الكويت: إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات مطلب مُلحٌّ يبعد السلطة التنفيذية عن الظنون
النشرة الدولية –
خلال حلقة نقاشية نظمتها «الجريدة» الكويتية، عن القيود الانتخابية وسلامة العملية كلها والشروط الواردة في قانون الانتخاب والمادة 82 من دستور البلاد، أكد عدد من الخبراء القانونيين أن قانون الانتخاب بحاجة إلى تعديل وتطوير، مشددين على ضرورة تشكيل لجنة وهيئة مستقلة للإشراف على العملية الانتخابية بشكل دقيق، وإبعاد يد السلطة التنفيذية عنها. وشملت تلك الحلقة، التي حضرها كل من الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام د. محمد المقاطع، والمستشار في إدارة الفتوى والتشريع صلاح الماجد، والمحامي أمام المحكمة الدستورية و«التمييز» عبدالرحمن البراك، محورين، أولهما مدى الحاجة إلى مدونة تشريعية جديدة تنظم العملية الانتخابية و«القيود» وطرق الطعن عليها، وثانيهما الرقابة على شروط الترشح… وإلى التفاصيل:
المحور الأول: بعد مضي 60 عاما على قانون الانتخابات في الكويت… هل نحن بحاجة الى مدونة تشريعية جديدة تنظم العملية الانتخابية والقيود وطرق الطعن عليها، وخصوصا اننا في فبراير، حيث سيتم إجراء عملية القيد الانتخابي والاعتراض عليها؟
بداية، قال د. محمد المقاطع ان الحديث عن قانون الانتخاب ذو شجون لأن العملية الانتخابية العامة في الكويت اليوم فيها العديد من الثغرات والعديد من المسائل التي تحتاج الى تطوير وتحتاج الى مراجعة وشفافية اكثر الى جانب لتعزيز فكرة المشاركة الشعبية التي قررها الدستور من خلال العديد من المواد.
وأضاف المقاطع ان هذا القانون صدر عام 1962 ومر عليه ما يقارب 60 عاما، وأعتقد انه آن الاوان لأن تتم مراجعته، وأول امر يستحق المراجعة في هذا القانون هو انهاء دور وزارة الداخلية في الاشراف على الانتخابات، مؤكداً انه ليس مقبولا او معقولا ولا ديمقراطيا ان تتولى الداخلية الاشراف على الانتخابات من بدايتها إلى نهايتها، من فتح الجداول والقيود وإجراء العملية وإعلان مواعيد الانتخابات، ولذا يجب اسناد كل هذه الامور الى جهة مستقلة تتمتع بالحيادية والنزاهة والبعد عن السلطات بصورة عامة.
وذكر ان احياء مرسوم قانون انشاء الهيئة العليا للانتخابات بات ضروريا، بحيث تتولى هذه الهيئة كل الاجراءات والامور المتعلقة بالعملية الانتخابية من بدايتها الى نهايتها، ومن ثم كف يد الداخلية عن هذا الدور، خصوصا انها موضع للشك والريبة وعدم الحياد «مع كامل تقديري واحترامي للقائمين على هذه الوزارة وادارة الانتخابات».
وأوضح أن «انتخابات عام 1967 الشهيرة التي كانت مزورة وتم التأكيد على ذلك من فترة لاخرى كان لوزارة الداخلية فيها دور، اذ ان الشرطة هي التي نقلت صناديق الاقتراع وأخفتها فترة، ثم ظهرت، مما ادى الى الحديث عن العبث في العملية الانتخابية».
وأشار المقاطع الى ان «كف يد وزارة الداخلية عن العملية الانتخابية أصبح ضرورة وأمرا لا بد منه عبر انشاء الهيئة العليا الوطنية للانتخابات، وهو الامر الذي دعا اليه مجموعة من الناشطين السياسيين»، موضحاً ان هناك مشروع قانون مقدما لمجلس الامة باسم الهيئة العليا الوطنية للانتخابات، وأعتقد انه يجب ان تكون هذه الهيئة هي الجهة المشرفة على الانتخابات وتتولى جميع الامور.
وأكد ان من ضمن الامور التي تحتاج الى التحديث في هذا الاطار ان يكون القيد في سجل الناخبين وفق القيد في الهيئة العامة للمعلومات المدنية، ليصبح موطن الشخص في هذه الهيئة هو موطنه الانتخابي، وبالتالي ينزل اسم من يبلغ السن القانونية بصورة تلقائية في سجل الناخبين، ولا يتوقف ذلك الا قبل الانتخابات بصدور مرسوم الدعوة للانتخابات، او قرار الدعوة للانتخابات التكميلية.
ولفت الى انه بغير تلك الامور تصبح العملية الانتخابية في الكويت عملية عرجاء وفيها نواقص، موضحا ان هناك العديد من الاشخاص ممن تسقط اسماؤهم من سجل الناخبين او الكثير ممن اسماؤهم واردة في قيود وسجلات الناخبين، وليسوا ضمن الناخبين مثل المتوفين، ومن تصدر عليهم احكام قضائية نهائية ممن يحرمون من الانتخابات من العسكريين أو غيرهم، وبالتالي فإن استقاء هذا الامر من خلال هيئة المعلومات المدنية مهم جدا.
واستدرك: «لكن اللافت للنظر والخطير جدا انه في نوفمبر عام 2018 تم نقل هيئة المعلومات المدنية من وزارة التخطيط الى الداخلية، وكأن هناك ايدي تحاول ان تركز كل ما يتعلق بالانتخابات وقيود الناخبين في يد الداخلية».
وبسؤاله عما اذا كان ذلك مقصودا، قال: «اظن انه مقصود، وبالتالي هناك خطورة لان الداخلية ليست طرفا محايدا، ولا يمكن قبول ان تكون هي المشرفة على سجلات الناخبين بهذه الصورة وقيودها وما يتعلق بها».
وذكر انه في السابق كانت هناك هيئتان على الاقل، فوزارة الداخلية كانت موجودة الى جانب الهيئة العامة للمعلومات المدنية التي كانت تابعة لوزارة التخطيط كجهة اخرى، وقد تراقب احداهما الاخرى، لكن ان تركز كل الامور بيد جهة واحدة هي الداخلية، فهذا شيء غير مقبول، فالرقابة الداخلية تكون منعدمة، فما بالك بالرقابة العامة؟.
ورأى أن من ضمن الأمور المهمة ضرورة اشراك المجتمع المدني في الاشراف على اجراءات القيود الانتخابية مثل جمعيات النفع العام ومؤسسات المجتمع المدني التي ينبغي ان تشارك في هذه العملية الخاصة بقيود الناخبين، حتى اذا رأت خللا او تجاوزات تستطيع ان تنبه الى ذلك حتى يتم تصحيحه بصورة عاجلة.
مطالبات الحلقة النقاشية
• اجمع المشاركون في الحلقة النقاشية على عدم صلاحية قانون الانتخاب الحالي، وضرورة إصدار قانون جديد.
• طالب المشاركون بصدور قانون لإنشاء هيئة مستقلة بالإشراف على الانتخابات وتكون مختصة بالإشراف على القيود الانتخابية، وفحص شروط الترشيح، وإعلان النتائج وأن يتم إسنادها لرجال القانون والقضاء.
• أكد المشاركون ضرورة إدخال التصويت الإلكتروني بدلاً من اليدوي، وكذلك الفرز الإلكتروني لسرعة إعلان النتائج.
• طالب المشاركون بضرورة مراجعة عمليات القيد الانتخابي، وإبعاد الناخبين الصادر بهم أحكام مخلة بالشرف والأمانة، وفلترة جميع القيود من حالات الحرمان.
• أكد المشاركون ضرورة إنشاء دوائر قضائية تفصل في القضايا التي تقام من المرشحين الذين يتم حرمانهم من الترشيح قبل الانتخابات، وأن يفصل بتلك القضايا بشكل سريع.
• شدد المشاركون على أن الحكومة تأخرت طويلاً في إصدار قانون الانتخاب وإنشاء هيئة عليا لرقابتها خصوصاً أنها هي التي أصدرت هيئة الانتخابات في عام 2012 عبر مرسوم الضرورة بإنشائها، إلا أن المحكمة الدستورية قررت إلغاءها لسبب شكلي ولا يمنع الحال من إصدار قانونها مرة أخرى.
وذكر المقاطع ان من ضمن الأمور المهمة ايضا ان تكون هناك قيود واضحة على الانفاق الانتخابي، فقانون الانتخابات الحالي لا ينظم الانفاق الانتخابي، وليست هناك قيود على ذلك الإنفاق، موضحا انه لما صدر المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2012 الخاص بالهيئة العليا الوطنية للانتخابات وضع بعض الامور المتعلقة بالانفاق الانتخابي، فنحن بحاجة ملحة لذلك، فالمال السياسي يعبث اليوم بالعملية الانتخابية، وكثر الحديث عن الاموال التي تدفع لمرشحين او ناخبين، الى جانب ان هناك انفاقا كبيرا غير مسبوق يلفت النظر، وبالتالي لا بد من وضع ضوابط شديدة جدا وصارمة جدا لضبط الانفاق، حتى يتم منع اي نوع من المال السياسي الذي يجعل مقاعد مجلس الامة كأنها مقاعد في مزاد للبيع بالسوق السياسي.
وبسؤاله عما اذا كان يقصد بذلك الحملات الانتخابية، قال: «طبعا اقصد الحملات الانتخابية، مؤكدا ان من يأتي بهذه الصورة سوف يزايد على مقعده فيما بعد، وهذه اشكالية كبيرة فمن يدفع سيحاول استرداد ما دفع، وبالتالي سنجد انفسنا في دوامة من المتوالية الخاصة بتدفق المال السياسي الفاسد، ومحاولة شراء المقاعد النيابية.
وأضاف المقاطع: أعتقد أن من ضمن التحديثات المهمة أن يتم الأخذ بفكرة الانتخاب الإلكتروني، وهو ما يسمح بأن يتم الانتخاب بالبطاقات الممغنطة أو المشفرة، بحيث يمكن ان يتم الفرز بعد التصويت بصورة مباشرة، وبدلا من القراءة الاعتيادية من جانب القاضي لاسم المرشح الذي تم التصويت له، والآخرون يطلعون، علما بأنه قد لا يطلع بعض المندوبين على عملية الفرز، بدلا من ذلك يكون الفرز الكترونيا، وفي هذه الحالة سيتم كف يد اي عبث انساني ممكن ان يحدث في الانتخابات، موضحا أنه اذا تم في هذه الحالة الطعن على الانتخابات، كما في الدول الأخرى، فهنا يتم الفرز يدوياً للتأكد من أن الفرز الإلكتروني لم يكن مختلفا عن الواقعي اليدوي.
سوابق غير مريحة
وقال إن «هناك تخوفات عديدة من اطراف سياسية كثيرة، وأنا لا ألومهم في ذلك، لأن سوابق اشراف السلطة على الانتخابات غير مريحة، وفيها سوابق للعبث بالانتخابات، وقد يطرح البعض فكرة أن الفرز الالكتروني يمكن ان يؤدي إلى العبث في البرمجة، لكني اقول ان هناك ضمانات يمكن ان تتم بصورة مسبقة تطلع الناس بشكل علني وشفافية على طبيعة البرمجة التي تمت، وان هناك ضمانات تمنع العبث بالتصويت الإلكتروني وفي هذه الحالة نكون امام تطوير حقيقي للعملية الانتخابية».
ولفت إلى أن ذلك التطوير لابد ان يشمل السماح لمن هم خارج البلاد بالاقتراع، فالتصويت الإلكتروني سيسمح للطلاب الموجودين بالخارج ممن لهم حق التصويت بالاقتراع، وكذلك العاملين خارج البلاد ومن يعالج في الخارج.
وبسؤاله عما اذا كان التطوير يشمل السماح للسجناء من غير المدانين بالتصويت، قال ان «ذلك سيدخلنا في احتمالات الأثر القانوني للحكم الصادر على هؤلاء السجناء، وأعتقد أنه باستثناء هذه الفئة من التصويت فإننا نكون قد اعطينا شريحة كبيرة من المواطنين حق التصويت، فالطلاب خارج الكويت يتجاوز عددهم 15 ألفا، 50 في المئة منهم على الأقل يتجاوز عمرهم 21 عاما، ولهم حق التصويت، لكنهم محرومون منه بسبب سفرهم للخارج».
وعما إذا كان يؤيد خفض سن الناخب الى 18 عاما، قال المقاطع إن خفض السن الى 18 عاما مطلب مهم واساسي وقديم، لكن قبل ان يتم ذلك لابد ان يكون هناك حملة لتوعية المواطنين بحقوقهم السياسية، فالمواطن صاحب الـ 18 عاما قد لا يكون لديه الإلمام الكافي، وبالتالي من الضروري ان تتم حملة توعية مدروسة ومنسقة بصورة فعالة لجعل هذه الفئة على دراية، وهي فئة الثانوية العامة التي لابد من تثقيفها انتخابيا وسياسيا عن البرلمان وممثلي الأمة، وكل هذه الأمور التي تستحق ان يتم تنوير المواطنين بها.
التعديل الملحّ
من جانبه، ولدى سؤاله عن مدى الحاجة الى قانون جديد للانتخابات، في ظل 60 عاما على القانون الحالي، خصوصا بعدما قضت المحكمة الدستورية في 2012 بعدم دستورية اللجنة العليا للانتخابات، على اعتبار أنه لم يكن هناك حالة الضرورة انتابت مسألة إصدار مرسوم الضرورة بإنشائها، قال المستشار صلاح الماجد إن «قانون الانتخابات شأنه شأن أي قانون آخر هو نتاج بشري، وبالتالي يتطور مع التطور البشري، ونحن مع تعديل القوانين وتطويرها».
وأضاف الماجد إن «قانون الانتخاب مضى عليه سنوات كثيرة، وفي الواقع العملي هناك أمور تحتاج الى تعديل، ولا أرى أن هناك حاجة ملحة لتعديل القانون بالكامل، لكن هناك مواد تحتاج الى بعض التعديل والتطوير، وفقا لما جرى عليه الزمن».
وعن إنشاء هيئة عامة للانتخابات، قال ان «ذلك قد يكون مطلبا حكوميا، لأنه قدم كمرسوم ضرورة وابطلته المحكمة الدستورية لعدم وجود الضرورة، ولكن لما طبق هذا المرسوم في الواقع العملي أحدث ربكة وحرجا أمام القضاء، لأن من اشرف على اللجنة وعملية الشطب كانوا مستشاري محكمة التمييز والاستئناف، وجاءت محاكم ابتدائية وألغت قراراتهم، وأصبح هناك قاض يشطب وقاض يلغي الشطب».
وأضاف «نحن مع تعديل وتطوير القانون دون تشويه أو وجود ما قد يسبب الحرج، فلا مانع من التعديل في مسائل القيد بأن يكون عبر البطاقة المدنية، ولا مانع من مسألة التصويت أو الفرز الإلكتروني، ولا مانع من وجود هيئة مستقلة، لكن لابد ان يكون لها تنظيم خاص في مسالة مراقبة القيود، لأن قانون الانتخابات فكرته الأساسية انه قانون إجرائي، فالقيود والطعن عليها يتم بإشراف قضائي».
ولفت إلى أن الحديث عن تدخل السلطة أو إشراف وزارة الداخلية على هذه القيود، ومن ثم العبث بالانتخابات غير دقيق، لأن جميع هذه الإجراءات تتم تحت بصر القضاء، لأن القيد الانتخابي سمح لكل من هو صاحب مصلحة ان يطعن خلال تلك الفترة في القيود، ويبين مواطن الخلل فيها تحت إشراف القضاء، إذن تسجيل الناخب في القيد أو تعديله أو شطبه يكون تحت بصر القاضي.
العبدالله: إصدار قانون جديد
قال المحامي حسين العبدالله، إنه نظرا لضيق زمن صدور قرارات الدعوة للانتخابات، وفتح باب الترشح، ورقابة القضاء، ورقابة اللجنة الخاصة بإدارة الانتخابات، فإنه على المشرع إعادة النظر في قانون الانتخاب، بأن يسند دائرة من الدوائر التي تتولى مسألة النظر في قرارات استبعاد الترشح إلى اللجنة أو الهيئة العليا للانتخابات، لفحصها، وتولي عملية الاستبعاد.
وتساءل عمَّا إذا كان القضاء الإداري لديه القدرة على تولي رقابة مثل هذه القرارات، أم نحن بحاجة لدائرة متخصصة لهذا النوع من الدعاوى، الذي يتطلب فحصا وبحثا وموضوعية، للتأكد من سلامة القرارات، أم تسند المسألة، برمتها إلى دوائر القضائية متخصصة، وإن كانت من القضاء الإداري، ويكون لها تقاض سريع يحدد بفترة زمنية؟ وعن شروط الترشح، رأى أنه من الضروري جدا أن يتوسع المشرع العادي، ممثلا في قانون الانتخاب، بإضافة مجموعة من الشروط، خصوصا أن المادة 82 من الدستور عهدت إليه، بأن يأتي بشروط مثل المؤهل والخبرة القانونية، وغيرها، لسد هذا الفراغ، خصوصا أن الشروط الموجودة صادرة عام 1960، ولم تعد صالحة لتوافرها في عدد كبير من المرشحين.
وبسؤاله عما اذا كانت هذه الفترة تمثل بالفعل ضمانة كافية لسلامة القيد الانتخابي، وهي الفترة من بداية فبراير حتى 20 أبريل، والتي تكون بيد وزارة الداخلية ممثلة بإدارة الانتخابات، ثم بعد ذلك تبدأ عملية الطعن على الجداول أمام قاضي الطعون الانتخابية من درجة واحدة، رغم صدور أحكام قضائية لاحقة ذكرت امكانية استئناف احكام قاضي الطعون ثم الغيت بعد ذلك، قال الماجد: «سلمنا جدلا بأن هناك تعديلا على هذه المادة، وسمحنا بالقيد عن طريق البطاقة المدنية، وفتحنا باب الطعن فإن مر فسيصبح تحت نظر القضاء، ومن ثم تصبح تلك القيود تحت نظر السلامة، وبالتالي لا ضرر في المسألة ان يكون القاضي مشرفا على هذه القيود الانتخابية، وعلى كل ذي مصلحة ان يقدم اثباته على العبث والتغيير، كما انه يمنع نقل الأصوات من دائرة إلى اخرى بسبب وجود هذه الضمانة، وهي التسجيل عن طريق البطاقة المدنية».
وعما إذا كانت السوابق أحدثت بعض التلاعب، وجاء القضاء وألغى بعض القيود غير السليمة على حد ذاكرته في «الفتوى والتشريع»، قال: نعم حدث ذلك عندما كنا مشرفين على الطعون على القيود الانتخابية صدر كثير من الأحكام بإلغاء قيود او اضافة قيود في فترة السماح، كما ان المحكمة الدستورية في حالة توافر شروط الناخب فتحت الباب (بخلاف الموطن الانتخابي) وسمحت وراقبت وأبطلت انتخابات، لأن من صوت تبين انه متوفى أو مسجون أو عسكري، وبالتالي اصبحت العملية تحت سلامة القضاء.
وبسؤاله هل كانت وزارة الداخلية، خلال 60 عاما، قادرة على بسط رقابتها على القيود الانتخابية، ام ان العملية اكبر من قدراتها، إذ مازالت هناك اسماء وفيات ومساجين ولم يتم ازالتها، وهناك محكومون بجرائم مخلة بالشرف والأمانة يسمح لهم بالانتخاب، وهل هذا نابع من عدم قدرتها على فلترة الجداول الانتخابية، قال الماجد: إن الواقع العملي يقول انه من الصعوبة بمكان ان يكون هناك تطوير كل الجداول الانتخابية، لأن فلترة من صدر عليه احكام امر صعب، لأنها احكام ابتدائية تصدر بالإدانة بانتظار التمييز، وهي امور شائكة جدا، كما انه ليس هناك تعريف للاحكام التي تؤدي الى الحرمان من الانتخاب، فمن الصعب على وزارة الداخلية أو أي هيئة أخرى القيام بهذه الفلترة، غير انه من الممكن ان يتم الوقوف على شروط المرشح
بدوره، وبسؤاله عن رأيه في تجربة 60 عاما من قانون الانتخاب، ومدى الحاجة الى قانون جديد وعن بسط وزارة الداخلية الرقابة على القيود الانتخابية، أكد المحامي عبدالرحمن البراك أن ذلك القانون يحتاج الى تغيير، إذ لا يمكن البقاء عليه بعد مرور 60 عاما كما هو باستثناء بعض التعديلات التي طرأت عليه في أعوام معينة بالسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، مطالباً بمراجعة هذا القانون لتغير الشريحة السياسية، إذ اصبح هناك 500 ألف مواطن لهم حق التصويت، ومن ثم يجب إعادة النظر في هذا القانون تماما، مشيرا إلى أن المتطلبات المذكورة آنفا كالفرز الإلكتروني، وتصويت المواطنين في الخارج كلها مهمة.
وذكر البراك أن هناك من يمارس حق التصويت رغم أنه محكوم بعقوبات وجرائم قد تحرمه من هذا الحق، ويساعده في ذلك للأسف عدم وضع المشرّع على سبيل الحصر الجرائم المخلة بالشرف والأمانة ضمن موانع التصويت، مما يؤدي إلى إحداث ربكة.
وعن القيود الانتخابية وبسط وزارة الداخلية يدها عليها، أكد انه لا يجوز ان نجعل جزءاً من السلطة يمارس ويشرف على هذه العملية، بما ان الهيئة العامة للمعلومات المدنية انتقلت إلى هذه الوزارة أو تعمل تحت إشرافها في عام 2018.
وذكر أن دائرة واحدة من الدوائر شهدت 11 ألف نقل بما يمثل 23 في المئة من سنة 2014 إلى 2018 والسلطة لها يد في هذا الأمر، ولديها هدف وهو يتحقق من خلال اختيار عناصر معينة في الانتخابات تسهّل عملية نقل الأصوات.
ولفت إلى أن الهيئة العامة للمعلومات المدنية وصل بها الحال إلى أن يتم النقل عبر الهاتف، علماً أن النقل من عنوان إلى آخر لابد أن يتم بالأوراق الرسمية وأمام الموظف المختص وتأخذ المعاملة بضعة أيام حتى يتم النقل أو يتم تغيير العنوان، لكن السلطة فتحت هذا الأمر متعمدةً، حتى يتم خلق مجلس حميم ومطواع وصديق لها.
حياكة سيناريو
وذكر البراك أن هذا الأمر مرتبط بسياسة السلطة من خلال فتح أبواب لحياكة سيناريو معين للمجلس المقبل، وهذه وقائع تتم حالياً، فعن طريق الهاتف يتم نقل مئات الأشخاص من منطقة إلى منطقة، فتخيل أن مرشحاً من الدائرة الأولى وناخبيه من الدائرة الثانية وبالتالي لا تكون الأصوات معبرة تعبيرا حقيقيا عن إرادة الأمة.
وأكد ان هذا الامر تضليل للناخبين والعملية الانتخابية، فجزء كبير من المصوتين في بعض المناطق لا ينتمون لها أصلا وغير موجودين فيها، وهي امور خلقتها السلطة للأسف ممثلة في وزارة الداخلية.
ولفت إلى ان العملية الانتخابية تشهد تزويرا لارادة الناخبين، فالنقل الصوري يؤكد هذا التزوير الذي يتم بأوامر من السلطة التي تفتح الابواب لمرشحين معينين حتى يصلوا الى قبة عبدالله السالم.
وبسؤاله عما اذا كان ذلك ينعكس على سلامة القيد الانتخابي، قال: «طبعا، بل يربك العملية الانتخابية ويشوه العملية الديمقراطية في حد ذاتها»، مشيرا الى ان اقرار الصوت الواحد كان احد اهم اسباب تعزيز عملية نقل الاصوات، إذ كان من الملاحظ ان عتبة النجاح في «الأصوات الأربعة»، كانت تتعدى خمسة آلاف صوت وأحيانا 10 آلاف صوت، أما حاليا فهي لا تتعدى 1600 صوت أو ألفين أو 3 آلاف كحد أعلى، موضحا أن ذلك مخطط له ويتم فتح الابواب للبعض للعبث بالقيود.
ولفت الى ان هناك ارتباطا بين بعض من يرشحون انفسهم للانتخابات وبعض المقربين من السلطة، وهو ما فتح الباب على مصراعيه في عملية نقل الأصوات.
وبيّن أن «الداخلية» تشرف على القيود والنقل والاعتراضات، فضلاً عن أنها تربك العمل القضائي المشرف على عملية الطعون، مؤكداً أنه من غير المعقول ونحن في 2020 ألا يتم تحديث لعملية القيود الانتخابية، اذ لابد من الربط بين وزارتي الداخلية والعدل فيما يخص الأحكام القضائية، فالاتحاد الاوروبى مثلا بكثرة دوله ومواطنيه استطاع ان يؤسس سوقا موحدا واتحادا جمركيا، والكويت بعدد سكانها القليل وقلة من لهم حق التصويت وهم حوالي 500 ألف غير قادرة على ضبط عملية القيود الانتخابية.
التشريعات المقارنة
من جانبه، قال المحامي حسين العبدالله إنه كان يتعين على المشرّع الكويتي أن يفعل ما فعلته التشريعات المقارنة في مصر في 2014 حين أنشأت الهيئة العليا للانتخابات، التي اثبتت جدواها في الواقع العملي، وسمحت بوجود قيد انتخابي للناخبين طوال السنة، في حين أن التجربة الكويتية القيد فيها مرتبط بشهر فبراير، وحين تحدث بعض المسائل المرتبطة بالانتخابات التكميلية يتم تعليق القيود الانتخابية، وهو امر لا يستقيم مع فكرة السماح بالقيد الانتخابي على مدار العام.
وأكد العبدالله ضرورة ان تشكل هذه الهيئة، في حال إقرارها، من أعضاء محايدين ومستقلين، موضحا ان ذلك يبدأ من سلامة القيد الانتخابي، فالعملية الانتخابية عبارة عن مجموعة إجراءات إن صلحت في بدايتها صلحت نتائجها والعكس.
ولفت الى ضرورة إسناد تلك العملية إلى رجال مختصين من القانون للتدقيق على توافر الشروط التي فرضها المشرع فيمن ينتخب أو يمارس القيد.
«الداخلية» ترفض المشاركة في الحلقة
في الوقت الذي دعت «الجريدة» إدارة الانتخابات في وزارة الداخلية للمشاركة في الحلقة النقاشية اشترطت إدارة العلاقات العامة والإعلام الأمني بالوزارة إرسال طلب مكتوب من «الجريدة» إليها، وبعد إرساله أبلغت تلك الإدارة «الجريدة» رفض مشاركة «إدارة الانتخابات» في الحلقة، والاكتفاء بإعداد أجوبة مكتوبة منها على المحاور المرسلة من «الجريدة»، ووعدت بإرسالها في موعد أقصاه أمس لنشرها اليوم مع الحلقة.
إلا أن «العلاقات العامة» لم ترسل هذه الأجوبة، ومنا إلى المسؤولين للنظر بذلك.
وذكر أن هذه الهيئة يجب أن يناط بها مسألة التظلم ونظر دوائر قضائية متخصصة للطعن على القيود الانتخابية، موضحاً أن التجربة الكويتية نجد فيها أن قاضي الطعون الانتخابية يمارس اختصاصه في فترة وجيزة لا تتعدى شهرا، خصوصا ان قانون الانتخابات يجعل القاضي يفصل في الطعون الانتخابية حتى 30 يونيو من كل عام، وهو أمر لا يستقيم مع فكرة تحقيق العدالة التي تستلزم من القاضي أن يأتي بكشوف انتخابية، ويطلع عليها، وهي مسألة موضوعية تتطلب البحث والتمحيص، وإحالتها إلى التحقيق، ولا يمكن ان ينفرد بها قاضٍ واحد بل يجب اسنادها إلى هيئة ثلاثية على الاقل ويتم استئناف الاحكام الصادرة في هذه المسألة.
وأضاف العبدالله إنه ازاء هذه الحالة من عدم التنظيم، فإن هناك اضعافا لرقابة القضاء على العملية الانتخابية.
وفيما يتعلق برقابة الحملات الانتخابية، قال انها منعدمة، إذ لا يتم رقابة تلك الحملات والتأكد من خلوها من المال السياسي، موضحاً أن التشريعات المقارنة في مصر وفرنسا مثلاً تخضع المرشحين لفتح حساب مالي ومن ثم تسهل رقابته من الهيئة العليا للانتخابات، والتأكد من مصادر أمواله، حتى يحدث نوع من التوازن والمساواة في المراكز القانونية للمرشحين.
وعن شروط الترشيح، طالب العبدالله بتشريع قانون انتخاب يواكب هذه المسألة، موضحا أن عملية الاقتراع حالياً عملية طويلة تبدأ من الثامنة صباحا حتى الثامنة مساء، ثم تبدأ بعد ذلك عملية الفرز والنتائج الاولية، ثم الانتقال الى اللجان الفرعية ثم الرئيسية في عملية طويلة تتطلب جهدا كبيرا من القضاة المشرفين عليها، وهو ما يتسبب في وقوع اخطاء تؤدي فيما بعد إلى بطلان العملية الانتخابية، وبالتالي لابد من اختصار تلك الفترة واللجوء الى التصويت الالكتروني والفرز الالكتروني، مطالبا بالفصل في الطعون الانتخابية في مدد معينة.
المحور الثاني: رقابة القضاء على شروط الترشيح
وقال دكتور محمد المقاطع إن قانون الانتخابات ليس قانون إجرائياً بل هو قانون إجرائي موضعي في نفس الوقت، لأن لجان القيد لديها اختصاصات إجرائية وموضوعية، فهي من تبت وتنظر في سلامة طالب القيد او حذف اسمه أو حذف من هو من أصحاب المصلحة، مؤكدا أنه اذا كانت اجراءات القيد من البداية سليمة وبعيدة عن المظنة التي تدخل في شبهات التلاعب فسيتم تقليل الطعون فيما بعد.
وأوضح أن الطعون الانتخابية والطعون في القيود كلاهما طعون يجب ان تنظر بصورة عاجلة حتى لا يمتد اجلها الى اكثر من الفترات الطبيعية، وحتى يتم هذا الأمر بالسرعة المناسبة لابد ان تكون الضمانات المسبقة والمتزامنة واللاحقة للعملية الانتخابية كلها ضمانات محبوكة دقيقة منضبطة حتى تمنع اي نوع من التلاعب في اي مرحلة من المراحل.
وذكر المقاطع ان القيود الانتخابية اليوم خالية من الانضباط، وضرب مثلا على ذلك بأن احصائيات قيد الناخبين خلال الفترة من 2010 إلى 2018 تظهر أنه في السنوات التي تلت الانتخابات تجد اعداد المقيدين في كل دائرة لا تتجاوز 500 ناخب، وفي السنوات التي تسبق الانتخابات او في سنة الانتخابات، مثل عامنا الحالي 2020، نشرت جريدة «الجريدة» توقعات بأن يصل عدد القيود الى 70 ألفا، ولذلك سترتفع العملية من 500 كمعدل الى 4 آلاف في كل دائرة أي 7 أضعاف.
الهجرة بين الدوائر
وأضاف المقاطع أنه يلاحظ أن هناك هجرة بين الدوائر والمنوط بملاحظة ذلك هي وزارة الداخلية، وهناك نحو 2000 قيد اخرى، وبالتالي يتم ضخ نحو 6000 ناخب جديد الى كل دائرة اضافة الى عدم حذف أسماء المتوفين وغيرهم، ويتراوح عددهم بين 1200 و1300 تقريبا، مما يعني وجود 7 أو 8 آلاف في كل دائرة، اي لدينا حركة ناخبين تصل الى نحو ثمانية في المئة من اعداد الناخبين، وسواء كان التصويت بنظام الصوت الواحد او الاصوات الاربعة سنجد أن متوسط النجاح بين المرشح الاول والمرشح الخامس عشر مثلا لا يتجاوز 300 صوت.
وذكر أن عدد 4500 نخب ليس بالكبير في مقابل اعداد الناخبين التي تتغير في كل دائرة وتصل الى 7000 أو 8000، مما يعني حدوث عبث بالعملية الانتخابية بصورة مستمرة في كل الانتخابات، وحتى يتم اغلاق هذا الباب ونطمئن الناس ونشعرهم بأن السلطة ليست طرفا او حريصة على ان تهيمن على العملية الانتخابية لابد من اسناد الامر الى هيئة مستقلة.
وتساءل: قدمت السلطة في 2012 مرسوما بقانون لإنشاء اللجنة العليا للانتخابات وبعد إلغاء هذا المرسوم لماذا لم تبادر الحكومة بعد نحو ثماني سنوات الى تقديم مشروع بديل يتجاوز العقبات، ويحل الاشكاليات بالتعاون مع اعضاء مجلس الامة؟
وتابع أن عدم تقديم هذا المشروع الى الآن يشكك في صدق النوايا بشأن المشروع الذي تم الغاؤه وما اذا كان ذلك الامر مقصودا كلغم لإبطال الانتخابات التي تمت أم ان الامر به فعلا مصداقية، وان كانت هناك مصداقية فالحكومة الآن على المحك، لأن هناك مشروعا مقدما لدى مجلس الامة مدروسا ومتكاملا ليتم الموافقة عليه.
قانون الانتخاب معطل
وقال إن البعض لا يعلم ان قانون الانتخاب معطل تطبيقه من وزارة الداخلية، والمثال على ذلك ان المادة الثامنة منه توجب عددا من الالتزامات الادارية على وزارة الداخلية، كما أن هناك التزامات على الناخبين، ومن هذه الالتزامات تحرير جداول الانتخاب في شهر فبراير من كل عام أو تعديلها، أي يجب مراجعة الجداول في فبراير سنويا، للتأكد من سلامة أمور كثيرة مثل إضافة اسماء من بلغ السن القانونية للتصويت، وإضافة أسماء من أهملوا بغير حق في الجداول السابقة، وحذف اسماء المتوفين، وحذف من كانت أسماؤهم مدرجة بغير حق أو من فقد الصفات المطلوبة منذ آخر مراجعة مثل سحب الجنسية وصدور احكام قضائية ضده.
وأوضح أن هناك نصا في القانون يعطي الحق للجنة القيد بأن تسمع أقوال مقدم الطلب او من قدم في شأنه الطلب، وأن تجري ما تراه مناسبا ولازما من تحقيق وتحريات في طلبات الإدراج مثل تغيير القيود الانتخابية، مؤكدا أنه لو تم التحقيق والتحريات في شبهات النقل والقيد لمنع العبث في هذا الامر، وفي الجداول الانتخابية غير أن وزارة الداخلية متقاعسة عن تطبيق المادتين 11 و٨ من قانون الانتخابات.
