إجراءات ضرورية للشركات بالخليج لاحتواء خسائرها حال استمرار “كورونا”
النشرة الدولية –
مع استمرار الإجراءات الوقائية والاحترازية ضد تفشي فيروس “كورونا”، فما يستوجب على الشركات إتخاذه لضمان كبح جماح التأثيرات الاقتصادية عليها، وما هي القطاعات الأكثر تاثيراً عن غيرها؟
يتوقع محللون استطلع “مباشر” أرائهم حول ما إذا استمر الوضع الحالي على ماهو عليه، بأن تتكبد الشركات الخليجية خسائر فادحة تنجم من التكيف مع الوضع الراهن ما لم تتخذ إجراءتٍ تحول دون التأثر الشديد على استمرار أعمالها.
فيقول الاستشاري في إدارة الأعمال والخبير الاقتصادي ممدوح النقيب لـ”مباشر”، إن الشركات الخليجية الآن تعاني أزمة غير مسبوقة جزء منها يعود بشكل أساسي للتأثيرات الاقتصادية الناجمة عن إنتشار ڤيروس كورونا المستجد COVID-19.
وأضاف ممدوح النقيب، أن الشركات تتأثر أيضاً من الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الحكومات وما لهذا من تأثيرات قوية على الاقتصاد العالمي والإقليمي والمحلي.
ومنذ أن أعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا وباءً عالمياً مع انتشاره حول العالم وتتوالى الإجراءات الحكومية الرادعة للحد من انتشاره ما يساهم في احتمالية خسائر ضخمة للشركات.
ويشبه فيروس “كورونا” الالتهاب الرئوي، وتم اكتشافه لأول مرة في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي في مدينة “ووهان” الصينية، ومنذ ذلك الحين انتشر الفيروس خارج “ووهان”، التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة، إلى مدن أخرى حول العالم.
وتتزايد مخاوف الدول حول العالم مع تحذيرات منظمة الصحة العالمية من عدم سرعة اتخاذ إجراءات للحد من سرة تفشي الفيروس، حيث وصل عدد المصابين بفيروس “كورونا” حتى صباح يوم الخميس الموافق 19 مارس/أذار إلى أكثر من 218.825 ألف مصاب حول العالم يحملون فيروس كورونا، وعدد وفيات بلغ 8810 أشخاص، بحسب أحدث إحصائيات من جامعة “جونز هوبكينز”.
وتزامناً مع تلك المخاوف، أشار النقيب إلى أن التأثيرات السلبية تنجم كذلك من الانخفاض الكبير في أسعار النفط نتيجة تباطؤ الاقتصاد العالمي وضعف الطلب بالاضافة لحرب الأسعار التي اندلعت بين كبار المنتجين بعد فشل إتفاق خفض الانتاج بين منظمة OPEC و روسيا التأثيرات.
وفي خضم تلك الأحداث، فشل اتفاق أوبك بتخفيض إنتاج النفط، بعد أن رفضت روسيا طلب أوبك بتعميق خفض الإنتاج بنحو 1.5 مليون برميل إضافي، ما أدى إلى انهيارات في أسعار النفط أثارت الذعر في الأسواق العالمية والخليجية، الأمر الذي عمق هبوط أسعار النفط لأادنى مستوياتها منذ عام 1991.
وأوضح ممدوح النقيب أن قطاعات الطيران و السياحة و الفنادق وتنظيم المؤتمرات تأثيراتهم عنيفة وسريعة جداً، من المحتمل أن تقدر الخسائر بالمليارات، لافتاً إلى أن باقي القطاعات تأثرت و ستتأثر بدرجات متفاوتة.
بدوره أكد المدير التنفيذي لشركة vi markets في مصر أحمد معطي، على أن وجود الفيروس يؤثر على الاقتصاد الخليجي في أكثر من قطاع وخاصة قطاع السياحة والسفر، ومايزيدالأمر خطورة حرب أسعار النفط التي تخوضها السعودية أمام روسيا والتي أدت الي انخفاض النفط الى مستويات 30 دولار للبرميل مما أدى الي الضغط على أرباح شركات قطاع البتروكيماويات.
