بيت التمويل العربي يتفوّق على باقي المصارف بـ”التنكيل” بالموظفين

النشرة الدولية –

المدن –  عزة الحاج حسن –

على الرغم من اختلاف هيكلية المصارف الإسلامية وآلية عملها عن المصارف التجارية، وعدم تورطها بالسنوات السابقة باستثمارات في سندات الخزينة، حذت حذو شبيهاتها، فاحتجزت أموال المودعين واقتطعت منها الرسوم والعمولات تحت مسميات مختلفة، ومارست الهيركات المقنّع ولم ترحم المتعاملين معها كسائر المصارف. ومن بين المصارف الإسلامية هذه، بيت التمويل العربي، الذي لم يستثن كوادره البشرية من إجراءاته المجحفة، فصرف منهم العشرات ومارس الضغوط الوظيفية على آخرين، واستغل حاجتهم لدفعهم إلى التقدّم باستقالات قسرية، مع تجريدهم من تعويضاتهم ومستحقاتهم، غير آبه لقانون او أصول.

إقفال كلّي؟

لا ترتبط أزمة بيت التمويل العربي المملوك بغالبية أسهمه من بنك قطر الإسلامي، بالأزمة المالية والنقدية الراهنة في لبنان، والتي تفجرت مع نهاية العام 2019. فالمصرف بدأ منذ عام 2018 بالقيام بإجراءات وممارسات تؤشر إلى نيته بعدم الاستمرار في لبنان. وهو ما أكده مصدر من بيت التمويل، أفاد لـ”المدن” بأن الأخير تقدّم فعلياً بطلب تصفيته في لبنان والخروج نهائياً، قبل أن يُرفض الطلب بشكل قاطع من قبل المعنيين.

وفي حين يؤكد المصدر أن إدارة المصرف تسعى إلى الخروج من لبنان منذ ما قبل تفجّر الأزمة عام 2019، وبعد إغلاق فروعه الثلاثة في طرابلس وشتورا وصيدا، يجزم مصدر مصرفي آخر بأن طلب إدارة بيت التمويل العربي للخروج من لبنان جُوبه بالرفض، لأن المالك للمصرف وهو مصرف قطر الإسلامي يصرّ على البقاء في لبنان مهما كانت الظروف، ملمحاً في الوقت عينه إلى ارتكاب إدارة بيت التمويل في لبنان الكثير من التجاوزات، التي من شأنها التعرّض لسمعة بنك قطر الإسلامي. مرجّحاً ألا يكون الأخير على علم بما ترتكبه الإدارة الراهنة، بحق الموظفين والعملاء، لاسيما بعد تجاهلها ولأكثر من مرة توصيات لجنة الرقابة على المصارف، التي حذّرتها من مكامن الخلل في البنية الإدارية والوضعية المالية للمصرف.

انتهاك حقوق الموظفين

مع اعتماد المصرف سياسة إغلاق الفروع بأكثر من منطقة في لبنان مؤخراً، عمد إلى إقالة عدد من الموظفين، في حين دفع ببعضهم الآخر إلى الاستقالة جراء ممارسة الضغوط عليهم. فحيناً يخفض الدرجة الوظيفية للبعض، وحيناً آخر يفرض على موظف مقيم في طرابلس العمل في فرع صيدا، وآخر مقيم في صيدا يُنقل للعمل في فرع بيروت أو شتورا، وغير ذلك من الأساليب التضييقية على الموظفين، أفضت بالنهاية إلى استقالة نحو 24 موظفاً.

