بين الردع والتحرير!
بقلم: ثريا عاصي

ثريا عاصي: حرباً كونية تُشن على سوريا.. وتشكيل الحكومة خاضع لتأثيرات أقليمية وداخلية - شبكة بالعربي الإخبارية

النشرة الدولية –

لا جدال في تعريف الإستعمارالإستيطاني الصهيوني وفي العلاقة العضوية التي تربطه بالإستعمار الغربي الجديد تحت مسميات مثل “التحالف ضد الإرهاب” و”صراع الحضارات” في سبيل الهيمنة، أو قل أن هذا الجدال مثير للشبهة ، كون الغاية منه الخداع والتعمية . ينبني عليه أننا في الواقع حيال سيرورة استعمارية متواصلة، توسعية على حساب السكان الأصليين، المطلوب ترحيلهم وإخلائهم بالوسائل المعروفة التي ابتدع هذا المستعمر المسوغات العقائدية لها والسرديات الأسطورية التي توجبها وتلزمها.

أنتقل بعد هذه المقدمة إلى مقاربة مسألة جدار الردع كوسيلة دفاعية ضد حملات وغزوات الاستعمار المشار إليه، في غير منطقة، المتتالية والمتناسقة والمتشابكة فيما بينها . هنا يحسن التذكير أن هذا الأسلوب اعتمد بحسب ظني من المعسكر الإشتراكي، ثم في كوريا الشمالية، كما يتبعه الإيرانيون بعد الثورة التي أطاحت بالشاه، الذين لقنّوه أو يحاولون تلقينه للمقاومين في جنوب لبنان وفي قطاع غزة، هذا السجن غير المسقوف . ومن المعلوم في هذا السياق، أن “القوات الإسرائيلية” تعتبر نفسها في سباق مع الوقت، من أجل إسقاط منظومة الردع أو منع تدعيمها وتطويرها، لذا هي تحاول بين الفينة والفينة مهاجمتها ولكنها ترتد خائبة في كل مرة ، كما حدث في لبنان في حرب تموز 2006.

مهما يكن يجب ألا يغيب عن البال أن جدار الصواريخ الباليستية الرهيب الذي أقامه المعسكر الإشتراكي كان عديم الجدوى في منع الإنهيار.. من الطبيعي أن أكتفي هنا بهذه الملاحظة لأقتضب فأقول أن جدار الردع الدفاعي لا يحول على الأرجح، كوسيلة وحيدة، دون الوقوع في مأزق خانق يجعلنا، عملياً وموضوعيا، في قفص المستعمرين .

الرأي عندي أن هذا المعطى هو مثبت الآن في لبنان والعراق وسورية، وفي فلسطين على وجه الخصوص. من البديهي في هذا الصدد اني لا أدعي امتلاك الإجابات عن الأسئلة الكثيرة التي تبطنها كل هذه الملاحظات والمراجعات . ولا أعتقد أن هذه الأمور مطلوبة من الصحافي والمراقب، الذي يقتصر دوره من و جهة نظري على كشف ما يجري وإثارة التساؤلات حول الأفعال والفاعلين والأهداف المنشودة!

ولكن التسليم بهذا كله لا يمنعنا من القول أن الردع ضد هجمات العدو ذو مفعول مزدوج بمعنى أنه يجعلنا أحياناً، نهمل التحرير، بل نمنع الإنسان من أن يتحرر، وهو الدعامة الأساس لركائز جدار الردع. هذه معادلة لا تحتاج كما أظن لبراهين وأدلة . وفي مختلف الأحوال فمن نافل القول أن الأوضاع ليست متشابهة في كل مكان، فإذا كان الإحتماء ممكناً بعض الوقت خلف جدار الردع في بعض البلدان، فإن الانشغال الكامل بالمحافظة عليه في بلدان أخرى وصرف النظر عن التحرير، يتيح للمستعمر فرصة الإلتفاف عليه والدخول إلى البلاد بواسطة الإغواء وشل القدرات العقلية والمادية!

زر الذهاب إلى الأعلى