كورونا وأسلحة الدمار الشامل* عبدالله حسين المسباح

النشرة الدولية –

منذ نشأة الكون والإنسان يصارع لتحقيق مطالبه الشرعية أو مطامعه في النهب والتوسع باللجوء إلى الصراعات والحروب وباستخدام أسلحة متنوعة تدرجت من الخناجر إلى السيوف على الخيول، ومن ثم تطورت إلى أسلحة متنوعة وطائرات على اختلاف أنواعها وقنابل وصواريخ عابرة للقارات، ودخلنا في أفق لا نهاية لها من المصطلحات الحربية، أذكر لكم منها على سبيل المثال أسلحة الدمار الشامل (WMD) وهو مصطلح لاختصار الأحرف الأولى لـ Weapons of Mass Destruction ويطلق عليها أحيانا مصطلح اي (CBRN) Chemical، Biological Radiological، Nuclear وهي الأسلحة الكيماوية، البيولوجية، الإشعاعية، والنووية، وسأسلط الضوء على السلاح البيولوجي والذي يعتبر فيروس كورونا جزءا منه.

أسلحة الحرب البيولوجية ويطلق عليها أحيانا الحرب الجرثومية، وهي الاستخدام العسكري للكائنات الحية المتناهية في الصغر والبكتيريا والفيروسات الضارة أو السموم التي تنتجها كأسلحة ضد البشر أو الحيوانات أو المحاصيل، وتظهر الأسلحة البيولوجية كبكتيريا أو فيروسات متسللة سريعة الانتشار حادة التأثير، أحيانا لا تشعر بها إلا بعدما تتغلغل في الجسم كله، وهنا تكمن خطورة هذه الأسلحة وقوتها، إذ هي خفية غير واضحه للعيان، لا تحتاج إلى أسلحة متطورة لتصويبها، ولها مفعول فتاك يدمر جسم الإنسان بطرقة رهيبة، وتنتشر الفيروسات بسرعة هائلة وخلال فترة زمنية قصيرة، ولا يظهر تأثيرها إلا بعد فترة حضانة محددة لمدة أسبوعين أو أكثر.

هناك عدة أنواع من الفيروسات المدمرة والتي سبق استخدامها في حروب بيولوجية سابقة أو من خلال عمليات إرهابية، وتنتقل إلى الإنسان عن طريق الجهاز التنفسي، وبعضها يدخل الجسم عن طريق الجهاز الهضمي، والبعض الآخر ينتقل عن طرق التغلغل في الخلايا الجلدية، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الجمرة الخبيثة، كورونا، الفيريولا، الطاعون، توكسين البوتيولوني، الجدري، حمى الأرانب، الإيبولا.

ومقارنة بتكلفة برامج الأسلحة الأخرى، فإن الأسلحة البيولوجية رخيصة جدا، وتأثيرها مدمر جدا وخير مثال على ذلك ما يواجهه العالم اليوم من عجز تام في مواجهة فيروس كورونا، حيث أصبح العالم يدور في دوامة وفوضى عارمة اجتاحت جميع دول العالم، وبدأ ظهورها بالدول العظمى كالصين وأميركا وفرنسا وبريطانيا ثم إيطاليا، فكانت ردود أفعالهم أسوأ من ردود أفعال دول العالم الثالث، أجبرتهم مكرهين على دخول حرب عالمية لا يمكنهم توقع عواقبها، فلم تنفعهم أرصدتهم المالية الفلكية أو أنظمة الصواريخ المتطورة أوحرب النجوم التي كانوا يتباهون بها، سبحان الله جرثومة تافهة لا ترى بالعين المجردة ألحقت كل هذا الدمار بهم.

هناك من يقول أن أميركا هي التي بدأت بنشر هذا الفيروس لأنها أحست بعجلة تطور الصين المتسارعة وأرادت هزيمتها وإذلالها، وبالمقابل هناك من يقول إن هذه كانت خدعة صينية افتعلتها الصين لكسر اقتصاد الدول الكبرى لتنفرد بقيادة هذا العالم، وأنا هنا لست بصدد ترجيح أي رأي ولكن أود أن ألفت الانتباه إلى مدى خطورة استخدام الأسلحة الجرثومية، علما بأنها سلاح ذو حدين فقد تستقر الرصاصة في رأس الذي يضغط الزناد أولا.

لعل ظهور أكثر من 25 فيروسا جديدا خلال السنوات القليلة الماضية يعطي الفرصة لاستخدام مثل هذه الفيروسات كأسلحة فتاكة في أي حرب بيولوجية قادمة، والخسائر الكبيرة في الأرواح والأعباء والخسائر الاقتصادية الضخمة المترتبة على استخدامها يجعلنا نعيد الحسابات لمواجهة مثل هذا النوع من الأسلحة والاستعداد لمواجهة ما هو قادم بأقل قدر من الخسائر الممكنة.

نقلاً عن جريدة “الأنباء” الكويتية

زر الذهاب إلى الأعلى