هيئة مستقلة
ودعا المقاطع مجددا الى اسناد الامر برمته الى لجنة او هيئة مستقلة حتى تبعد السلطة نفسها عن موضع الشبهات، ويتم تجاوز جميع الاشكاليات، لافتا الى امكانية تشكيل هذه اللجنة من غير القضاة، اي من رجال القانون والسياسة او من قضاة متقاعدين للابتعاد عن مسألة وضع القضاة في حرج.
وأكد أننا في دولة قانون، ويفترض ان يعرف القاضي من البداية أنه حينما يكون في لجنة ادارية تابعة للسلطة التنفيذية فإنه قد خرج عن الاختصاص القضائي، ودخل في الاختصاص الولائي، وفي ذلك الاختصاص يكون العمل إداريا، ويجب ان تتم مراقبته من القضاء بصورة كاملة.
وطالب بضرورة كف يد وزارة الداخلية عن العبث بالقيود الانتخابية، موضحا ان الاحصائيات والتوقعات بحدوث نحو 70 ألف قيد هذا العام تكشف حدوث تغيير بنحو 12 في المئة في القيود والنقل، مما ينذر بقدوم مجلس أمة قد يكون خاضعا حتى لأهواء شخص واحد يتحكم فيه، وهي قضية خطيرة جدا، ويجب تطهير العملية الانتخابية برمتها من كل العيوب، خصوصا عيوب القيد الانتخابي.
وذكر ان هناك سوء فهم لما ورد في القانون من ان تلك القيود الانتخابية محصنة، ولكن هذا التحصين يكون فقط يوم الانتخاب، اما في أشهر فبراير ومارس وابريل فتكون هذه القيود مفتوحة للمراجعة والتدقيق والتغيير فيها، حسبما هو مقرر في المادتين 8 و11 من قانون الانتخاب.
الرقابة
وعن الرقابة على شروط الترشح، قال المقاطع ان الهيئة العليا للانتخابات يجب ان تكون هي المعنية بذلك لا وزارة الداخلية، فهناك مرشحون صدر عليهم أحكام جنايات، وأصبحوا اعضاء في مجلس الامة، وهذه من الأمور المخجلة، كما أن هناك اشخاصا صدرت بحقهم احكام الافلاس، والمفلس بحسب القانون لا يجوز له الترشح ورغم ذلك تم الترشح.
وأكد أن الرقابة لابد أن تتم عبر عملية اشرافية سابقة للانتخابات ومتزامنة معها ولاحقة عليها، ولا يكفي ان يأتي القضاء ويراقب إجراءات شهدت من البداية عبثا وتدخلا كبيرا، لأنه لن يستطيع ان يلاحق هذه الجزئيات من ناحية، والناس لن تستطيع ان تقدم الطعون الكافية على من يفقد شروط الانتخاب من ناحية أخرى.
وأوضح أنه يؤيد التشدد من البداية في العملية الانتخابية بوجود هيئة عليا للانتخابات للإشراف على هذه العملية، ويأتي بعد ذلك دور القضاء ليراقب من فقد شروط الترشيح أو لم يحُزها من البداية.
ورأى أن هناك توسعا فيما يخص تلك الشروط في قانون الانتخاب، خصوصا ما يتعلق به سقوط حق الانتخاب لدى المدان بجنح حتى وإن كانت قليلة بما يشمل الجرائم المخلة بالامانة والشرف، فالقانون يقصد بتلك الجنح ما يتعلق بالذمة المالية وبأمانة التعامل وصدق الانسان، لكن اليوم تم إدخال الجرائم السياسية ضمن هذه الجنح، وكذلك الاعمال التي تتعلق بحرية الرأي تم إدخالها ضمن الامور التي تمنع الإنسان من الترشح، وأعتقد أن ذلك عين الظلم والطغيان الذي يحدث في تطبيق قانون الانتخابات.
وطالب بأن يكون دور القضاء محايدا في مسألة الانحياز إلى الدستور، بل يجب ان يكون حازما في ذلك، ويتصدى للشروط التي تمنع الناس وتحجبهم عن ممارسة حقوقهم السياسية.
من جانبه، قال المستشار صلاح الماجد، إن القيود الانتخابية موجودة، ويتم نشرها، وعلى كل ذي مصلحة أن يطعن عليها، ويقدم دليله على أنها شابها عبث، وما إذا كانت حقيقية من عدمه، وذلك كُله تحت إشراف القضاء، فالسلامة في الأخير يتم إرجاعها إلى القضاء، و»لو سلمنا جدلا بوجود هيئة مستقلة، فإنها لن تكون بمعزل عمَّا رميت به وزارة الداخلية».
هيئة لمراقبة القيود الانتخابية
وأكد أنه لا مانع من وجود هيئة تراقب عملية القيود الانتخابية، «فنحن مع تطوير القانون، إن كانت هناك نية لذلك»، موضحا أن «وزارة الداخلية مؤتمنة على أموالنا وأرواحنا، ونحن لسنا بصدد الدفاع عنها، وبالتالي من باب أولى أن تكون مؤتمنة على هذه القيود التي تتم تحت رقابة القضاء».
وعن الرقابة على شروط المرشح، قال الماجد إنه لم يكن في السابق هناك لجان لتلك الرقابة، وتقريبا بدأت لجنة الرقابة عملها في عام 1999، وهي لجنة مشكَّلة بنوع من الاستقلالية، وكانت برئاسة المستشار سلطان بوجروة على مدى سنوات وعضويتي وأعضاء من وزارة الداخلية من «التحقيقات»، وهي لجنة معنيَّة بشروط الترشح وانطباقها، وبعد استبعاد فاقدي الشروط يتم السماح بالطعون، وبالفعل جاءت محكمة وأيدت قرارات اللجنة، وجاءت أخرى وألغتها، وكان الأمر محل جدال ونقاش، حتى وصل إلى القضاء، الذي بسط رقابته على بعض القرارات، فألغى بعضها، وسمح للبعض الآخر بالانتخاب، لكن هناك توجها آخر بالنسبة لطرق الطعن ومواعيده في أول درجة و»الاستئناف» و»التمييز».
