ترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع الاحتلال الاسرائيلي… ورقة ضغط بيد “العهد”
بقلم: ايناس كريمة
النشرة الدولية –
لبنان 24 –
يبدو ان المفاوضات الحاصلة حول عملية ترسيم الحدود البحرية والوساطة الاميركية والمزايدات المحلية ومجمل التعقيدات التي تحيط بهذا الملف مؤشر واضح على تحوّل الترسيم من مشروع تقني الى ورقة سياسية بحتة تستغلها القوى اللبنانية في معركة شدّ الحبال وتحسين الشروط.
ولعلّ الموفد الاميركي آموس هوكشتاين الذي يعمل كوسيط بين الدولة اللبنانية والاحتلال الاسرائيلي لم يُعطِ مواعيد مفتوحة او هامشاً زمنياً واسعاً لإتمام مهمته، بل على العكس فهو يتّجه خلال مهلة قصيرة الى إنهاء مهمّته في حال لم يتمّ الاتفاق بين الطرفين.
ولكن على ما يبدو فإن رئيس الجمهورية ميشال عون وفريق “العهد” بالإضافة الى “التيار الوطني الحر” يستغلّون ملف الترسيم في مناوراتهم السياسية ومحاولات المقايضة مع الاميركيين لتحسين واقعهم وفكّ الحصار سياسياً من حولهم، لذلك فإن عون يحكم قبضته على ملف ترسيم الحدود ويرفض مشاركة اي طرف من الاطراف اللبنانية الفاعلة فيه،حتى وإن كانت تملك الصلاحية.
ويساوم “التيار الوطني الحر” على تقديم بعض التنازلات في عملية ترسيم الحدود البحرية مقابل ثمن سياسي، ما من شأنه أن يفسح المجال امامه لتسجيل انجازات قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة تثبت للمعنيين أن “التيار” عاد بقوة الى الساحة السياسية وبات قادراً على المنافسة بعد وصوله الى تسوية تمكّنه من نزع القيود الدولية الامر الذي يمكّنه من تعزيز واقعه الشعبي ويزيد قدرته على عقد التحالفات قبل الاستحقاق البرلماني وبعده.
في المقابل يسعى خصوم “التيار الوطني الحر” الى حرمانه من أي إنجاز يسجّل للتاريخ في عهد الرئيس ميشال عون، فإما أن يتمّ ترسيم الحدود وفق القواعد المُتفق عليها بين جميع الافرقاء في لبنان، او يصار الى تأجيل هذا الملف الى ما بعد نهاية “العهد”، إذ يرى هؤلاء أنه من غير الوارد غضّ النظر عن تحويل ملف “ترسيم الحدود” الى حساب “العهد” على حساب مصلحة لبنان وحدوده البحرية في الأشهر الاخيرة من ولاية الرئيس، ومن هنا بات واضحاً لمَ لا يبدو البعض متحمّساً لسقف بعبدا التفاوضي.
وبهكذا يتبدّل ملف ترسيم الحدود البحرية بمفهومه التقني ليصبح ملفاً سياسياً لبنانياً بانتظار تطورات اقليمية تلقي بثقلها على الساحة اللبنانية وتجعل من عملية الترسيم تفصيلاً يتوافق عليه المعنيون بمجرّد اتفاق الاقليم على كيفية تقاسم النفوذ في لبنان والمنطقة، وهذا الامر قد يكون قريباً وفق المؤشرات الايجابية التي تصدر باستمرار عن مفاوضات “ڤيينا” وعن التواصل الاقليمي المنتظم بين ايران والسعودية من جهة وبين سوريا والسعودية من جهة اخرى.