“مدرب الأشباح”
بقلم: د. وفاء العساف
النشرة الدولية –
“اللاعبين في الملعب يتدربون بدون كرة وكأنهم يلاعبون اشباحا ”
تندفع رمياتهم الحسية العميقة بحركات من الخيال تخلق مهارات تكتيكية وتجعل كل حواسهم تجتمع في حاله تناغمية ،
فهي ليست مجرد أقدام قوية او تمريرات اعتيادية هم لايركلون الكرة ،انهم يرقصون معها على أنغام سيمفونية احاسيسهم تجعلهم في حاله من العزلة عن المؤثرات الخارجية، وتجعل منهم كيان واحد كلوحة فنية تُحفَر في عقول المتلقي ، وكأن اللاعب يستشعر اتجهات الخصم وهو مغمض العينين .
وخير مثال على ذلك الشهرة التي اكتسبها المنتخب البرازيلي في كأس العالم 1982 رغم تحقيق إيطاليا للقب كأس العالم في آنذاك ،هي كلوحة الموناليزا عندما يُذكر الفن التميز هي اول مايتوارد الى اذهاننا رغم اللوحات الاخره الجميلة.
انه أريغو ساكي “مدرب الأشباح ” يتحدث ساكي: “النتائج تدوّن في الدفاتر، أما أسلوب اللعب فيبقى عالقاً في الأذهان”
“كرة القدم تشبه المسرحية من الأفضل أن تنتهي بشكل جيد، لكن هذا لا يعني التغاضي عن السيناريو الكامل”
في إيطاليا عندما يعود الطفل إلى منزله بعد المباراة يسألونه: هل فزت اليوم؟ أما في إسبانيا فيسألونه: هل لعبت جيداً؟
هل نتجه نحن اليوم الى تكتيك يهدف الى العب المتميز ام تحقيق إنجازات سريعة.
هل يسعى السياسيون إلى تحقيق نتائج سريعة بغض النظر عن الطريقة، لان الغاية تبرر الوسيلة ، ماذا لو لم تكون نسبة تحقيق الغاية مضمونه ١٠٠%؟ هذا يعني احتمالية المخاطرة لان الفكرة مبنية على اساس المغامرة .
اذا من المنطق ان الوسيلة النزيهة سوف تنتصر لأنها تتماشى مع سياسة النفس الطويل والأهداف العادلة التي تراعي المصلحة الكلية ، اما السعي وراء الغايات وتبني السياسات قصيرة النفس قد تفي بالغرض ولكن لفترات محدوده متبنية فلسفة السيطرة والاستحواذ على خيرات الآخر وذلك لتحقيق منافع شخصية لن ينتج عنها مشاريع ناجحة تساهم في بناء بلد و اقتصاد ناجح وقوي ينعكس على مكانته السياسة مابين الدول ،وتحسين المجتمع اوضمان استمرارية هذا النجاح.
حينما ترتفع كفة الفكر الايدوليجي امام الفكر والنهج البرغماتي الساعي للاستحواذ والهيمنة والنجاح باي وسيلة، فعدو الامس هو صديق اليوم.
اما الأيديولوجيه السياسية فهي تعني مجموعة من الأفكار والقيم التي توضح وتعكس رؤية من يتبناها لواقع الأمور والحياه السياسية على اختلاف معتقداتهم
حيث اثر العديد من المفكرين على مر العصور وساهموا في تشكيل الانطمة السياسية المتنوعة بشكلها الحالي من مؤسسات دستورية وديمقراطيات متنوعة.
يسعى الأردن اليوم إلى اللحاق بركب الديمقراطية وتحقيق تنمية سياسية قادرة على تلبية الاحتياجات الاجتماعية و الاقتصادية للمجتمع من خلال المشاركة السياسية ، وتعتبر الأحزاب السياسية الطريق الانسب لتحقيق التنمية السياسية بنجاح.
ولكي يكون الإصلاح السياسي ذو منهجية سليمة نحتاج إلى فكر حزبي حقيقي وليس مجرد أداء شكلي لرسم صورة لدولة ديمقراطية امام العالم الخارجي او مجرد نقل واستيراد نهج خارجي وتطبيقه بروح البلد المصدر له.
إذ لا بد ان تتماشى الأحزاب مع روح وعقلية وفكر الشعوب واحتياجاتهم .
