تخوفات وردات فعل سلبية إزاء تحمس الرئيس ترامب لإعادة فتح البلاد في مطلع مايو
النشرة الدولية-
أثارت التلميحات المتحمسة للرئيس الأميركي دونالد ترامب لمسألة إعادة فتح البلاد وإستئناف الأعمال الاقتصادية والتجارية فيها بحلول شهر مايو المقبل، مواجهات وتباينات بالرأي حادة ما بين معارض ومؤيد، في ظل استمرار وتيرة تفشي وباء كورونا، واستمرار تسجيل الأعداد الكبيرة من الوفيات جراء هذا المرض خاصة في مدينة نيويورك التي تحولت في الأسابيع الأخيرة لأكبر بؤرة عالمية للوباء.
وقد وصف العديد من المسؤولين في الولايات المتحدة الموعد المقترح من قبل الرئيس ترامب بالمتسرع جدا، في حين إعتبره البعض بالمعقول جدا من أجل إعادة حركة الحياة الاقتصادية والعامة في البلاد ومواجهة البطالة والكساد.
الدكتور أنتوني فاوتشي مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، قال الأحد إن “رفع القيود يجب أن يكون تدريجيا لمنع ظهور حالات إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد”.
وأضاف في مقابلة مع شبكة “سي أن أن” أن “النماذج تظهر أن رفع جميع الإجراءات مثل التباعد الاجتماعي في آن واحد في جميع أنحاء البلاد قد يؤدي إلى انتعاشة جديدة للفيروس في شهر يوليو.. وفتح المجال مرة واحد في شهر مايو قد يؤدي إلى مشكلة حقيقية”.
ولا يعارض فاوتشي فكرة فتح المجال الاقتصادي بالمطلق، لكنه يرى أن تكون في بعض المناطق والمجالات وليس على الصعيد الوطني، وأن تجري بناء على معايير واختبارات فحص الفيروس.
وقال فاوتشي إن مسؤولي الولايات والمدن “سوف يحتاجون إلى الاسترشاد بنتائج الاختبارات ومقدار الخطر على المستوى المحلي” وحسب كل مجال، مضيفا “أعتقد أن من الممكن أن نبدأ في بعض المجالات، ربما بحلول الشهر المقبل”.
كما لفت مسؤول أخر إلى كيفية إدارة الرئيس ترامب للأزمة مما قد يضر من دعمه السياسي في الانتخابات، مشيرا إلى أن قرار فتح الاقتصاد والحياة العامة في البلاد ليس قرار الرئيس وحدة بالكامل، بل سياركه في هذا القرار حكام الولايات الذين كانوا قد أصدروا أوامر لسكان ولاياتهم بالبقاء في المنازل، وقد قام بعضعهم بتمديد هذا الإجراء الإحترازي إلى نهاية شهر يونيو.
حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو والذي تشهد ولايته أزمة كبيرة بسبب العدد الكبير من الوفيات والإصابات بفيروس كورونا، قال من جانبه، إن الجهود المبذولة بدأت تؤتي ثمارها، مشيرا إلى أن منحنى الإصابات الجديدة بدأ في الاستقرار.
غير أن كومو، عندما سأل عن إعادة فتح الاقتصاد، أكد أنه من السابق لأوانه النظر في المستقبل وقال “إعادة فتح الولاية سلاح ذو حدين، مسألة اقتصادية ومسألة صحة المواطنين، وأنا غير مستعد لإحداث طلاق بين الجانبين، لا يمكنك أن تطالب الناس في هذه البلاد أن يختاروا بين أجورهم وحياتهم”.
حذر العديد من المسؤولين الأميركيين من أن موعد 1 مايو الذي طرحه الرئيس الأميركي، لإعادة فتح أجزاء من الاقتصاد، قد لا يكون واقعي، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست.
وفي تصريحات لمفوض إدارة الغذاء والدواء ستيفن هان أشار إلى أن ذلك هدف، ونأمل في تحقيقه، إلا أنه من السابق لأوانه أن نحسم ما إذا كان هذا تاريخ عودة الحياة.
ورأي أنتوني س. فوسي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، أنه بدلاً من إعادة فتح مفاجئ للبلد بأكمله، يجب على الولايات المتحدة أن تضع خطة “عودة تدريجية” إلى الحياة الطبيعية اعتماداً على الظروف في مناطق مختلفة.
وأكد أن العودة التدريجية من المحتمل أن تبدأ الشهر المقبل في بعض مجالات الحياة، لكنه حذر من احتمالية عودة الفيروس في وقت لاحق من العام.
بينما كريستوفر موراي، مدير معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن، فقد حذر من رفع القيود المفروضة الشهر المقبل، مؤكداً أنه هذا ربما يعني أننا قد نعود إلى نفس الوضع الكارثي بحلول شهر يوليو أو أغسطس.
وأوضح موراي: “ربما يمكن أن تفتح بعض الولايات منتصف مايو، ولكن علينا أن نكون حذرين للغاية وأن نتأكد من أننا لا نفقد كل الجهد الذي قدمه الشعب الأميركي في عمليات الإغلاق قبل الافتتاح المبكر”.
بينما قال فيل مورفي، حاكم ولاية نيوجيرسي: “أخشى أن العودة المبكرة للحياة قد يكون بمثابة صب البنزين على النار”.
لكن حاكم ولاية تكساس غريج أبوت، أعلن أنه يخطط لإصدار أمر تنفيذي هذا الأسبوع يتناول استراتيجيات كيفية إعادة فتح أعمال الولاية.
وأضاف: “سنركز على حماية الأرواح مع استعادة سبل العيش، يمكننا ويجب علينا القيام بذلك، يمكننا القيام بالأمرين معا”.
القرار النهائي يعود لحكام الولايات
وفي حين أن الحكومة الفيدرالية لديها القدرة على تقديم التوصيات، فإن القرار النهائي بشأن ما إذا كان سيتم إعادة تخفيف القيود وفتح الولاية يعود إلى حاكم كل ولاية على حدة.
ومن المقرر أن ينتهي التوجيه الفيدرالي الحالي لتجنب التجمعات الاجتماعية والعمل من المنزل في نهاية أبريل.
بدورهم، أكد خبراء الصحة العامة أنه من أجل إعادة فتح الاقتصاد بأمان، يجب اتخاذ خطوات معينة منها: يجب على الولايات المتحدة أن تبذل جهوداً واسعة النطاق لتحديد الأشخاص الذين كانوا على اتصال بالمصابين وإجراء اختبارات واسعة النطاق.
كما طالبوا بالامتناع عن التحرك نحو تخفيف القيود حتى يروا انخفاضاً مستداماً في الحالات الجديدة لفترة طويلة على الأقل.
ووصلت أعداد الإصابات في الولايات المتحدة حتى يوم السبت إلى أكثر من 537 ألف شخص، تعافى منهم حوالي 31 ألفا، وتوفي 21400 على الأقل.
وحرم الوباء أكثر من 16 مليون أميركي من العمل، ما أدى إلى ممارسة ضغوط من قبل اصحاب الأعمال والشركات والمصانع لإعادة فتح البلاد، في حين يحذر الخبراء الصحيون من خطورة ذلك ويطالبون بمزيد من الوقت لاحتواء انتشار الفيروس.
ومع الخوف من وفاة ألفي شخص يوميا تقريبا، وقد يصل الرقم الإجمالي إلى عشرات الآلاف أو أكثر بسبب الفيروس إذا تم فتح المجال العام، فإن الخوف أيضا يعتري البعض بسبب أن الملايين قد يفقدون وظائفهم مع استمرار الإغلاق، وخاصة أن هذه الأزمة تأتي قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل.