كيف صحتك؟* سيليا قرضاب حماده
النشرة الدولية –
ربما لم يشعر الناس حول العالم يوما بالمعنى العميق لعبارة “كيف صحتك” التي تكون عادة اول جملة تخاطب بين اثنين بعد القاء التحية . كيف صحتك، كيف حالك، كيف الحال، عساك بخير، كيفك.. وسواها من عبارات باللغة العربية او بأية لغة اخرى، كلها تصبّ في خانة السؤال عن صحة الآخر وصحة عائلته واهله قبل اَي سؤال آخر يتعلق بالعمل او المال وحتى الحب.
كنا نسمع دائما أن من يعرف قيمة الصحة الجيدة هو من يعاني من المرض . من يعرف قيمة الصحة أكثر ربما ، من لديه كل شيء ولا يستطيع الاستمتاع بشيء واحد لأنه مريض ويتألم سواء جسديا أو نفسياً.
كثرت الأمراض وازداد معها عدد الذين يموتون سنويا بسببها، من السرطان على أنواعه الى الانفلونزا الى أمراض القلب و الايدز وسوى ذلك . ولكن الناس لم تنتبه ربما لاهمية الصحة والحفاظ عليها كما اليوم .
كثرت البرامج حول التغذية الصحية الصحيحة والاهتمام بالصحة والوزن والرشاقة بدافع الحفاظ على المظهر اكثر مما هو حبا بالصحة في غالب الأحيان .
ولكن لم يهتم العالم بأسره كما اليوم بالصحة، وتقوية جهاز المناعة وبث برامج التوعية الصحية .
كيف صحتك؟ كنا نقولها كمعظم العبارات التي اعتدنا ان نرددها دون ان نعيرها انتباها يذكر مثل صباح الخير ، مساء الخير ، مرحباً والى اللقاء …
استفاق العالم صباح انتشار وباء فيروس الكورونا، ليدرك ان الصحة هي اثمن شيء وأثمن ما يمكن ان تتمناه لأحبتك وأصدقائك ، حتى لو كنت تدرك ذلك في قرارة نفسك .
استفاق العالم ليدرك أن الصحة هشة كوجودنا على هذه الارض ، حين كان البعض يمشي فوق أديمها “ويا ارض اشتدي ما حدا قدي” سواء كان مواطنا عاديا ام قائدا سياسيا او عسكريا او حتى دولة كبرى !
صار بيت الانسان ، كسواه من البشر ، ملاذه من فيروس لا يراه كشبح يهدده ويلاحقه ويطارده حتى في احلامه . تساوى القوي مع الضعيف ، الغني مع الفقير ، صاحب عمل مع عاطل عن العمل ، االى ما هنالك من فروقات . حتى المريض الملازم لبيته صار الصحيح الرياضي مثله ، فضاءه بيته مهما كبر او صغر . فالهمّ واحد والقلق واحد في كيفية الحفاظ على الصحة . صحتنا ، صحة اولادنا صحة أهالينا ومن نحب ، صحة الوطن وصحة العالم وصحة الكرة الأرضية وفضائها، التي يبدو انها الوحيدة التي تحسنت حين لازمنا منازلنا وتناقص كثيرا كل ما يسبب تلويثها من نشاطات يومية للبشر .
ربما قلة قليلة منا كانت تدرك حجم الإساءة التي سببناها للأرض ، عن سابق تصور وتصميم او عن جهل او عدم اكتراث ، في كل إنجازاتنا الوهمية واستقوائنا على الحيوان والطبيعة اضافة لاستقوائنا على بعضنا في تحقيق انتصارات وهمية ، سلطة ، وتكديس اموال ً.
رغم ان الطبيعة وجهت لنا العديد من الإنذارات النارية وقد ثارت في وجهنا مرارا كإعصار او زلزلت الارض تحت اقدامنا ، كنا نواصل حياتنا بلا مبالاة لان ما يحصل خارج حدود وطننا لا يعنينا، وما يحدث للآخر خارج بيتنا لا يعنينا . جلّ ما كان البعض يقوم به هو الاستنكار قولا او كتابة او تقديم مساعدة مادية او جمع تبرعات تصب غالبا في إطار طائفي ، في بلدنا تحديدا ، يعود بعدها كل انسان الى حياته وعالمه الصاخب او الفارغ .
بعد انتشار وباء كورونا ، صرنا اكثر تماسا مع إنسانيتنا لم تعد نعرف اللامبالاة بما يحدث للآخر، بل صارت تقلقنا وتقض مضاجعنا ازدياد عدد الإصابات حول العالم يوما بعد يوم . صرنا نقلق على صحة الناس حول العالم ، لانها تؤثر على صحتنا وهمّ الحفاظ عليها . صرنا نخاف على صحة جارنا ونخاف على صحتنا منه . صرنا نخاف على صحة أهالينا او اولادنا من أنفسنا فيما لو أصابتنا لعنة هذا الوباء . صرنا نسأل بلهفة ولو عبر الهاتف او وسائل تواصل اخرى ؛ كيف صحتك
ونوصي الاخر بالاهتمام بصحته عبر كل ما يصلنا من معلومات تقي من تاثير الفيروس .
صرنا نقول انتبه على صحتك بكل اهتمام . نلتقي مجددا بعد زوال هذه الغيمة .
انتبهوا على صحتكم لانها من صحتي وصحة وطني وصحة العالم وصحة الحياة على الارض، ارضنا جميعاً.
انتبهوا على صحتكم ولازموا منازلكم لان المنازل لم تعد جنة الأطفال في المناسبات فقط، بل جنة الأطفال والكبار ايضا ولو الى حين . كونوا بخير جميعا.
نقلاً عن موقع “نداء الوطن” الإخباري اللبناني