مبتكرة. فنظام التعليم التقليدي لم يعد يصلح للطلبة. عقول الطلبة منفتحة الآن على السرعة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ولهم صوت ورأي. فجأة تقولين لهم إنه ليس لكم صوتا -هذا الأمر لم يعد يجدي مع الطلبة.
نحن بحاجة إلى صنع فرد متكامل في المجتمع وليس فقط ناجح في المدرسة. الشخص المتكامل يفكر ويحلل وله رأي ويبدي رأيه. فالطريقة التقليدية في التعليم لن تصنع مبدعين، نريد تأهيل أشخاص ناجحين في الحياة وليس فقط في المدرسة.
أخبار الأمم المتحدة: مبادرة النوير تنقسم إلى “بريق”، تحدثنا عنه الآن، وبرنامج “بامورينج” حدثينا أكثر عنه.
الشيخة انتصار الصباح: بومارينج هي عصا معكوفة ابتدعها الأستراليون، يلقونها فتعود إليهم. المبادرة تقوم على أفعال تعود للشخص. بمعنى إذا فعلت خيرا سيعود عليك، وإذا فعلت شرا سيعود عليك أيضا. هو برنامج مبتكر وفريد من نوعه نستخدم به المسرح التطبيقي لوقف التنمر وزيادة اللطف في المدارس.
ونطبق هذا البرنامج في المدارس الخاصة، في حين نطبق “بريق” في المدارس الحكومية. ويعتمد “بامورينج” على تبادل الأدوار وتمثيل الطلاب لأدوار بعضهم البعض على خشبة المسرح ويمكن للجمهور أن يقدم حلولا أيضا.
أخبار الأمم المتحدة: علام يعتمد نجاح هذه المبادرات؟
الشيخة انتصار الصباح: يعتمد نجاح المبادرات على الفكر الجديد، ومن ثمّ على منْ يشرف على هذه المبادرة. والفريق الذي يعمل معي لديه شغف وحب للتغيير وهو مفكر ومبدع، ويجب أن يكون الحل تفاعليا وعلى الجميع أن يكون جزءا من هذا الحل. وأهم شيء أن تكون الفكرة صحيحة، لأن الفكرة الخطأ لن تقدم نتائج.
أخبار الأمم المتحدة: لديك مبادرة أخرى لمساعدة السيدات المتضررات من الحرب عبر مؤسسة انتصار. إلى أين يمتد نطاق عملكم؟
الشيخة انتصار الصباح: نعمل في مخيم صبرا وشاتيلا في لبنان، وفي مناطق أخرى خارج المخيمات. ولدينا برنامج جديد في بعلبك ومستقبلا في طرابلس. ونعمل مع نساء لبنانيات وفلسطينيات وسوريات وأردنيات. نعمل مع المرأة التي تضررت بسبب الحرب، والنساء بهذه المناطق اللاتي يعشن صدمة نفسية وفي أغلب الأوقات لا يلاحظنها. ونحاول مساعدتهن على تخطيها من خلال المسرح ونشجعهن على التكلم عن أحاسيسهن في حلقة آمنة وجو آمن للاستماع إلى بعضهن البعض.
أصبحت المرأة شخصا له كيان. وصوتها مسموع. ولأن ما حققناه من تمكين للمرأة فاق توقعاتنا، رفعنا السقف ووضعنا هدف تمكين مليون امرأة خلال عشرين سنة. والسبب في هذه الفترة الطويلة هو أنه ليس لدينا معالجات نفس بالدراما في العالم العربي، ليس هناك سوى خمس نساء. يلزمنا مئات المعالجات، ولذا نحن نوقع مذكرات تفاهم مع الجامعات حول العالم لتدريس علم النفس بالدراما.
أخبار الأمم المتحدة: كم عدد النساء اللاتي ساعدتهن مؤسستك حتى الآن؟
الشيخة انتصار الصباح: 120 سيدة في أقل من عام. المرأة تغوص في مأساتها، وهي أكثر شريحة تتأثر وتشهد أمورا كثيرة لكنها لا تستطيع التعبير عن نفسها فتكبت مشاعرها. الأفضل مساعدة النساء لأن تأثيرهن أكبر، وعندما تسترد وضعها ومساهمتها في تماسك المجتمع سيكون أمرا رائعا.
أخبار الأمم المتحدة: ما هي آمالك للكويت؟
الشيخة انتصار الصباح: أتمنى أن يكون لدينا سياسات لإدماج علم النفس الإيجابي في السياسة العامة في الدولة، وأن يصبح منهجا في المراحل الابتدائية والمتوسطة والجامعية، هذا الحلم أنا أعمل عليه الآن لنشر علم النفس الإيجابي وتغيير السلوك ومنح الأمل.
للاستماع إلى المقابلة بالكامل مع الشيخة انتصار الصباح: