الحل القادم من بلجيكا *د.محمد مطاوع

 

منذ بداية أزمة فيروس كورونا المستجد، والجميع يؤجل الحلول المتعلقة بالموسم الكروي، على أمل السيطرة على انتشار الوباء، وعودة الحياة لطبيعتها.

الأيام تمر، وتتلوها الأسابيع، ودخلنا في حسابات الأشهر، والأزمة على حالها بل وتشتد في معظم أرجاء العالم، وأحذية اللاعبين معلقة، وصافرات الحكام معطلة، والجميع في حالة ترقب شديد.

بلجيكا أرادت أن تكون المبادر الأول في إيجاد حل لأزمة الموسم الكروي، فأعلنت عن تتويج فريق كلوب بروج بطلا للدوري الذي كان ينتظر مرحلة واحدة قبل الدخول في المرحلة النهائية بمشاركة 6 فرق، ويبدو أن موقف الفريق البطل ساعده كثيرا، كونه يتصدر بفارق 15 نقطة عن الفريق الذي يليه، فحسمت الأمور وانتهى الموسم بشكل رسمي في بلجيكا.

ما قام به الاتحاد البلجيكي لكرة القدم، قد يكون هو الحل لبقية الدوريات في العالم، بحيث يتم تتويج المتصدر باللقب، وينتهي الموسم بعيدا عن نار الانتظار، ومنح الأندية فرصة التفكير الهادئ بالموسم المقبل، الذي قد ينطلق بشكل مبكر أكثر في حال انتهت الأزمة في حزيران – يونيو أو تموز – يوليو المقبلين، واستكمال البطولات القارية الأخرى.

لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فمثلا في إنجلترا، قد يتم تتويج ليفربول الذي يبتعد عن أقرب مطارديه بـ 25 نقطة كاملة، لكن تظهر هناك مشكلة المراكز المؤهلة للبطولات الأوروبية، مع حرمان مانشستر سيتي من المشاركة في الموسم المقبل، حيث تتقارب نقاط الفرق المتنافسة وهناك مباريات مؤجلة قد تزيد من التعقيدات.

في فرنسا يبدو الحل قريبا أيضا، بابتعاد باريس سان جيرمان عن مارسيليا صاحب الوصافة بـ 12 نقطة مع وجود مباراة مؤجلة، لكن التعقيدات الحقيقية موجودة في الليجا الإسبانية التي يتصدرها برشلونة بفارق نقطتين عن ريال مدريد، والكالتشيو الإيطالي الذي يتصدره يوفنتوس بفارق نقطة عن لاتسيو، والبوندسليجا الألمانية التي يتصدرها بايرن ميونخ بفارق 4 نقاط عن بوروسيا دورتموند.

اتخاذ قرار في الدوريات الأربعة الكبرى الأوروبية يعتبر ضربا من الخيال، فالدوري الإسباني ما زال أمامه 11 مباراة، والإنجليزي 9 مباريات (ومشكلته في مراكز البطولات الأوروبية) والإيطالي يتبقى له ما بين 12 و13 مباراة بسبب التأجيلات، والألماني 9 و10 مباريات.

الحل البلجيكي قد لا ينطبق على الدوريات المعقدة، ولا التي تبحث فرقها عن مراكز في البطولات الأوروبية، وقد يتم التفكير بأكثر من أسلوب لإنهاء البطولات بشكل مختلف عن العادة، ولماذا لا يتم هنا اللجوء لإقامة مباريات محدودة دون جماهير، وبعد فحص جميع اللاعبين والمدربين والحكام للتأكد من خلوهم من الفيروس اللعين، وتعقيم الملاعب بشكل صارم، سواء بإقامة مربع ذهبي أو حتى سداسي ذهبي من مرحلة واحدة لفرق الصدارة، لتحديد البطل والمراكز الأوروبية؟

بالطبع هناك أفكار تلعب برؤوس القائمين على البطولات الأوروبية، وموضوع انتهاء الدوريات عند نقطة توقفها، لن يكون بالحل المرضي للجميع، فالأندية تريد أن تلعب من أجل تعويض الخسائر، والاتحادات تريد استئناف البطولات من أجل إعادة تدفع الأموال، والجمهور يتلهف لعودة المباريات التي تعد إحدى أهم طرق تسليته وهو محتجز داخل منزله طوعا أو بقرار حكومي، خوفا من انتشار الفيروس.

في النهاية، يبقى الصراع على أشده بين من يفكر بالمال وتأثير التوقف على تدفقه، ومن يفكر بشكل أكثر بسلامة الجميع، بغض النظر عن الخسائر، فكل شيء يمكن تعويضه، إلا حياة الإنسان، فهي أغلى ما تملك البشرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى