“لا شوز” La Chose وصهيل الحنين في عيد الحب
النشرة الدولية – نزهة عزيزي –
تعثرت بنصه فأسكتت صهيل الحنين، ربما لشوقها لحضن دافيء، أو لقبلة محمومة.
الاحضان في المدن الثلجية باردةٌ،
القبل والأسرة، لاتروي ظمأ وحدة آخر الليل.
جاء نصه دافئاً، كشمس خجولة تستأذن لتدخل عير الزجاج السميك حيث يقبع قلبها. كيف يخرج بعض المجانين بالكتابة من نصوص لا يدركون أثرها الحقيقي في نفوس قرائهم.
كانت تحاول أن تقبض على ذلك الشيء الذي لم تجد له إسمًا آخر.
تذكَّرت مقولة أحدى صديقاتها منذ أكثر من عشرين سنة عندما كانت تتحدث عن الحب، لم تكن تقول الحب، كان الحبُ مغيباً عن قاموسنا، كانت تقول عندما أشعر بالشيء. كانت تقولها باللغة الفرنسية وكان وقع الكلمة مختلفا تماما عنه في العربية: “لا شوز” La Chose. لا أعرف لماذا برعنا في تشويه كلمة حب. وإذا به يعود إلي من نص ما، في زمن ما في غفلة بين أرقين.
كان ذلك الرجل يكتب ويسافر، ويشرب ويحلم، لا أعرف عدد صباحاته داخل حديقته الزجاجية وكم من الحكايات حكاها لقطه “ماكس” وكم من الجنون والحماقات إرتكب وهو ينزل في مطار ما او يغازل إمرأة ما، لا شأن لي بعدد الأجساد التي عبرت سريره في تلك الفنادق الفخمة، هي رحلة ظمأ لا تنتهي إلا وهو يستيقظ بقلب مقلوب بنفس الظمأ.
رَجُلي يخفى حزنه خلف جدران الكلمات ويدس حنينا كالالغام بين السطور. تسرب إلي. حضنته كعصفور يرتجف من البرد، كانت أصابع حزنه باردة فنفخت فيها شيئًا من أنفاسه االمنهكة. كمن يحاول إشعال فتيل موقد في كوخ منسي في غابة الأناضول، لا نحتاج لجواز سفر لنعبر داخل أرواح متعبة. فقط قليل من الحب وحضن.
كان يتسرب كله بين أصابع قصيدة ولم تكن جاهزة للاحتواء ولا “للشيء”. فهو رجل لايهتم اذا كان الباب مفتوحا او مواربا او موصدا. يقف كمطاحن دونكشوت مشرعًا صدره الى الرياح او الهوى، قال لها: أنا لا اتفلسف كثيرا فقط أعيش اللحظة. وكان صوتها الداخلي يردد ليس مع إمرأة سريعة العطب. لم تعد تركض في ماراثون الحب، لم تعد أنفاسها طويلة، متعبة من قصص الحب والغرام وشد خيول الشهوة دون لجام. همست له بلطف: لنشرب نخب لقائنا ونتحدث طويلا طويلا كطفلين عن نوارس غربتنا وتشردنا، وليربت كلانا على كتف الآخر ليطمئنه: لا تخف أنا معك سنعود إلى البيت.
***
* نزهة عزيزي/كاتبة جزائرية