الصحافة الورقية .. الأخبار بطيئة والفيروس سريع* رانيا تادرس
النشرة الدولية –
لا يمكنك أنّ تعرف تطورات كارثة “كوفيد 19” في العالم، والأردن، إذا كان مصدرك الوحيد الصحيفة الورقية التي تصل إلى بيتك، أو كنت تشتريها من أماكن التسوق، قبل الحظر.
لا جديد في ذلك. محررو الأخبار لديهم أوقات محددة، لإعداد الصحيفة للطباعة، وهي غالباً لا تتجاوز الساعة الواحدة فجراً، وهم بذلك يفقدون عامل السرعة الحاسم جداً في انتشار فيروس كورونا، ويكفي أنّ نعرفُ أنّ الثانية الواحدة أصبحت زمناً مرعباً، فهي تسجل ضحايا كثيرين حول العالم، ونصلي جميعاً ألا يصل الأردن إلى هذه المرحلة.
ليس مؤكداً أنّ الورق ناقل للفيروس القاتل. لكن من المؤكد أنّ ورق الصحافة ليس ناقلاً جيداً للأخبار، مقارنة مع الوسائل الرقمية، الأكثر سرعة وفاعلية وتفاعلاً، علماً أنّ صحفنا الورقية جميعها تمتلك مواقع إلكترونية ومنصات على وسائل التواصل الاجتماعي، والتحدي يكمن هنا: إدامة رزق الصحفيين والعاملين، والتكيف مع العالم الرقمي، وليس فقط مع ما فرضه الفيروس من إغلاقات وحظر تجول، ومخاوف لا تنتهي، وليس أهمها أنّ تطبع الصحافة، أو لا.
يبدو جليًا أن وسائل الاعلام الحديثة المرئية والإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي تمكنت من السيطرة على المشهد الإخباري، ولم يشعر القاريء والمشترك بغيابها.
الصحف الورقية التي طورت مواقعها الالكترونية وواكبت الاعلام الرقمي ولديها اشتراكات الكترونية على غرار الصحف العالمية، تمكنت من الدخول الى معركة الاعلام الجديد تاركة غيرها في أكثر من ارتباك مهني وتجاري في هذه الأزمة .
قبل الفيروس، كانت صحافتنا أسيرة نمط ومحتوى استمر لسنوات طويلة، وهو بالمنطق التجاري غير قادر على المنافسة، فالناس لا يدفعون مالاً لأخبار العلاقات العامة ، والتغطيات البروتوكولية للأخبار الرسمية . هذا عنق زجاجة لا بد من الخروج منه، ولا وسيلة سوى تطوير المحتوى، فما ينطبق على الصحيفة ينطبق على أية سلعة أخرى، وبغض النظر إن كانت ورقية أو رقمية.
جائحة كوفيد 19 تنطوي على فرصة لإعادة تطوير الاعلام الورقي بمحتوى مختلف يجذب القاريء بتقديم معلومات صحيحة ومختصرة تحاكى عصر السرعة بحرفية واختلاف عن كل ما مضى.
الصحفيون والعاملون متضررون من ما يحدث. الصحف تئن تحت خسائر فادحة، قبل كورونا. والحلول لا تكمن في المساعدات الحكومية، ولا في إعادة الورق. لنتذكر أنّ مصانع كبيرة لإنتاج المطابع توقفت في العالم، ولا ننسى ضغوطات هيئات البيئة لتقنين استخدام ورق الصحف، وحصره في العجائن المدورة، وليس من المصادر الطبيعية.
هذه فرصة لنبدأ. المحتوى البيّاع يدر عوائد مالية، والرهان على أنّ الورق ما يزال يجذب الإعلانات أكثر من المنصات الرقمية يتداعى في العالم. صحيفة “فايننشال تايمز العريقة” تعتمد على مدخول يزيد عن تسعة ملايين دولار سنوياً من الاشتراكات الرقمية فقط. وهذا طبعاً يغير مزاح المعلن.
الصحف المحلية عليها أن تتكيف في هذه الشدة. قد يحاجح زملاء بأن صحفاً عالمية لا تزال لديها نسخ مطبوعة. هذا صحيح جزئياً، إذا ما علمنا أن مداخيلها من التوزيع والإعلانات بدأت تتراجع في السنوات الأخيرة، لمصلحة ما يجلبه العالم الرقمي من أرباح، ولكن. أكرر أن المحتوى هو التحدي الذي نواجهه، لنلحق، ونتقدم بإعلامنا كله.
نقلاً عن موقع “عمون” الآردني