المواطنة والمواطن ولكن! *د. ناصر أحمد العمار

 

بالرغم من إنجازات حكومتنا غير المسبوقة على مستوى العالم خلال مواجهتها للعدو الخفي الشرس كورونا، وما تحقق من إنجاز حتى الآن، بدأ بتلاحم أفراد المجتمع وانصهاره في بوتقة الوطن من خلال تفاعل جميع شرائحه وطوائفه استجابة لدورهم الوطني، ليسجلوا بأحرف من نور ملحمة وطنية تتمم بفصولها مآثر أهل الكويت في المحن وتغذي بموادها دساتير العالم وتختط معاني جديدة لتفسير الوحدة الوطنية وتنسج بماء الحرير ميثاق وطن ترجم علاقته بأفراده بمفهوم حضاري لمرحلة بالغة الصعوبة تفوق بواقعها وقوتها استيعابنا لفهمها وبنتائجها، فإن الإجراءات الفعلية التي اتخذتها السلطات المختصة لحماية البلاد والعباد أدخلتنا في اختبار حقيقي لمفهوم الولاء لوطننا الكويت واستيعاب معنى المواطنة وأبعادها الحقيقية بانتقالها من النظرية الى واقع التطبيق ومن السطور الى ما جادت به الأفعال والعقول لنثبت مدى وعي وإدراك مجتمعنا.

لكن هناك من «نقص» علينا وقللوا من إنجازاتنا العظيمة وصدمونا بتصرفاتهم ليعكسوا لنا واقعا متخلفا لثقافة «أنا مالي شغل، ليش تكبرون الموضوع، ما كو ألا العافية… الخ !!» لتنتج لنا ردود أفعال رسمية لمواجهة هذا النوع من التخلف! فصدرت قرارات تكبح جماح هؤلاء بعد أن طقت مصالحهم على مصلحة الوطن، فأمست الديوانية هي الأصل، ووناستهم أصل، وجولاتهم وتسكعهم أصل، ومقاهي الشيشة هي الأصل! أما تطبيق ما يجب الالتزام به (نستحلفكم بالله البقاء في بيوتكم) قابلوها بآذان صماء!! أجبرتني أفعالهم للبحث عن تفسير لها، فقربت أكثر للتعرف على سبب تدني المسؤولية والإحساس بالمواطنة عندهم! لأن أمثالهم سمع عنها ولم يعشها والوطن بعقيدتهم ما هو ألا حدود جغرافية يجتازونها بالسفر ذهابا ويلجونها عائدين!! يتناسون وأمثالهم أن التعبير الحقيقي للمواطنة الحقة من خلال محركها العفوي والحقيقي وهو طاعة ولاة الأمر والانصياع لكل ما يطلب تنفيذه خاصة في مثل ما نمر به من محن والخوف على هذه الأرض ومن يعيش عليها.

يقول عبدالكريم الشيظمي: المواطنة تنسج العلاقات، وتخلق الحاجات، وتتجلى الواجبات والمسؤوليات في مثل هذه الظروف حتى يتولد موروث مشترك من المبادئ والقيم والسلوك والعادات التي تتحول في مثل ما نحن به في مثل هذه الأيام الى التزام أخلاقي يسهم في تشكيل شخصية المواطن ويمنحها خصائص تميزها عن غيرها، ليصبح الموروث المشترك حماية وأمنا لنا (انتهى) ومدافع شرس في مواجهة التحديات ولعلنا نعيش تحديا أيما تحدي عجزت عنه قوى العالم أجمع (كورونا)، اذا المواطنة ليست كلمات بل هو شعور يستلهم، وسلوك يتمثل.

المواطنة مسؤولية وإخلاص للوطن في حلوه ومره، في شدته ورخائه، في السلم وفي الحرب ونحن نعيش حالة حرب بشعة مع عدو أذهل العالم أجمع في قوته وسرعة انتشاره والفتك بأفراده حتى وقف العلم الحديث وعباقرته عاجزين عن مواجهته (وما أوتيتم من العلم الا قليلا).

خلاصة القول: ان الولاء للوطن يحتم علينا الحفاظ على ثوابته والانصياع التام لكل ما يطلب منا في تنفيذ القوانين والقرارات والتعليمات التي تصدرها الدولة في تعاملها وتحديها ومحاربتها لكورونا فالانتصار على هذا العدو – كما قال صاحب السمو الأمير – حفظه الله ورعاه يتطلب تمسكنا بوحدتنا والإدراك بواجباتنا تجاه وطننا والعمل بروح المواطنة الحقة فهي الوسيلة والغاية أجمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى