اليمن .. غلاء الأسعار يفاقم الأزمة الإنسانية في مدينة تعز اليمنية
النشرة الدولية –
تقرير | شهاب العفيف –
يرافق الحصار الجائر على مدينة تعز اليمنية من قِبل جماعة الحوثي الإنقلابية منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء مطلع العام 2015 بقوة السلاح وانقلابها على السلطة الشرعية معاناة أخرى فاقمت من الأزمة الإنسانية والصحية بالمدينة.
حيث شهدت مؤخرا المدينة إرتفاع في أسعار السلع والمواد الغذائية والتموينية ، الأمر الذي ينذر بتفاقم الأزمة الإنسانية وانتشار المجاعة فيها.
مواطنون يشكون الغلاء
خمسون ألفا لاتكفي لشراء الحاجات الأساسية التي يحتاجها المواطن العادي لشهر واحد لذا شكى مواطنون ارتفاع الأسعار وطالبوا بضبط المتلاعبين بالأسعار والمتاجرين بمعاناة الناس.
الأربعيني “عبدالسلام الهلالي” أحد المواطنين الذين طالهم لهيب الأسعار في مدينة تعز بعد خروجه من أحد المحلات التجارية يقول لـ “النشرة الدولية” : “عندما ذهبت إلى إحدى المحلات التجارية تفاجأت من أسعار المواد الغذائية حيث إرتفعت كثيرًا عما كان سعرها قبل عدة أسابيع.
يضيف الهلالي الـ 50 ألفًا التي نزلت وهي بحوزتي لم أستطع الشراء بها إلّا حاجات قليلة لم تغطي المواد الغذائية الأساسية التي يحتاجها المواطن العادي خلال يومه”
وطالب الهلالي الجهات المختصة بضبط هذا التلاعب بالأسعار، والضرب من حديد لمن يخالف ذلك.
عبدالسلام ليس الوحيد من يشكو من إرتفاع الأسعار ،فغالبية سكان المدينة يعانون من ضعف الجانب المادي، في ظل الوضع الإقتصادي السيء ، نتيجة الصراع الجائر في البلاد ، والذي بلغ السادسة.
أسباب الإرتفاع
ويرى التجار بأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يعود لعدة أسباب أهمها ارتفاع ايجارات النقل وفرض رسوم غير قانونية في نقاط التفتيش التي تقع بين المحافطات في ظل غياب الرقابة.
التاجر “عدنان محمد الشرعبي” أحد أصاحب المحلات التجارية في مدينة تعز لـ”النشرة الدولية” : ” إن بعض الإرتفاع في أسعار السلع والمواد الغذائية مؤخرًا، ليس بسبب الإحتكار أو إنعدام السلعة من السوق؛ وإنما يرجع إلى إرتفاع أجور النقل ،والذي كان يتم إستئجار نقل الطن الواحد من مدينة عدن إلى المدينة بقيمة 16,000ألف ريال للطن الواحد، أما في الوقت الحالي فقد بلغ الإستئجار 20,000 – 21,000 ألف ريال،
وأحيانًا يتم دفع فارق “ممسا” (عندما يأتي سائق المركبة وأمامه مركبة أخرى تعطلت فيتأخر ساعات أو أيام ،ويتم إعطاء السائق مبلغ 10,000 ألف ريال أعباء نقل )، تحسب لسعر السلعة” .
ونوهَ “عدنان” إنه خلال الأيام القليلة الماضية تعطلت 6 مركبات من نوع (ديانة ، بابور) في طريق هيجة العبد، والتي تسببت بتأخر بقية مركبات النقل ليوم كامل .
وفي حديثه أشار “الشرعبي” أن بعض السلع مثل الأرز، والسكر ، والزيت عبوة20لتر التاجر في عدن يطلب دفع قيمة مقدمة نقدًا،والتي لم تكن هذه سلوكيات التجارة المعروفة ، ويعطي أقل من الكمية التي يطلبها تاجر تعز منه.
وذكر “الشرعبي ” أن نقطة الرباط بلحج خلال الأيام القصيرة التي مضت، فرضت على المركبة (البابور) 40,000 ألف ريال لمنحها تصريح عبور .
معدل الارتفاع
ذكر تقرير صادر عن قطاع الدراسات الاقتصادية(حكومي) أن معدل التضخم التراكمي لأسعار المستهلك إرتفع بحوالي ١١٠.٤٪ في ديسمبر/ ٢٠١٨، مقارنة بديسمبر ٢٠١٤، ليستكمل إرتفاعه بحوالي ١٥٪ في الربع الأول من ٢٠٢٠.
هذا وإرتفع سعر الأرز عبوة (٥٠كجم) من ١٢,٠٠٠ألف ريال، إلى ١٥,٥٠٠ ريال ،أي أن معدل الإرتفاع ٢٩٪ في الكيس الواحد، وكذلك السكر (البرازيلي) عبوة (٥٠كجم) إرتفع من ١٧,٠٠٠ ألف ريال، إلى ٢٠,٥٠٠ ريال ، والدبة الزيت عبوة(٢٠لتر) إرتفع سعرها من ١١,٢٠٠ ريال ،إلى ١٤,٠٠٠ ألف ريال ، وطال الإرتفاع أيضًا “التمر” ،خاصة مع قدوم شهر “رمضان” المبارك، والذي كان سعر الكرتون عبوة (٨كجم) ٥٠٠٠ ألف ريال ،بات الآن سعره ٧٠٠٠ ألف ريال .
يقول البعض ليست المشكلة بأن يرتفع سعر السلعة نسبة قليلة ،وإنما المشكلة إذا أخفيت من السوق ،في وقت يعاني العالم من فيروس كورونا (كوفيد١٩) المستجد، والذي بلغ عدد الأشخاص المصابين بهذا الفيروس نحو مليوني مصاب، بأكثر من ٢٠٠دولة حول العالم، فيما بلغ المتوفيين بالفيروس ١٠٩,٨٠٠ متوفي ، وبلغ المتعافين منه نخو ٤١١ألف متعافي حول العالم .
جهود مبذولة
مع استمرار الجهود المبذولة من مكتب الصناعة والتجارة بتعز ؛لتوفير مخزون كافي من السلع والمواد الغذائية ولضبط الأسعار فيها ، صرح “عبدالودود أحمد” نائب مدير عام الصناعة والتجارة بتعز لـ”النشرة الدولية” بأنه تم إلزام لجان تابعة للمكتب لضبط التسعيرة، وإغلاق المخالف في أسواق وحارات المدينة، وقد سبق إغلاق خلال الأيام الأخيرة أكثر من٥ محلات وأفران لليوم الواحد ،ويتم التحقيق معهم وإحالتهم إلى النيابة وإتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم.
وأكد عبدالودود على وجود كميات كبيرة مخزونة في مخازن التجار بعدن من المواد الأساسية والغذائية.
وشدد على أهمية توفير مخزون إحتياطي يكفي لمدة طويلة، وأن المكتب يحاول التنسيق مع الغرفة التجارية ومجموعة من التجار الكبار في المدينة؛ لتوفير كميات كبيرة من المواد الغذائية لمخازن المحافظة، خوفًا من إنقطاع الطريق أو حدوث ظرف طارئ .
كما ناشد التجار بأن يقفوا صفًا واحدًا مع مدينتهم ، وأن المسؤولية مسؤولية وطنية.
هذا وأشار عبدالودود بأن السلطة المحلية ممثلة بوكيل المحافظة د.عبدالقوي المخلافي- رئيس لجنة الطوارئ بالمحافظة – ستقوم بضبط كافة النقاط التي تقوم بإبتزاز مركبات نقل البضائع التابعة للتجار في تعز ، من أجل تسهيل نقل بضائعهم إلى المدينة.
كورونا يفاقم الكارثة
بعد أن سُجلت الجمعة ١٠أبريل ،أول حالة إصابة بفيروس كورونا في اليمن والتي ظهرت بالشحر بمحافظة حضروموت شرق اليمن ، أدرك اليمنيون حجم الكارثة وبدأت دعواتهم بإيقاف الحرب.
وقد تسبب فيروس كورونا “كوفيد١٩” بتراجع في التجارة العالمية وسيكون اليمن أول من يعاني بحسب تقارير محلية ودولية والتي ذكرت أن 22 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية وحماية اجتماعية، فيما يعاني نحو١٧ مليون شخص من إنعدام الأمن الغذائي، منهم ١٠ ملايين يواجهون خطر المجاعة .
وفي تعز تزايدت المخاوف لدى المواطنين من إنعدام سلع المواد الغذائية والتموينية، حيث يقدم المواطن على شراء كميات كبيرة من السلع ؛ ليضمن تموين نفسه شهرين أو ثلاثة أشهر في حال انتشار الوباء، مايجعل الكمية المتواجدة في مخازن التجار في المدينة تقل.
تتزايد المخاوف لدى المواطنين في محافظة تعز اليمنية مع تزايد الكوارث وغياب دور السلطات الحكومية في الرقابة والمحاسبة بعد أن تحول تجار المواد الغذائية إلى تجار بمعاناة المواطنين وأصبحت نقاط التفتيش التي خصصت لحماية المواطن اليمني إلى نقاط للمتاجرة والاستغلال.