تقرير: تلاشي مليارات الدولارات من التحويلات المالية بسبب كورونا

النشرة الدولية –

في الوقت الذي يعاني فيه مئات الملايين من الناس حول العالم فقدان الوظائف وإغلاق الأعمال وحالات الإغلاق، لم يعد الكثيرون قادرين على مساعدة الأقارب الأكثر فقراً في الدول النامية الذين يمكن أن تتوقف حياتهم على هذه المدفوعات.

يقول الاقتصاديون، إن مليارات الدولارات من التحويلات المالية من الدول الأكثر ثراءً إلى الدول الأكثر فقراً قد تتلاشى، مما يهدد رفاهية ملايين العائلات على مستوى العالم وصحة بلدانهم في الأشهر المقبلة. وبحسب البنك الدولي فإن فقدان التحويلات المالية بمثابة خسارة شريان حياة حيوي للتمويل للعديد من الأسر الفقيرة وله تأثير مباشر في نتائج التغذية والصحة والتعليم، مما سيؤثر بدوره في تكوين رأس المال البشري”.

يعتمد العديد من الأميركيين اللاتينيين والأفارقة على التحويلات المالية من الأقارب في الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، تجذب دول الشرق الأوسط الأخرى، وتحديداً الخليجية ملايين العمال الآسيويين المهاجرين الذين يرسلون إلى الوطن حصصاً كبيرة من أرباحهم. بعد بيانات الولايات المتحدة، أصبحت الإمارات والسعودية أكبر مصادر التحويلات في العالم، حيث تتدفق معظم الأموال إلى الدول الآسيوية بقيادة الهند والصين والفلبين، وفقاً لبيانات البنك الدولي.

وستؤدي شبكة الأمان القوية للبرامج الاجتماعية والتأمين ضد البطالة والمدفوعات المباشرة في البلدان الميسورة الحال إلى إحداث فرق كبير في عمق الانكماش الحالي وسرعة الانتعاش الاقتصادي. وبالنسبة للبلدان والمناطق الفقيرة تعد التحويلات أهم عامل لنفقات الحياة والاستثمارات غير المتوقعة في مستقبل أفضل. في حين أن التحويلات المالية العالمية بلغت ذروتها عند 706 مليارات دولار في عام 2019، فإن شبكة الأمان هذه تعاني الآن فقدان الوظائف في قطاعات الخدمات الأكثر اعتماداً على العمال المهاجرين وعمليات الإغلاق التي لا تعترف بوكلاء التحويلات كخدمات أساسية بحسب البنك الدولي.

الإمارات مصدر مُهم للتحويلات المالية

قال أسامة آل رحمة، نائب رئيس مجلس إدارة “مجموعة مؤسسات الصيرفة والتحويل المالي” في الإمارات، التي تضم نحو 70 مؤسسة، إن التداول النقدي للعملات تراجع بشكل حاد مع توقف حركة السفر والسياحة في البلاد، بنحو 90 في المئة، بسبب إغلاق المطارات وتوقف تدفق السياح للبلاد مع انتشار كورونا بالعالم.

وأشار إلى تراجع التحويلات المالية للمغتربين بشكل هامشي بسبب تراجع قدرة مكاتب التحويلات المالية، على مناولة العملاء في ظل الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي الحاصل كإجراء إحترازي في مواجهة انتشار الفيروس، وفي ظل إغلاق مقار التحويل المالي بسبب ظروف التعقيم وغيرها، إلى جانب تقلص ساعات العمل بشكل كبير في هذه المكاتب.

وذكر، أن مؤسسات الصيرفة والتحويل المالي كانت من ضمن الأنشطة التي تم استثناؤها من قرار إغلاق المنشآت التجارية في دبي، خاصة أنها تتولى تحويل أجور العمال والتحويلات المالية للمغتربين. كما تواصل أيضا تقديم الخدمات إلكترونياً أيضاً، ولكنها لا تخدم كل القطاعات، حيث إن هناك شريحة لا تستطيع أن تقوم بالتحويلات المالية أونلاين، لأنها لا تمتلك حسابات بنكية ممثلة في شريحة العمالة، وبالتالي لا تمتلك قدرة على الدفع بدون النقد.

