هل تسعى في أغلب تصرفاتك لتقبل الآخرين لك؟ وتهتم كيف يرونك؟

النشرة الدولية –

د. وفاء العساف

الناس من حولنا يصوغون أفكارنا قراراتنا اختياراتنا، حين نقيم ذاتنا هل يؤثر الآخرين في ذلك التقيم؟ هل نعتمد المقارنات او نخشى من نظرة المحيط لحياتنا ونتصرف لكي نكون صورة مقبولة اجتماعيا حتى لوكانت فوق طاقاتنا النفسية والمادية او حتى قد تتخطى قناعاتنا. نعم للأسف ان المقارنات الاجتماعية هي مرض منتشر بشكل كبير في وقتنا الحالي .

فقد تكون المقارنات وحسب علم الاجتماع مقارنة علوية (تصاعدية) عندما اقارن نفسي بمن هم أعلى من نواحي مختلفة رغبة منا للوصول إلى نفس المستوى

و هناك المقارنة الاجتماعية الدونية أو السفلية، وتحدث عندما نقارن أنفسنا بمن نعتقد أنهم أسوأ منا أو أقل درجة، وغالبًا ما يكون هدفنا منها هو محاولة جعل النفس تشعر أفضل حول قدراتها وإمكانياته وقد تصل الأمور إلى حالة مرضية من الشعور بالعظمة

“وفقًا لنظرية المقارنة الاجتماعية لفستنغر، يكتسب الأشخاص معرفة الذات والوعي الذاتي من خلال مقارنة أنفسهم بالآخرين. حيث يفضل الأشخاص مقارنة أنفسهم بالآخرين في إطار متقارب جدًا، مثل: زملاء العمل، والأصدقاء، وأفراد الأسرة”

بعض العوامل التي تؤثر على ما إذا كانت المقارنات الاجتماعية مفيدة أم ضارة

أنهل  المقارنة تسلبنا أعظم شيء نملكة؟ نعم قد تكون ذلك فقد تسلبنا الحياه نفسها ،نعم عندما اقارن كل تفاصيل حياتي بالآخرين اذا انا في حالة من المراقبة المستمرة لهم حينها احرم نفسي من ان اعيش واستمتع بتفاصيل حياتي اليومية التي امتلكها الان حتى لو كانت بسيطة

هل نقارن أنفسنا بالآخرين بمواضيع جوهرية او ذات قيمة تجعل من هذه المقارنه دافع محفز للانجاز ام انها مقارنات سطحية ملابس سكن سيارات مدارس، هل الممتلكات المادية معيار لتقيم الفرد لذاته والمجتمع له؟

الصواب انها بالتأكيد ليست بمعيار، لكن للأسف نحن من جعلنا منها ذلك عندما تختلف نبرة صوتنا واختيارنا لهيئتنا وانتقاء عباراتنا عندما نتحدث مع غني صاحب نفوذ مسؤول بينما نهمل هذه التفاصيل عندما اتحدث مع عامل بسيط

اتعرفون ماهو الخلل ؟ اننا عندما نتناقض في سلوكياتنا مابين هذا وذاك فنحن نتمرجح داخليا ولانمتلك رؤية واضحة لذاتنا التي تتلون حسب الأفراد، احترامي وتقديري لذاتي وليس للاخرين هو من سوف يصنع مني انسان محترم مع الجميع كذلك انسان متصالح مع نفسه لا اسمح لأحد أن يقيمني على اساس مادي او مركز اجتماعي لو ان الجميع وضع هذه القواعد لما تعالى انسان على اخر ولباتت عملية المقارنات الاجتماعية المرضية قليليه جدا

اغلب المشاكل الأسرية هي نتيجة هذه المقارنات لأننا لانعي ان الهدف من الحياه لا ان تكون أفضل من الآخرين  بل أن نكون في أفضل حالاتنا وأفضل نسخة من أنفسنا،