وألمح النقيب أن الإجراءات التي يمكن للشركات اتخاذها للحد من الخسائر وسط الأزمة، قائلاً: “الكل سيتأثر وسط الأزمة التي تعد أكبر من الجميع، حيث لا توجد إجراءات دون خسائر تلحق بها، لكن تبقى الشركات ذات الاحتياطات النقدية الكافية والسيولة الكبيرة ذات تحمل أكبر للتحديات الراهنة”.
ومن أجل استمرار عمل الشركات وسط تلك الأزمة الثقيلة، أكد الخبير ممدوح النقيب على أنه في حال استمرار الوضع على ما هو عليه لفترات طويلة، فلا بديل للشركات عن تخفيض نفقاتها و بشكل سريع وحاد ما يترتب عليه أمور سلبية أبرزها إيقاف العديد من المشروعات حسب أولوية كل منها، وتقليل عدد العمالة.
وبالفعل بعد تطورات الفيروس، طلبت شركة الاتحاد للطيران من طواقم الطائرات الحصول على إجازة مدفوعة الأجر شهر أبريل/نيسان المقبل بسبب تأثير انتشار فيروس كورونا على حجم حجوزات السفر.
وهو الأمر ذاته بالنسبة لطيران الإمارات، حيث فرضت بعض الدول قيوداً على سفر ودخول أطقم الرحلات والركاب؛ ما جعل طيران الإمارات تعدل جدول عملياتها، إما بتقليل عدد الرحلات أو إلغائها إلى وجهات معيّنة، متوقعة تباطؤاً ملحوظاً، في الأعمال بسبب تفشي فيروس كورونا وطلبت من العاملين بها الحصول على عطلات بأجر ودون أجر.
وزاد الأمر خسارة، قرار الخطوط الجوية السعودية، تعليق جميع رحلاتها مؤقتاً إلى 7 دول؛ منها الإمارات، والكويت، والبحرين، ولبنان، ومصر، والعراق، وإيطاليا، بجانب إعفاء جميع التذاكر الصادرة من وإلى الوجهات المذكورة من أية قيود عند الإلغاء أو إعادة الإصدار أو استعادة قيمتها.
وبعدها وسعت تلك الدول لتصل عددها إلى 9 دول بزيادة، الجمهورية العربية السورية، وجمهورية كوريا الجنوبية، وكذلك تعليق دخول القادمين من تلك الدول، أو دخول من كان موجوداً بها خلال ال 14 يوماً السابقة لقدومه، باستثناء رحلات الإجلاء والشحن والتجارة، مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة والضرورية.
ورأى أنه من المحتمل إيقاف ضخ استثمارات الشركات في الأبحاث والتطوير والتوسع وتحديث الخدمات حالياً، كما اعتقد النقيب أن بعض الشركات ستلجأ إلى وقف توزيع الأرباح في هذه الفترة ولمدة زمنية غير معروفة لتوفير السيولة اللازمة لاستمرار أعمال الشركة.
من جانبه توقع المدير التنفيذي لشركة vi markets في مصر أحمد معطي، أن تكون الشركات أمام خيارين بالنسبة للتوزيعات السنوية، إما بخفض الأرباح الموزعة، أو يصل الأمر إلى عدم توزيع أى أرباح بسبب تداعيات فيروس كورونا.
يشار إلى أن شركة طيران الجزيرة الكويتية أسرعت في اتخاذ إجراءاتها للحد من التأثيرات المحتملة من “كورونا”، أذ وضعت كامل أسطولها المكوّن من 14 طائرة تحت تصرّف حكومة دولة الكويت؛ لاستخدامها في أي مجال يمكّنها من خدمة الكويت وأهلها في عمليات عودة المواطنين، ولم تحسب أي رسوم تغيير أو إلغاء الحجوزات.
ومع تلك الإجراءات قامت بتقليص عدد رحلاتها على مختلف القطاعات بشكل كبير للحد من مخاطر انتقال العدوى، إلى جانب التوصيى بتخفيض التوزيعات النقدية من 67.5 بالمائة إلى 35 بالمائة؛ بسبب تأثر الشركة المتوقع من تطورات فيروس كورونا الأخيرة.
وفي إطار تقديم الحلول للشركات، نصح معطي بمحاولة تنويع استثمارت الشركات في عدة قطاعات أهمها القطاع الصحي في الوقت الحالي.
ومن المتوقع بحسب ممدوح النقيب، أنه مع التيسيرات والتحفيزات التي تقدمها الحكومات و البنوك المركزية ستتوسع الشركات في الاقتراض لتغطية النفقات والمساعدة على الاستمرارية مما سيزيد من الأعباء المستقبلية على الشركات.
وقال النقيب إن هذا الأمر يؤدي إلى إعادة جدولة الديون المستحقة على الشركات من أجل إيجاد مصادر دخل اخرى، واللجوء إلى بيع الأصول، إلى جانب إقبالها على استحواذات او اندماجات لتخفيض النفقات و تحسين الهوامش.
ونوه على أنه من الممكن يكون لدى الشركات خيار إعادة شراء أسهمها بهذه الأسعار المتدنية لمحاولة دعم أسعار الأسهم في أسواق المال، من أجل تمكين الشركات من البقاء واستمرارية الأعمال.
وأكد على ضرورة وجود الدعم الحكومي سيكون الملاذ الآمن للشركات في مواجهة هذا الوضع خصوصًا المتوسطة و الصغيرة لعدم قدرتها على مواجهة الموقف بمفردها.
بدوره أرجح مدير البحوث بشركة المروة لتداول الأوراق المالية مينا رفيق، أنه فى الفتره المقبلة شركات السياحه والشحن ستتحول للخسائر، وستشهد تراجعاً حاداً فى الأرباح، فضلاً عن معاناتها من أزمة سيولة كبيرة، ما يؤثر على إقبالها على شراء أسهم خزينه لأنه يعود إلى مدى توفر السيوله بالشركات.
في الوقت ذاته، أوضح مينا رفيق أن شراء أسهم خزينه بالأسعار المتدنية سيكون خياراً مألوفاً للشركات خلال الفترة القادمة.
أما فيما يخص أسواق المال، أكد عضو المجلس الاستشاري لمعهد الأوراق المالية والخبير الاقتصادي وضاح الطه، على ضرورة لجوء إدارة الأسواق إلى تنفيذ آليات في الأوقات الخطرة على الأسواق المالية للحد من الخسائر التي من الممكن أن تنجم عنها وقاية لأموال الشركات والمستثمرين.
وأوضح وضاح الطه ضرورة تفعيل آليات لحماية الأسواق، منها آلية وقف التداول لمدة من الوقت قد تكون نصف ساعة أو ساعة أو حتى أكثر من جلسة حسب حدة الموقف ويطلق عليه “قاطع الدورة” مثلما يحدث في البورصة الكويتية وبورصة مصر حتى تهدأ الأنفس والمخاوف التى تعم أوساط المستثمرين، حفاظاً على أموال السوق من الانزلاقات.
ولفت محلل أسواق المال، إلى أن هناك آلية أخرى من الممكن أن تطبقها الأسواق والبورصات تكمن وراء وقف التداول على أسهم معينة والتي من الممكن أن تقود السوق إلى الانهيار وضياع أغلب أموال المستثمرين بالسوق.
يشار إلى أن هيئة الأوراق المالية والسلع الإماراتية فعلت النسبة القصوى لتراجع أسعار الأسهم المدرجة خلال الجلسة الواحدة إلى نحو 5 بالمائة بدلاً من 10 بالمائة وحتى إشعار آخر للحد من موجات الهبوط الحادة.