على الدوله ان تراعي عده نقاط للوصول إلى أحزاب مؤثرة وتجربة ناجحة من البداية بعيدا عن أسلوب التجربة واحتمالية الخطأ والصواب ومن ثم تعديل السلبيات ،
البدايات القوية هي الانجح وهي التي تضمن الاستمرار ، وترتكز على أساس قوي متين اهمها المساواة وتحفيز المواطنين من أجل المشاركة السياسية من خلال الانتخاب والترشيح او الانتماء الحزبي، والعضوية في النقابات والجمعيات ، وهذه المشاركة لن تتحقق الا اذا تغيرت الصورة النمطية المحبطة لدى المواطنين عن العمل الحزبي والمشاركة السياسية.
وبما أن الأحزاب السياسية ليست بشركات ربحية اذا يجب توفير مصادر التمويل سواء داخلي او خارجي والرقابه عليه ودعم الدولة لهم .
وعلى الأحزاب ان تساهم من خلال برامج واضحة في نهضة الدولة ويكون لهم مواقف وطنية ومسؤولية اجتماعية تساعد الدولة في توعية الشعوب من خلال محاضرات وندوات وخلق كوادر مدربة وفعالة.
وان يراعى عدم تقديم المصلحة الجزئية للحزب التي تحقق معتقداته على المصلحة الكلية للدولة بل يجب ان يكون هناك تناغم والهدف هو تحقيق المصلحة العامة لا المصالح الشخصية التي تنشر النزعات الساسية وتقسيم البلاد الى طوائف وفرق تتضارب أهدافها ولاتستطيع الاتفاق على المسائل السياسية الهامه للدولة ، وذلك لان من الطبيعي في اي بلد هناك فئات مختلفة من حيث الدين والجنس والفكر السياسي والاجتماعي وعلى الأحزاب المساهمة بتعزيز روح الترابط وتقبل هذا الاختلاف وليس بث الفرقة والنزاع.
وقد تستغل ايضا الأحزاب الفائزة في الانتخابات وتقوم بتعيين انصارهم وتوزيع المناصب لصالحهم ، أو ان تتأثر القرارات التي يتخذها السياسين نواب او وزراء بفكر الأحزاب وهذا امر طبيعي ولكن ينتج عنه عدم استقرار في القرارات والسياسات، والتقلب المستمر في كل تغير وزاري حسب الحزب المسيطر .
وهنا يأتي دور الدولة بالرقابة والتدخل الايجابي لحماية المجتمع ، وتحقيق التعددية الحزبية .
التي نأمل أن تقود البلاد الى تنمية سياسية واقتصادية تسعى الى حماية الاقتصاد والتعاون لضمان حرية العيش بمستوى مقبول وحماية المواطن من الانظمة الاقتصادية و الغير عادلة التي لاتتوازن فيها القوى الاقتصادية مابين الاقوى والعملاقة وبين الفئات الأضعف و تؤدي بالتالي إلى الاحتكار التام اوالسيطرة من قلة على الاسواق والمنتجات الهامة ، فالاقتصاد هو المحرك الأساسي لعجلة السياسة ، اقتصاد قوي يعني إمكانية خلق حياة سياسة ناجحة ، فالمواطن يجب ان تشبع احتياجاته وينعم بعيش كريم حتى يستطيع ان يندمج بالعمل الحزبي، فكلاهما يؤثر على الآخر .
اقتصاد قوي يحتاج سياسين وصناع قرار على قدر من المسؤولية والخبرة والانتماء ، ولنشر الوعي السياسي والنهج الديمقراطي الحقيقي وليس الشكلي فقط يجب ان نتمتع باقتصاد قوي .
نتمنى أن تتحول الخطط والدراسات والشعارات وما تتضمنه من فكر ايجابي الي واقع ملموس نستشعره وينعكس على حياتنا اليومية وليس مجرد مسرحيه يقوم ابطالها بتمثيل ادوارهم بشكل متقن فتصفق لهم الجماهير وما ان تسدل الستاره
حتى ينفض الجمع ويدرك الجمهور انهم امام مجرد تمثيلية جميلة معبرة ،لكنها ليست حقيقة
«نريد أحزابا قائمة على برامج، لا أشخاصا» هذا ماقاله جلالة الملك عبدالله الثاني وأكد على أهمية تشكيل أحزاب وطنية تستند إلى برامج سياسية واقتصادية واجتماعية، بحيث يكون للشباب صوت قوي فيها.
نتمنى من كل سياسي تحقيق ذلك الهدف ونرى الاردن في المرحلة المقبلة أقوى على كافة الاصعدة .
لايوجد شيء مستحيل اذا بني على اساس صلب