المقاطع: سلامة الانتخاب تقلل الطعون
ذكر د. المقاطع إن المادة 8 من قانون الانتخاب والمادة 11 منه، جعلت من وزارة الداخلية أو لجان القيد عين الناس على الدوائر الانتخابية، فلماذا تتقاعس الوزارة عن ممارسة اختصاصها، وفقا لهاتين المادتين؟ مؤكدا أن هذه المسألة أساسية، فالناخب لا يعلم تفاصيل المرشحين، مثلما تعلم الأجهزة المختصة، لذلك فإن اللجنة الوطنية العليا المستقلة ستبعد «الداخلية» عن مظنة الشك.
وأضاف: «أنا لا أفضِّل أن تذهب مسألة الرقابة إلى المحكمة العليا، وهي محكمة التمييز، لأن هذه المحكمة في النهاية لن تستطيع اللجوء إلى طرق أخرى للطعن في قراراتها، على اعتبار أن حكمها بات، إضافة إلى إمكانية الدخول في إشكالية رد القضاء، الذي يكون صعبا في المحاكم العليا.
وتابع: «أعتقد أن الدائرة الإدارية في محكمة الاستئناف يمكن أن تكون هي الجهة المختصة لحل هذه الأمور، مع الأخذ بالاعتبار أنه إذا ضمنا سلامة الإجراءات في البداية وأثناء عملية الانتخاب وبعدها، سيقل عدد الطعون، وستكون هناك محاضر تعين القاضي على البت فيها».
وبسؤاله عمَّا إذا كنا نحتاج في تلك الجزئية تحديدا إلى قضاء متخصص وسرعة للفصل في طعون القيد، قال: «من وجهة نظري إذا كان هناك تعديل، فيجب أن يكون عبر إسناد هذه الطعون إلى محكمة التمييز، لتفصل فيها في فترة وجيزة، حتى لا يتم إرباك العملية الانتخابية، لأن إبعاد المرشح والطعن عليه واستمراره في مراحل الدعوى يؤدي إلى حدوث إرباك حول تسجيل بطاقات الترشح في الجداول، وبالتالي الدخول في جدال».
وبسؤاله، بأنه في انتخابات 2016 فصلت محكمة التمييز يوم الخميس في طعون، وحرمت مرشحين، في حين كانت الانتخابات يوم السبت، أي أن بين حكم المحكمة وعملية الاقتراع يوم واحد فقط، إن كان ذلك سليما؟ قال: لا.
وأوضح أن إسناد هذه الطعون إلى قاضي التمييز، فلأنه ينظرها من دون رأي نيابة التمييز، لأن هذه الطعون ليست طعونا للتمييز، على أن تباشرها المحكمة كمحكمة موضوع، فإن كان القرار صحيحا أيَّدته، وإلا فالعكس، خلال فترة وجيزة، حتى تستقر القيود.
وعن اللجنة التي شكلت، وكان عضوا فيها، وعمَّا إذا كان هناك توسع مارسته هذه اللجنة خلال السنوات الماضية، بأن أدخلت الجنح في جرائم «تويتر»، وأدخلت مَن يفتقد اللياقة الصحية والنفسية، وكذلك توسعت في بعض المسائل التي لم ترد صراحة، لا في المادة 82، ولا في قانون الانتخاب، قال: «لا شك في أن دور اللجنة في هذا الملف كان عملا إنشائيا، ووجهات نظر تبحث فيها، ودائما ما نقول إن هذه اللجنة هي عين الناخب، فهو لا يعرف السيرة الذاتية للمرشح، وبالتالي تشكل اللجنة الحد الأدنى، لذلك فهي تبحث المسائل، ولو رأت مسألة فيها خلاف، واتجه الرأى إلى أن المرشح يحوز أسباب الحرمان، فاللجنة ترد الأمر إلى القضاء، لعلمها أنه المرد الحقيقي، وكثير من الأحكام أيَّدت اللجنة في جزئيات معينة، وأصبح ذلك مكملا لما هو موجود».
شروط الترشح
وبسؤاله عمَّا إذا كان يؤيد تعديل شروط الترشح في سن المرشح ومؤهلاته وعمله، قال الماجد إن وجود شروط جامدة يقيد المسألة، ولا يحلها، فالمشرِّع في نص المادة 82 وضع شروطا معينة، وأسندها إلى قانون الانتخاب، الذي وضع شروطا محددة.
وأضاف: «المتمعن في شروط الانتخاب، وخاصة حرمان المحكوم بجناية، يجدها أخف وطأة مما هو وارد في قانون الخدمة المدنية، فشروط المرشح قد تكون أخف من شروط تولي الوظيفة العامة التي قيدها المشرع بعدم عقاب المتقدم لها بعقوبة مقيدة للحرية، حتى لو كانت يوما واحدا»، موضحا أنه لا يؤيد تقنين الجرائم المخلة بالشرف والأمانة.
من جانبه، قال المحامي البراك عن رقابة القضاء على شروط الترشح، إن شروط الترشح هي ذاتها شروط الناخب باستثناء السن، مؤكدا أن سلامة القيود الانتخابية من سلامة المرشحين.
وذكر البراك أن تشكيل «الداخلية» لجنة لرقابة هذه الشروط، وإن كان يرأسها قاضٍ، فإن هذا القاضي يمارس عمله بطريقة إدارية، ولا يصدر أحكاما، مطالبا السُّلطة بأن تنأى بنفسها عن الشكوك، عبر إسناد هذه الرقابة إلى هيئة مستقلة من لجان الاختصاص وأصحاب الخبرة والكفاءة والسياسيين ممن يحظون بثقة المجتمع.
وعن رأيه في شروط الترشح، وما إذا كانت تحتاج إلى تعديل، قال: «أعتقد أن المشرع عليه توضيح شروط معينة، خصوصا ما يتعلق بالأحكام الصادرة على مرشح في موضوع الجنح المخلة بالشرف والأمانة والعقوبة بالجناية»، موضحا أن تلك الشروط كافية في هذه المرحلة.