خدام … غياب على وقع كورونا* رجا طلب

النشرة الدولية –

على صعيد القيادات الفلسطينية، وتحديداً قيادة حركة فتح لم أسمع يوما كلمة حسنة واحدة بحق الرجل، فقد كان في نظرهم “متزمتاً وفجاً وصلفاً”

لا أدري إن كان موت عبد الحليم خدام، نائب الرئيس السوري السابق قبل أيام في خضم انشغال العالم برمته بتداعيات فايروس كورونا هو نعمة إلهية للرجل في نهاية حياته ليمضي إلى آخرته بلا صخب أو ضجيج، وهو الذي كان خلال عقدين من الزمن أحد صناع الأزمات وواحد من مهندسي تفكيكها في العالم العربي وبشكل خاص في سوريا ولبنان، أم أن هذا الموت هو نوع من الغضب والنقمة الربانية عليه، جعلته يغادر هذه الحياة وكأنه لم يكن شيئاً يستحق الاهتمام، فلم يحظ بجنازة، ولا بعزاء يليقان بتاريخ رجل كان في يوم من الأيام يقرر ويخطط على الأقل في بلدين عربيين، كانا ولا يزالان من مصانع أزمات العالم العربي،  سوريا ولبنان، يضاف لهما الملف الفلسطيني.

 

من رحم عملي الصحافي والذي وفر لي فرص الالتقاء والتفاعل مع عدد كبير و”معتبر” من السياسيين في العالم العربي لم يكن “أبو جمال” رحمه الله، ولا يجوز على الميت إلا الرحمة، يحظى بالحب أو التقدير اللذين يحظى بهما أي مسؤول بحجمه، وكان على الدوام في نظرهم مجرد دمية سُنيّة في يد رئيس علوي يريد التستر على مذهبه ويستخدمه أبشع استخدام، بل كان البعض منهم يقول أكثر من ذلك، وهو أن “عبد الحليم خدام كان اللسان غير النظيف لحافظ الأسد”، وتفسير تلك المقولة أن حافظ الاسد كان لا يتلفظ بعبارات نابية أو سيئة  ضد الذين كان يختلف معهم أو يكرههم، ويكلف عبد الحليم خدام ليقولها لمن يستحق تلك الألفاظ قبل أو بعد اللقاء، كل حسب وضعه وقيمته في نظر الأسد.

 

كان قرب عبد الحليم خدام من حافظ الأسد سبباً مباشراً في استفزاز وكراهية الحلقة العلوية الضيقة القريبة من الرئيس، فيما كان خدام وتعاليه وغطرسته في التعامل مع المسؤولين العرب، سبباً إضافياً في كراهية حافظ الأسد نفسه، لأنهم كانوا يدركون أن خدام هو النسخة القبيحة من الرئيس.

 

وأذكر خلال القمة العربية بالجزائر في 1988 “قمة الانتفاضة” أني التقيت في فيلا الصديق بسام أبو شريف الذي كان وقتها مستشاراً للرئيس عرفات بشخصية عربية مرموقة وكان الحديث منصباً على الانتفاضة الفلسطينية، وموقف النظام السوري منها، وجاء ذكر عبد الحليم خدام الذي كان يتولى ملف لبنان، والعلاقة مع منظمة التحرير، بعد تركه وزارة الخارجية، فعلق ذلك المسؤول وبتلقائية ومباشرة، قائلاً: “كلما زرت دمشق والتقيت خدام تصيبني حالة من الكآبة بالاضافة الى الصداع والرغبة في التقيؤ، لذا حرصت أخيراً على تجنب زيارة سوريا حتى لا ألتقيه”.

 

أما على صعيد القيادات الفلسطينية، وتحديداً قيادة حركة فتح لم أسمع يوماً كلمةً حسنةً واحدةً في الرجل، فقد كان في نظرهم “متزمتاً وفجاً وصلفاً”. وعلمت خلال تلك الجلسة المذكورة أن طرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من دمشق في 1983 كان اقتراحاً منه للرئيس حافظ الأسد، الذي تلقفه بشغف في لحظة حقد دفين على الزعيم الفلسطيني.

 

لم ينجح عبد الحليم خدام في تكوين علاقة وطيدة واستراتيجية إلا مع الشهيد رفيق الحريري، وهي علاقة “ملتبسة” قائمة وبشكل واضح على تبادل المصالح.

 

فرفيق الحريري تعرف على عبد الحليم خدام بصفته رجل أعمال سعودي مقرب من الملك فهد، ولأنه لبناني الأصل كُلف بمهمات تتعلق بملف التسوية في لبنان والتي أنجبت اتفاق الطائف الشهير الذي وفر الطريق الآمن للبنان لإنهاء الحرب الأهلية، وأعطى قوة استثنائية لرفيق الحريري الذي قفز فجأة إلى منصب رئيس وزراء لبنان بفضل الدعم القوي منعبد الحليم خدام للحريري، فيما لم يبخل “أبو بهاء” على خدام بالمال كما ارتبطا معاً بعلاقة مصاهرة، فابن خدام تزوج ابنة رفيق الحريري.

 

بعد وفاة حافظ الأسد تحولت علاقة عبد الحليم خدام برفيق الحريري نقمة عليه، أوصلته فيما أوصلته ليصبح معارضاً وناقماً على النظام، ويترك سوريا ليعيش في باريس في أحد قصور رفيق الحريري هناك.

إمارات 24

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى