في مخاتلة الزمان
حياة الرايس
النشرة الدولية –
احيانا نسافر هروبا من الذين نحبهم . لنرنو إليهم من بعيد من شرفة المسافات المعذبة.
لنختبر بهم الإخلاص و لنعاين من بعيد مقياس حرارة أشواقهم و درجة التهاب العواطف و لننعش غرورنا بلوعتهم.
لنلمس تلك الإرتعاشة في الأيدي التي توّدعنا و تلك الأعين التي تطبق على بريقها و تحتفظ به لعودتنا .
وتلك اللّوعة في القلب التي لن تتجلّى إلا برجوعنا.
و أن المسافات مهما بانت تحترق في لحظة شوق .
نسافر لنخاتل الوجود ونسخر من ركضه وراءنا وتعقّبنا من شمس إلى شمس و من غروب إلى غروب .
نسافر لنكتشف أن ليس ثمة فرق بين هواء و هواء وبين سماء و سماء و أن الأرض هي بدعة الفروقات .
نسافر في غفلة من الأعمار حتى لا تحسب علينا سنوننا المهدورة سلفا .
نسافر هربا من المرايا التي تطالع وجوهنا كلّ صباح لتضيف رقما جديدا في أعمارنا. لنقول لها ما هكذا تحسب الأعمار و تقاس السنون و لنقول لها أن هناك دائما مصيرا آخر ينتظرنا أجمل من هذا المصير.
وأن هناك وجودا استثنائيا يهيّء لنا يوما آخر خرافيّ الوجود .
نسافر لنخاتل المكان و نهرب منه علّنا نعثر على أنفسنا في الأمكنة التي نسافر إليها .
نسافر كرغبة دفينة في الضياع من أجل أن ينسانا الزمان و أن لا يعثر علينا القدر.
نسافر لكي نلاعب الزمان و نبعثره وراءنا من مكان إلى مكان .
نسافر لكي لا نقرأ كلّ مساء أيّامنا على وجوهنا صفحات داكنة بالية وأوراقا خريفية صفراء .
نسافر لكي نخاتل الموت وهو يتعقبنا من مكان إلى مكان .
نسافر لنمسك رزنامة أيامنا و نطلقها للريح …
من ديواني :” انثى الريح “