رواية “قتلت أبي” تتطرق لصراع الأجيال وتتصدى الرواية لجملة من السلبيات
النشرة الدولية –
تتطرق رواية “قتلت أبي” الصادرة حديثا، للكاتبة الجزائرية صورية سلماني، إلى التناقضات التي تشوب المجتمعات الشرقية، والصراع المستمر بين الأجيال في ظل اختلاف الرؤى والقناعات، في عالم تتسارع فيه الأحداث، بواقعية تذكرنا بأدب الالتزام.
وتتصدى الرواية لجملة من السلبيات؛ أبرزها تفشي العنصرية، والعنف، والاضطهاد، والحرمان، في محاولة لترميم واقع متصدع، علها تزرع قيمة تستند إلى التسامح وتقبل الآخر.
وتدور أحداث الرواية في الريف الجزائري، حاملة هواجس فتاة في مقتبل العمر، ومعاناتها من اضطهاد أسرتها، بحجة الحفاظ على شرف العائلة.
ومع تتالي الأحداث، يبرز إلى الواجهة شاب غريب يفد إلى القرية، ويصب غيظه على بطلة الرواية، دون ذنب منها، سوى أنها تحمل اسما يذكره بالذين لا يحترمون عرقه الأمازيغي.
وأمام هذا الواقع، تدخل الكاتبة في الأعماق النفسية لشخصيات أبطالها، متطرقة إلى نشأتهم الأولى، مع التركيز على التطور الدرامي للشخصيات، وتقلباتهم، لنشهد تحول العنصرية والبغض، إلى رأفة ولين.
وتقول الكاتبة على لسان بطلة روايتها: “قد تكون هذه المرة الأولى التي أكتب مخططا لعطلة. المرة الأولى؟ لا، لكنها أولى المرات التي سأعترف فيها بكل شيء. سأجري في تلك الطرقات العارية عن ثوبها الأخضر المعتاد، بعدما تخلت عن حيائها لتهديها السماء ثوبا ككل عام تسترها به، باحثة عن بيتنا. بيتنا غير الموجود أصلا، لأن الذئب ابتلعه وأنا في غابة الأحلام أصنع له زهورا أزينه بها”.
وتضيف بلسان الراوي العليم: “ما بها الطرق لا تنتهي؟ ما بها خالية! لا يُسمَع سوى عراك أنفاسها مع الرياح يهوي في أذنها بقوة. كأنها لم تجر قط، ولم تلتهم قدماها كل تلك المسافات، ابتلع الظلام تلك المباني، فلا تسمع غير نحيبها، تترقبها الأضواء وقد خار نورها. تشهق، تلهث، يمزق صوت الأنفاس، صدرها النحيف، كخنجر حاد انقض على سارقة. ما الذي يحدث وسط تلك الظلمة؟ من الذي أوقفها؟ هدوء؛ هدوء قاتل أرعب ما حولها. تلهث، وتلهث”.
ومن خلال التحليل المنطقي للدوافع، تكشف الكاتبة عن الطباع المكتسبة لشخصياتها، لتخلص إلى نتيجة مفادها، أن الشر والتعصب، يتناقضان والفطرة السليمة، وما هي إلا أقنعة نداري بها مكرهين ضعف جنسنا البشري.
وفي حديث خاص لـ “إرم نيوز”؛ قالت سلماني، إن “الأعوام الأخيرة، ومع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، شهدت انتشارا مفرطا لفئات تبث الكراهية والحقد والتمييز بين البشر، وبرزت صراعات وهمية تزرع التفرقة والشقاق، وتُغيِّب الأفراد عن جوهر الصراع الحقيقي ونهب الثروات، لتعود نعرات ما قبل الدولة التي تتناقض وروح المواطنة الفاعلة؛ من فتن عرقية وقبلية ومذهبية، ما جعلني أكتب؛ لأبين أن التفرقة تتنافى وروح العصر، وهي من أهم أسباب التخلف وستجعلنا في آخر الأمم”.
وأضافت: “اتبعت في تأليفي للرواية الاعتماد على مبدأ الومضات السينمائية؛ أنت تقرأ أحداثها وكأنك في فيلم ينتقل من حدث إلى آخر، مراوغ وممتع يخرجك من رتابة القراءة. وحاولت التذكير بمفردات من الماضي، ممزوجة بمفردات أقرب إلى المحكي، بعيدا عن التعقيد، مع حفنة من المحسنات البديعية”.
رواية “قتلت أبي” من إصدارات دار ببلومانيا للنشر والتوزيع، مصر، ديسمبر/كانون الأول 2019، وتقع في 223 صفحة من القطع المتوسط.
من هي صورية سلماني؟
صورية سلماني، روائية جزائرية، تبلغ من العمر 29 عاما، حاصلة على إجازة في اللغة الإيطالية وآدابها. وشهادة مُصمم ديكور للمسرح والتلفزيون.