“كورونا” فيروس يفتكُ بالبشر وينشر الكراهية بين الشعوب
النشرة الدولية –
ولد فيروس كورونا المستجد في غمرة انتشاره، موجاتٍ متلاحقة من اللّغط والسلوكيات والمواقف التي لم تجد بَعْدُ شاطئاً تتكسّرُ على رماله، فالمعلومات التي تنشرها منظمة الصحة العالمية والجهات المحلية المختصة، وعلى الرغم من التزامهم جادة الشفافية والدقّة، إلا أن هذه المعلومات لم تكن لتهدئ من روع كثيرين ممّن يتملّكهم الذعر من خطر الفيروس الداهم.
وكان عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد ارتفع في العالم إلى أكثر من 102 ألف حالة، فيما بلغ عدد الذين قضوا بسبب هذا الفيروس أكثر من 3400 شخص في أكثر في أغلب دول حول العالم.
مواد التعقيم ونظرية المؤامرة
غسل اليدين بالماء والصابون، واستخدام السوائل المعقّمة لعشرات المرات في اليوم، سلوك لم يعد مستغرباً في الكثير من المناطق التي سُجّلت فيها إصاباتٌ بفيروس كورونا المستجد، تلك المناطق التي أخذ الناس يكدّسون في منازلهم مواد التعقيم والتنظيف التي خلت أو تكاد من أسواق تلك المناطق.
وفيما تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي نظريات تتحدث عن مؤامرة تقف وراء الـ”كورونا” المستجد، نجد أن أقنعة الوجه أخذت تتلتهم رفوف الصيدليات والمراكز الطبية في جميع أنحاء العالم.
محتوىً إعلامي مضلل
الأسواق الماليةُ تشهدُ انهياراً مرعباً، وقطاع السياحة والطيران يتهدده الشلل، فيما بعض وسائل الإعلام بقصد أو من دون قصد، تنشر أخباراً وتقاريرَ بعناوينَ وصورٍ مرعبة وبمحتوىً مضلل وكأنها تريد أن تقول للناس: لا تفزعوا فإن الإنسان الأطول عمراً قضى في نهاية المطاف، وبالتالي لا فرق بين أن تموتوا اليوم وبين أن تموتوا غداً (!!).
لأبشع والأكثر مدعاةً للشجب
وإضافة إلى ما ذكرُ ثمّة أمرٌ لافت في المشهد “الكوروني”، ولعلّه الأبشع والأكثر مدعاةً للشجب، وهو هجمات الكراهية التي تستهدف الأجانب المنحدرين من أصل آسيوي.
فمنذ اكتشاف “كورونا المستجد” في مقاطعة ووهان بالصين أواخر العام المنصرم، أخذ البعض يطلق عليه تسمية “فيروس الصين”، إلى جانب انتشار إشاعات ذات بعد عنصري بحق الصينيين بزعم أن لديهم شهية لأكل الخفافيش المصنّفة كمخلوق “لا يأكله الناس الطبيعيون”، إضافة إلى مزاعم مماثلة شكّلت بمجملها موجة عنصرية بحق الصينيين انتشر رزازها في أنحاء متفرقة من العالم.
مغنية الأوبرا اليابانية كيتي تواوكس
وعلى الرغم من أن فيروس كورونا تمكّن من اختراق الحدود والوصول إلى دولٍ كثيرة حول العالم، كإيران وإيطاليا، إلا أن الأشخاص المنحدرين من أصل آسيوي لا زالوا هم المستهدفين في الهجمة العنصرية التي تتّخذ الكثير من التجليات، كرفض الجلوس إلى جانبهم في الحافلات ووسائل النقل العامة.
ويجدر بالذكر أن الدول الأكثر تأثرا بفيروس كورونا المستجد، بعد الصين، هي كوريا الجنوبية (5328 حالة إصابة و32 حالة وفاة) وإيطاليا (2502 إصابة و79 حالة وفاة) وإيران (2336 حالة إصابة و77 حالة وفاة) واليابان (278 حالة إصابة و12 وفاة).
وتغصّ وسائل التواصل الاجتماعي بالكثير من التقارير التي تتحدث عن هجمات عنصرية لفظية أو إيمائية، تعرّض لها المتحدرون من شرق آسيا، كما هو حال مغنية الأوبرا اليابانية، كيتي تواوكس، التي قالت إنها “تعرّضت في ميلانو لإيماءات فظيعة في القطار، وشعرت بالصدمة”.
“لا نريد فيروس كورونا الخاص بك في بلدي”
وفي واحدة من أحدث حالات الاعتداء المؤسسة على العنصرية “الكورونية” تعرّض طالب سنغافوري لهجوم في العاصمة البريطانية لندن، حيث قام جوناثان موك بنشر صور لوجهه المصاب بكدمات على حسابه في الفيسبوك مع سرد تفاصيل الهجوم.
ويقول موك، الذي يبلغ من العمر 23 عاما، إنه تعرض لهجوم من عدة رجال في وقت متأخر من الليل في شارع أكسفورد بلندن. وقد صرخ أحد المعتدين في وجهه “لا نريد فيروس كورونا الخاص بك في بلدي”.
ونشر موك صوراً له تُظهر آثار اللكمات والضربات القوية التي أصابت وجهها، لدرجة أن الأطباء أخبروا بأنه قد يضطر إلى إجراء عملية جراحية ترميمية لوجهه، مؤكداً على أن الهجمات العنصرية “الكورونية” التي تستهدف طلاباً آسيويين في لندن قد “ارتفعت” في الآونة الأخيرة.
ونشرت الشرطة البريطانية صوراً لأربعة أشخاص مشتبه بهم في أعقاب الهجوم الذي تعرّض له موك ووصفت الهجوم بأنه ينطوي على نزعة “عنصرية شديدة”.
الأخذ بناصية التضامن ونبذ الوصمة
وفي الولايات المتحدة، نشرت جامعة كاليفورنيا، بيركلي، منشورًا على حسابها في “إنستغرام”، حيث اعتبرت أن كراهية الأجانب جاءت كرد فعل على تفشي المرض، وتسبب هذا المنشور بردود فعل قوية، وتم على إثر قامت إدارة الجامعة بحذفه وقدّمت اعتذاراً على ما حصل.
نزعة الكراهية المؤسسة على الـ”كورونا” لم تنحصر في الدول الغربية، فبعض الأماكن في تايلاند وكوريا الجنوبية وفيتنام وإيطاليا وضعت لافتات تمنع الشعب الصيني من دخول المطاعم والمحلات التجارية، وطبعاً على خلفية الـ”كورونا”
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، ندد ضمناً بظاهرة الكراهية بحق المنحدرين من دول سُجّلت فيها أعداد كبيرة نسبياً للمصابين بالكورونا، وخاصة الصين، وقال: يجب علينا الأخذ بناصية التضامن، ونبذ الوصمة (الرفض الاجتماعي لشخص أو مجموعة من الأشخاص لسبب أو لآخر)”، مؤكداً على أن العدو الأكبر ليس فيروس كورونا نفسه، بل هو الوصمة، التي تجعل الواحد فينا ينفر من الآخر.
ولفت المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أن “انتشار فيروس إيبولا، وفيروس كورونا، يملي على جميع بلدان العالم زيادة الاستثمار لناحية الاستعداد (لمواجهة الفيروس) وليس نشر الذعر”، على حد وصفه، مشيراً إلى أن العالم لا ينفق إلا القليل لأخذ الاحتياطات وتدعيم الاستعدادات لمواجهة الهجمات الفيروسية.
إيرو نيوز