هل يتسبب حزب الله في تفشي كورونا بلبنان؟
النشرة الدولية –
“إيرانيون وعراقيون مصابون بكورونا يتوافدون على لبنان للعلاج، حيث يُدخلهم حزب الله سراً”، حسبما ذكرت مصادر لـ”عربي بوست”.
ويبدو أن لبنان مقدم على أزمة كبيرة بسبب توارُد معلومات واتهامات من جهات متعددة، بأن تصرفات حزب الله قد تؤدي إلى تفشي فيروس كورونا في البلاد، في وقت لا تملك فيه السلطة اللبنانية القدرة على منع الحزب من استخدام منافذ البلاد المختلفة.
وذكرت مصادر خاصة مطلعة على أنشطة حزب الله، أن الحزب كان يستقبل مصابين بكورونا من إيران والعراق، قبل إغلاق مطار بيروت”.
وأضافت المصادر “أنه بعد إغلاق مطار بيروت الدولي واصل حزب الله استقبال مصابي كورونا الإيرانيين والعراقيين، عبر معابر حدودية مع سوريا، ويتم نقلهم إلى مناطق تخضع لنفوذ الحزب، دون إشراف من الدولة اللبنانية”. وتتحدث المصادر عن أن حزب الله يقوم بتجهيز مستشفيات ميدانية في مناطق مختلفة في الجنوب، مثل النميرية والغازية والنبطية لاستخدامها لعلاج مرضى كورونا.
وتُشرف على هذه المستشفيات فرق طبية تابعة للهيئة الصحية الإسلامية، ومجهّزة بمختبرات لفحص الإصابات، ويجري تحضيرها لاستقبال المرضى القادمين من خلف الحدود، بالإضافة لمن تنتقل إليهم العدوى من بيئة الحزب.
ويقول العديد من اللبنانيين إن مرض كورونا دخل البلاد على طريق إيران، من خلال الطائرات التي كانت تأتي من هناك، في وقت أغلقت معظم دول العالم خطوطها الجوية مع طهران، بعدما تحوّلت لبؤرة تفشي المرض بالمنطقة.
وتأخر لبنان نسبياً في إيقاف الرحلات مع طهران، بعدما وجّهت قوى المعارضة لحزب الله سهامها للحكومة الوليدة، مطالبةً إياها بوقف الرحلات بين بيروت وطهران، لإنهاء سفرات باتت بمثابة معابر للموت المتنقل.
تجاوزت إصابات الكورونا في لبنان، يوم الثلاثاء 24 مارس/آذار، عتبة الـ300، وسجّلت زيادة 40 إصابة جديدة عن يوم الإثنين.
وهذه الأرقام المرشّحة للارتفاع الدائم تأتي لتُضعِف نبرة التفاؤل التي تحدّث عنها وزير الصحة حمد حسن، المحسوب على حزب الله في حكومة حسان دياب، في الساعات الماضية.
إذ كان الحسن قد أكد تفاؤله، لكون معظم الحالات معروفة المصدر نتيجة الاختلاط مع مصابين.
ولكن الإصابات الأخيرة كان من بينها 3 حالات في 3 أقضية لبنانية مختلفة، وهو ما يؤكد أن الفيروس انتشر، ومخاطره مستمرة رغم فرض التعبئة العامة والحد من التجوّل والتجمّعات.
لكن الخطير في الأمر أن جهات دولية تتحدث عن أضعاف هذا الرقم، الذي من المتوقع أنه يتجاوز الألفين، حسب مصادر نقل عنها مصدر طبي لبناني تحدث معه “عربي بوست”.
وذكر موقع السياسة، المحسوب على تيار المردة الحليف لحزب الله منذ يومين، أن التقارير الأمنية السرية تتحدث عن 500 حالة كورونا في لبنان، والتقارير الدبلوماسية تتحدث كذلك عن نفس العدد، في حين أن وزارة الصحة اللبنانية في حيرة من أمرها بشأن إعلان الأرقام على حقيقتها.
ومنذ المراحل الأولى لأزمة كورونا مورست ضغوط دولية على لبنان لإلغاء الرحلات الجوية مع إيران.
ولكن لم تستجب لها الحكومة اللبنانية إلا متأخرة، مراعاة لحسابات حزب الله تجاه إيران، التي تعتبر لبنان محطة رئيسية في نقاط نفوذها السياسي والعسكري.
استمرار الرحلات هذه دفع قوى دولية عديدة إلى توجيه رسائل سلبية إلى الحكومة اللبنانية، مفادها أنه من غير المقبول استمرار تدفق الرحلات الإيرانية إلى لبنان.
كما دفع هذا الوضع بقوى محلية إلى رفع الصوت، متهمة رئيس الحكومة ووزير الصحة بالتسبب بكارثة صحية، نتيجة عدم إقدامهما على اتخاذ قرار حاسم بوقف الرحلات مع إيران، وكانت بعض الدول التي تفرض عقوبات على لبنان تطرح تساؤلات حول عدم اتخاذ القرارات الملائمة، وبدأت حملة تقصّي المعلومات حول الأشخاص الذين يأتون من إيران، وإذا ما كانوا لبنانيين أم إيرانيين.
وما عزز هذه التساؤلات نشر موقع لبناني لفيديو يُظهر طابوراً من سيارات الإسعاف قرب مطار بيروت، قال إنها لنقل مصابي كورونا الإيرانيين الذين تحملهم الطائرات الإيرانية إلى المطار، على الرغم من إغلاق الأجواء اللبنانية أمام الرحلات.
كما نقل موقع حزب القوات اللبنانية (أحد خصوم حزب الله السياسيين)، عما قال إنها مصادر أمريكية، أن الحزب قام بمعالجة شخصيات سياسية وعسكرية إيرانية في لبنان، وتحديداً في مستشفى الرسول الأعظم، الذي يمتلكه الحزب، في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، الخاضعة لنفوذ الحزب بعيداً عن سلطة الدولة.
طرحت القوى الدولية -على رأسها سفارتا الولايات المتحدة وفرنسا- مجموعة أسئلة على المسؤولين اللبنانيين في إطار متابعتهما لوباء كورونا، حسبما قال لـ”عربي بوست” سياسي لبناني رفيع المستوى.
وتساءل ممثلو السفارتين: هل الحجاج اللبنانيون الذين يعودون إلى لبنان يندسّ بينهم
والسؤال الثاني: هل بين السياح الإيرانيين الذين قدموا إلى لبنان عناصر في الحرس الثوري الإيراني، الذين لا يمكنهم الانقطاع عن زيارة لبنان لأسباب سياسية وعسكرية؟
وسواء كان القادمون من إيران لبنانيين أم إيرانيين فإنهم قد ينشرون الفيروس.
كما أصبح سيناريو معالجة الإيرانيين في الضاحية الجنوبية أحد العوامل التي تعقد العلاقة بين لبنان والقوى الغربية المعقدة أصلاً.
واعتبرت مصادر أوروبية أن لبنان يواجه أزمة كورونا مكشوفاً بسبب عدم سيطرته على معابره وحدوده.
وقالت مصادر لبنانية حزبية معارضة لحزب الله لـ”عربي بوست” إن المصادر الأوروبية والدولية الأخرى ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك: على الرغم من قرار وقف الرحلات.
إذ اتهمت حزب الله بأنه يُدخِل عشرات الإيرانيين واللبنانيين من معابر غير شرعية، ومن دون إخضاعهم للفحوصات الطبية المطلوبة.
وهنا طُرح سؤال عما إذا كان حزب الله يمتلك تقنيات وأجهزة لإجراء الفحوصات اللازمة.
وهذا ما لم يتأخر في الإجابة عنه أمين عام حزب الله حسن نصر الله، الذي أشار إلى أن الحزب وضع 20 ألف عنصر من الهيئة الصحية في خدمة مكافحة الوباء.
وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيدو مع رئيس التيار الوطني الجر جبران باسيل/رويترز
وتخطّى السجال الحالة الصحية في مكافحة كورونا، لينفتح على مصراعيه حول ملفات اقتصادية وسياسية.
فأعادت القوى الدولية التذكير بأن الحكومتين اللبنانيتين السابقتين تعهدتا بإغلاق المعابر غير الشرعية، وخرج وزراء أكثر من مرّة مؤكدين أن المعابر قد أغلقت. وهذا ما جرى دحضه في أكثر من محطة، أثناء أزمة كورونا وقبلها. وذلك من خلال إغراق السوق اللبنانية بمواد استهلاكية إيرانية وسورية في مواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية.
منذ بداية أزمة الكورونا أشيع في كواليس مقربة من الحزب، أن وزيراً سابقاً من الحزب مصاب بالكورونا، وخلال ساعات تم الإعلان عن إصابة وزير حزب الله محمود قماطي، الذي شغل منصب مسؤول ملف الأحزاب في حزب الله، حسب ما ذكره موقع “جنوبية” المناهض لحزب الله.
وكان القماطي الشخصية الأكثر فاعلية في الشأن السياسي الداخلي، فيما تتحدث مصادر معارضة للحزب بأنه يتستر على إصابة مجموعة من قياداته وكوادره بكورونا، ولا يريد الإفصاح عنها، لأنها تعزز فكرة نقل المرض من إيران إلى لبنان، وهذا ما يحاول الحزب إيقافه من التداول بعد إصابة الوزيرين السابقين محمد الصفدي ومي شدياق، الذي عمل الحزب عبر مصادره على إعلان إصابتهما في محاولة للقول إن الوباء ليس حصرياً على بيئة المقاومة ورحلات الإيرانيين لبيروت.