وهي تسلبنا الفرحه لانها ستؤدي

دائماً إلى الندم على ما لسنا عليه

كيف نجد طريق للخلاص من هذه الظاهرة في ظل الكم الهائل من الانفتاح على العالم الذي تفرضه وسائل التواصل الاجتماعي والكم من الإعلانات عن منازل فارهه وسيارات وكل المنتجات الاستهلاكية التي لانحتاجها فعليا لكن وجودها في حياتنا يجعلنا نعتقد اننا أفضل فنتجه إلى القروض، ونحرم أنفسنا وابنائنا من أمور اهم ويزيد الامر سوء في الأقساط والضغط النفسي الذي يولد مشاكل في الأسرة وتصل إلى حالات اكتئاب

ولاينتهي الأمر عند هذا الحد لان كل هذه شكليات ومن المستحيل ان تشبع الروح فنتجه إلى شراء ماهو أثمن نعم انها حاله مرضية سببها المقارنات

لاتخجل من ان تقول اني لا استطيع الشراء وعلموا أبنائكم على ذلك ناقشهم منذ الطفولة وكن صريح معهم حول وضعك الاقتصادي فأنت تبني فرد سوف يواجه تحديات لم نواجهها نحن في طفولتنا كنا لانميز بين الآخرين من اللبس او المدارس كلنا نذهب لنفس المدارس ونشتري من بين خيارات محدوده على عكس اليوم حتى باتت المدارس التي هي اساس التربية هي من يزرع هذا الفكر السخيف عندما يغالون في الطلبات المادية

أكثر مثال مزعج تشمئز منه النفس لهذه المقارنات تستطيع أن تدرسه هو في التجمعات المدرسية لأهالي والأمهات في المدارس الخاصة وبالذات المدارس الدولية فترى الأم تركز ان تتحدث مع ابنها باللغة الإنجليزية لأنها علامة التحضر والتركيز على ماركات الملابس واين تسافر في العطلة

كذلك المدرسات ، اذكر في احد الاجتماعات ان تحدثت معي المعلمة وهذا طبعا نهج مدرسي تجبر عليه

فقد تحدثت معي باللغة الإنجليزية فتعمدت ان اجاوبها بالعربية لكنها استمرت ، لم أستطع ان امنع نفسي من التوقف   وان اطلب منها ان تتحدث العربي معي فكانت الاجابة انهم مدرسة دولية وهذا هو النظام .

قد تجد ام اخرى انه موقف محرج بل قد تتعمد زياده المطلحات الأجنبية في الحوار

لكني قلت للمدرسة ماذا لو كانت هناك ام لاتتقن اللغة الانجليزية ورغبت في ان تعلم أبنائها أفضل منها هل كنت سوف تستمري باحراجك لها .

لاتخجل من شيء ليس بالضروري ان أمتلك أغلى الأشياء حتى لو كنت مقتدر ماديا

نعم لان المنتجات والسلع الاستهلاكية هي للاستعمال وليس لتقيمي، هل اصل لدرجة من الاسفاف ان أقيم نفسي بفستان او حقيبة مثلا

نعم احب كأي سيدة ان اشتري واتسوق ونعم قد اشتري احيانا ماهو باهض الثمن

لكن ليس للاستعراض بل أفضل أن أجد الاقل سعرا حتى لو امتلكت الثمن

ونعم اشتريت من أسواق شعبية ولا أخجل اني كنت استمتع للذهاب إلى سوق الجمعة مع صديقاتي

وعندما اشتري شيء لا ادعي انه من افخم المحلات وهو من ابسطها

لاني انسان وانا أغلى من اي شيء مادي

ومن لايراني كما ارى نفسي فلا اريد التعامل معه

لاتخسروا حياتكم واسركم وابنائكم وانتم تسعون للقبول الاجتماعي

فليذهب الجميع اذا كانوا مزيفين ومجرد قشور ابتعد عنهم

احتفظ بكرامتك وعزت نفسك وعلمها لابناءك

فلايوجد قروض للوقت فإذا انتهت الحياه لن تستطيع ارجاعها إلى الوراء

Back to top button