أما اليوم فقد قررت إدارة مصرف بيت التمويل العربي صرف 29 موظفاً من كادرها، وافق 7 منهم على التقدم باستقالاتهم بعد رضوخهم لعملية مقايضة، في مقابل رفض 22 من المصروفين التوقيع على استقالاتهم، مطالبين بتقاضي تعويضات منصفة. وحسب معلومات “المدن”، فقد قايضت الإدارة عدداً من الموظفين على بعض التقديمات التي تُعد حقاً مكتسباً لهم، منها أن تحوّل قروضهم بالمصرف من الدولار إلى الليرة، وسدادها بالتالي وفق سعر صرف الدولار الرسمي. كما استغلت الإدارة حاجة موظف للمال لإدخال أحد أفراد أسرته إلى المستشفى! بالنتيجة، 7 من المصروفين وقعوا استقالاتهم، في حين رفضها 22 اتجهوا إلى وزارة العمل كوسيط بينهم وبين المصرف.

دخلت وزارة العمل كوسيط بين المصرف والمصروفين. لكنها وفق مصدر في الوزارة، وصلت إلى حائط مسدود مع الإدارة. وهو ما أكده أيضاً رئيس نقابة موظفي المصارف أسد خوري في حديث إلى “المدن”. فالمصرف يقترح بروتوكولاً للتعويضات يقل كثيراً عن البروتوكولات المعتمدة لدى المصارف الأخرى، والمعتمدة أيضاً من قبله في عمليات صرف سابقة. وهو ما لا يمكن القبول به حسب خوري.

تعويضات مُجحفة

تصر إدارة المصرف على دفع تعويضات صرف الموظفين بقيمة راتب وربع الراتب عن كل سنة خدمة، وتعويض الإنذار وهو يتراوح بين شهر و4 أشهر بالحد الأقصى. بمعنى آخر، ستكون التعويضات هزيلة جداً، فيما لو ارتضوا بالبروتوكول المحدد من قبل المصرف، في حين أن المصرف نفسه كان قد دفع تعويضات في السنوات السابقة للمصروفين بلغت 18 شهراً مقطوعاً وشهرين عن كل سنة خدمة. بمعنى أن بيت التمويل العربي سدد في أيام “الازدهار” تعويضات منصفة، واليوم في ظل الأزمة المعيشية يتمنّع عن الدفع.

ويجزم خوري بأن المطروح من البنك غير مقبول على الإطلاق، والنقابة ستستمر بالمطالبة بحقوقهم في وجه إدارة مستبدة ترفض الحوار والتعاطي بإنسانية في موضوع صرف الموظفين، متجاهلة ارتدادات موقفها على سمعة مصرف قطر الاسلامي، الذي يملك غالبية أسهم مصرف بيت التمويل العربي.

رواتب هزيلة

بين استقالة وإقالة وصرف تعسّفي لم يتبق لدى بيت التمويل العربي أكثر من 53 موظفاً، من أصل قرابة 105 أو 110 موظفين. فالمصروفون والمستقيلون يقارب عددهم 50 في المئة من مجمل الموظفين. وتتراوح رواتب هؤلاء بين مليون ليرة فقط ومليونين و200 ألف ليرة. أما المدراء فلا تتجاوز رواتبهم 5 مليون ليرة بالحد الأقصى.

وقد استمر المصرف بسداد الرواتب وفق سعر الصرف الرسمي للدولار، أي 1500 ليرة، طيلة الأزمة ورغم انهيار سعر الصرف، قبل أن تقرر سداد الرواتب “الهزيلة” أصلاً وفق سعر الدولار المصرفي أو اللولار، أي باحتساب 8000 ليرة للدولار، منذ نحو 7 أشهر فقط. ورغم تعديل آلية صرف الرواتب، لا تتجاوز التعويضات المطلوبة اليوم للموظفين المصروفين 130 ألف دولار فقط. وهي تكاد تساوي فاتورة الهاتف لأشهر قليلة.

وبشهادة أحد العاملين في المصرف، فإن إدارته الحالية تستبيح كافة مفاصل المصرف من موظفين وعملاء، وتمارس سياسة الضغط عليهم للتملص من مستحقاتهم، غير آبهة بأي قانون أو سمعة أو حتى بشريعة، خصوصاً أنها تعمل تحت سقف الشريعة الإسلامية التي تفرض عليها إحقاق الحق.

زر الذهاب إلى الأعلى