الحكومة الأردنية تتعهد بحل أزمة الصحف اليومية التي تعاني من “موت بطيء” في زمن الكورونا
النشرة الدولية –
اتفقت آراء الصحفيين الأردنيين، على أن الاستجابات المحلية لجائحة كورونا، أصابت الصحافة الورقية بتداعيات تفوق قدرة تحملها.
ويقول بعضهم إن “الجرائد وُضعت في غرف الإنعاش، أو أنها تخضع الآن لموت بطيء”، فيما كان رأي آخرين أن هذه الصحف “ماتت خلال الأسابيع الماضية 3 مرات”.
وكان مجلس الوزراء الأردني، قد اتخذ في 17 مارس الماضي جملة إجراءات احترازية للحد من انتشار فيروس كورونا، من ضمنها توقيف طباعة الصحف الورقية “كونها تسهم في نقل العدوى”.
ويصدر في الأردن عدة صحف يومية ورقية، اثنتان منها مملوكتان بأغلبية الأسهم للحكومة من خلال مؤسسة الضمان الاجتماعي، لكنها جميعها، رغم تفاوت أعمارها وأحجامها ومواردها، تتشارك في قسوة المعاناة من وطأة مستجدات صناعة الاتصال العالمية، التي ألغت وظائف تقليدية للإعلام التقليدي كسلطة رابعة، لصالح الإعلام الحديث، ومنه وسائل الاتصال المجتمعي التي أضحت في العديد من دول العالم أداة مؤسسات الحكم في تعميم الرسائل السياسية وتصنيع الرأي العام.
د. العجلوني: موت بطيء
ويقول الوزير الأسبق الدكتور موفق العجلوني إن ما يقلقه ويقلق الكثيرين أن تترك الصحافة اليومية لكي تموت موتا بطيئا ويبقى الأردن بلا صحف، وأن يصبح مصير العاملين في هذه الصحف وأرزاقهم في مهب الريح.
وشدد العجلوني في مقال له، على أنه “يجب إنقاذ هذه الصحف ودعم العاملين فيها”.
أبو طير: قتل الصحف الورقية ثلاث مرات!
ويرى الكاتب ماهر أبو طير في مقال له، أنه “جرى قتل الصحف الورقية ثلاث مرات، فحجب صدورها بذريعة نقل ورق الصحف للعدوى، لا يبدو، كلاما صحيحا، حيث هناك صحف ورقية كثيرة في العالم ما تزال تصدر ورقيا”.
ويضيف أبوطير: “إضافة إلى أن فكرة العدوى عبر السلع، إذا صحت، واردة في آلاف أصناف المواد الغذائية التي يشتريها الناس في الأردن، فليس منطقيا أن تكون الصحيفة ناقلة للعدوى، والبطاطا والتفاح والموز والأكياس البلاستيكية وعبوات المياه لا تنقل العدوى”.
ويتابع: “حتى لو كان القرار مفهوما بسبب الحظر الشامل، لكن حين تم رفع الحظر الشامل، كان الأصل عودة الصحف، لاعتبارات كثيرة، أقلها الحفاظ على هذه الصناعة من الانهيار، إذ إن وجود الناس في بيوتهم سيزيد متوسط القراءة، دون أن ننكر هنا أهمية القراءة الإلكترونية وهي تجربة مهمة جدا”.
ويرى أبو طير أن “إنقاذ الصحف الورقية حل لا بد منه، حتى لا نخرج من أزمة كورونا، ونقف أمام أزمة كبرى، أزمة الإعلام المنهار، بما يعنيه ذلك سياسيا وإعلاميا وأمنيا، في توقيت حساس وصعب للغاية على الجميع”.
ويخاطب رئيس الحكومة ووزير الدولة لشؤون الإعلام بالقول: “قتلتم الصحف ثلاث مرات، مرة بشبهة نقلها للعدوى، ومرة بعدم دفع حقوقها، ومرة بمنعها من الحصول على قروض حتى تستمر”، على حد قوله.
استجابة الحكومة
وزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العضايلة، تجاوب صباح الأحد مع هذه الدعوات بالقول إن الحكومة ستصرف مستحقات الصحف الورقية البالغة نصف مليون دينار خلال أيام، مؤكدا أن الحكومة “لن تتخلى عن العاملين في الصحف، لكن الأمر يحتاج إلى الصبر للوصول إلى آلية”.
وأضاف العضايلة أن “جزءا من العاملين سيستفيدون من برنامج الدعم الخاص بالضمان الاجتماعي، كما أن هناك مساعي مع محافظ البنك المركزي بشأن تمويل الصحف”.
غبون: دعم الصحافة، ليست ترفا ولايتعلق الأمر بتأمين رواتب العاملين
من جهتها نشرت، عضوة مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين، هديل غبّون، على صفحتها موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، أن الحديث عن دعم الصحافة الورقية في ظل أزمة الكورونا، ليست ترفا ولايتعلق الأمر بتأمين رواتب العاملين في شهور الأزمة فقط، بل لأن الصحافة الورقية هي صحافة راسخة أولا وأخيرا، وهي مهد صناعة الخبر والتأثير في الرأي العام وفي صناعة القرار وهي الصحافة المعمقة المؤثرة، مهما اختلفنا على ذلك.
الصحافة الورقية لم تقف مكتوفة الأيدي خلال السنوات الماضية أمام الانفتاح العالمي وثورة الاعلام الرقمي، واقتحمت عالم الاعلام الالكتروني بقوة عبر إصدار نشرات الكترونية متكاملة، مع مواكبة كل التطورات من مقابلات وتقارير وأخبار مصوّرة بقوالب تحاكي هذا التطور، واستثمرت أغلبية هذه المؤسسات بكوادرها في “صناعة الخبر” وليس ملاحقته، رغم كل التحديات التي واجهتها واستطاعت أن تستقطب شرائح واسعة من المتابعين .
يؤسفني شخصيا، أن يكون هناك استثناء من الحكومة في التجاوب مع مطالب الصحافة الورقية لدعمها حتى الآن، بحجة القطاع الخاص، لأن مسار الأزمة إن لم يكن يشمل تقديم حلول للصحافة الورقية لمعالجة الانقطاع، سيتخذها البعض ذريعة “لطي صفحة الصحافة الورقية” والاكتفاء بغيرها ، وهذا ما لايجب أن يسمح به أي من القائمين على الصحافة الورقية، ولا النقابة بطبيعة الحال.
يؤسفني أن يكون هناك تحركات فردية من كل مؤسسة صحفية بشكل منفرد خلال الأيام الماضية ودون تنسيق مع النقابة وهو ما نحاول تداركه اليوم عبر النقابة، وأعتقد أننا اليوم أمام أزمة حقيقية تتجاوز أي خلافات داخلية وأي استقطابات تتعلق بأي انتخابات مقبلة، والمطلوب التفاف الهيئة العامة والنقابة ومجالس إدارات المؤسسات الصحفية جميعها لا أستثني أحدا منها، حول مصلحة استمراريتها جميعا، وتوجيه الجهد كاملا نحو الوصول إلى مخرج مع الحكومة المسؤولة عن هذا التعطيل، وليس لصالح مؤسسة على حساب أخرى.