الرقص أمام الباب هرباً من طلب المفتاح* رفيق خوري
النشرة الدولية –
السلطة تدور في فلك الأزمة، من حيث توحي أنّها تدير الأزمة على طريق الحل. وهي تبدو محكومة بالرقص أمام الباب المغلق بدل فتحه. فالحل المطلوب مخيف للنافذين لأنه يعني خسارة امتيازاتهم، في حين ان الأزمة كانت ولا تزال “الكنز” لتكديس ارباحهم. والكل يعرف ان صندوق النقد الدولي ليس الحل بل مفتاح الباب المؤدي الى الحل. والباقي علينا، بمساعدة الأصدقاء، ما دام معظم المشاكل من صنع ايدينا، وبعضها يصنعه بعض الخارج الذي له أيدٍ في الداخل. فما وصل الى الجدار المسدود هو قدرتنا على الإقتراض لكي نسرق. وما لا يزال مفتوحا كنافذة فرصة هو المساعدة لإنقاذ لبنان.
ذلك ان الخارج يعرف حالنا أكثر من الداخل. سمعتنا في أمور المال والفساد، حتى عند الاصدقاء، أسوأ من كلّ ما سجّلته شعارات الثوار في الشارع قبل كورونا. والتزاماتنا فاقدة الصدقية كأنها كتابة على الماء. قبل عامين التزمنا في ” مؤتمر سيدر” القيام بسلسلة إصلاحات مقابل ضخ 11 مليار دولار بين مساعدات واستثمارات في تحسين البنية التحتية بإشراف صندوق النقد والبنك الدوليين على تحقيق المشاريع. وبعد عامين من خداع النفس والآخرين بالحديث عن اصلاحات غائبة، نطالب بالاستثمارات من دون شروط وسط تبدل الاهتمامات في العالم بفعل كورونا.
قبل الاجتماع الضروري مع ممثلي المجموعة الدولية لدعم لبنان في القصر الجمهوري، كان موقف المجموعة مكتوباً امام المسؤولين: “دعوة الى اتخاذ مجموعة من التدابير والاصلاحات الملموسة وذات الصدقية” مع كثير من التفاصيل. ومن المفارقات أن تبدو الاصلاحات شرطاً علينا من العالم، بدل كونها خياراً لنا. وحتى في ما سمّاه اوغسطوس قيصر “التعجّل البطيء”، فإنّنا نمارس التخبّط والارتباك وعلك الصوف تحت ضغوط المصالح المتناقضة في إعداد خطة للإنقاذ.
وليت ما سبق الاجتماع كان تنفيذ خطوة إصلاحية ملموسة على طريق الخطة الشاملة، بحيث نستعيد بعض الصدقية. وليت خطوة أخرى مهمة سبقته هي دعوة كل اللاعبين السياسيين الى القصر، بصرف النظر عن مواقفهم والمواقف منهم، لتأكيد حد أدنى من الوحدة الوطنية في مواجهة الأزمة. فالأزمة أكبر من ان يتصدى لها فريق واحد. ومن الصعب إقناع الأصدقاء برش المال على حكومة في مشكلة سياسية مع نصف اللبنانيين، وسط مشكلة مالية واقتصادية لأكثرية اللبنانيين الساحقة، وصاحب الحكومة في مشكلة مع العرب والغرب.
يقول برتولد بريشت: “ليست محظوظة البلدان التي تحتاج الى أبطال” لكن لبنان محكوم بأن يعتبر نفسه محظوظاً بالذين يلعبون أدوار الابطال .