وأشار إلى أن تحويلات المغتربين في الإمارات العام الماضي بلغت 42 مليار دولار، تصدّرتها العمالة الهندية والباكستانية والفلبينية. في وقت تعمل الحكومة الإماراتية جاهدة لخلق خيارات إلكترونية وغيرها عبر أصحاب الأعمال مباشرة، وهو ما أعلنه المصرف المركزي في الفترة الأخيرة.

الدولار لا يزال متصدراً في الطلب

وأوضح آل رحمة، أن الدولار الأميركي لا يزال العملة الأكثر طلباً، وبالتالي يعد التداول النقدي على المستوى العالمي وسيلة تخزين وحفظ. هو بمثابة احتياطي للأفراد بالعالم. إذ يمثل متوسط ​​حجم يومي يبلغ 2.2 تريليون دولار بحسب مؤسسة (IG) للتداول النقدي. وهو أيضاً “العملة الاحتياطية” الرئيسة في العالم، التي تحتفظ بها البنوك المركزية والتجارية لأغراض المعاملات الدولية والاستثمار، ويقدر أنها تشكل ما يقرب من 63 في المئة من احتياطيات العملات من حيث الحجم، إلى جانب أن تسعير العديد من السلع يتم بالدولار، بما في ذلك النفط والذهب والنفط والنحاس.

تداعيات كورونا على سوق الفوركس

وتعد سوق الفوركس أكبر سوق في العالم لتحويل وبيع وشراء العملات، وتتعامل فيه البنوك والمؤسسات والأفراد، ويمثل فوركس متوسط تداول بقيمة 5.1 تريليون دولار يومياً.، في وقت تتعرض الاقتصادات المتعددة حول العالم لضربات وعوائد مخاطرة مع اشتداد انهيار السوق على خلفية المعدل المثير للقلق لانتشار كورونا، كما تعرضت الأسواق لضربة قاسية لتصفية كل شيء تقريباً من أجل الاحتفاظ بالنقد، مما يؤدي حتماً إلى ارتفاع قيمة الدولار الأميركي.

وبحسب (بلاتينيوم)، من شأن الاقتصاد المتباطئ أن يضعف عملات الدول، ومع ذلك فإن معظم الاقتصادات الكبرى ستتأثر بتداعيات الوباء، مما سيؤثر على سوق الفوركس وعلى عملات معينة، وقد يشهد البعض الآخر زيادة طفيفة في التقلبات. وقد تحتاج استراتيجيات التداول إلى إعادة التفكير لتأخذ في الاعتبار التأثير السلبي على اقتصاد العملة. كما قد تؤثر إحصاءات العدوى بالفيروس على كيفية تداول الفوركس.

تحويلات المغتربين تدعم اقتصادات بلدانهم

فقدان تحويلات المغتربين الأجانب، هذا المصدر الحيوي للعملة الأجنبية يمكن أن يصدم بلداً لا يجذب الكثير من الاستثمار الأجنبي المباشر، ويعتمد العديد من اقتصادات العالم على التحويلات المالية التي يرسلها مواطنوها لعائلاتهم، فعلى سبيل المثال ترسل الفلبين، مليوني عامل في جميع أنحاء العالم كل عام، وفي 2019، تم تدفق 33.5 مليار دولار من التحويلات، وهو رقم قياسي يمثل عُشر الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وفي 2018 بلغت قيمة التحويلات إلى أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي 85 مليار دولار، بحسب البنك الدولي. وشكّلت التحويلات في السلفادور وهندوراس حوالي 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي غواتيمالا كانت النسبة 12 في المئة.

رجل الأعمال باراس شهدادبوري، أحد قادة الأعمال الهنود في الإمارات والرئيس السابق للمجلس الهندي للأعمال والمهنيين في دبي، وهو مجلس تابع لغرفة تجارة وصناعة دبي، قال إن الاقتصاد الهندي يستفيد بشكل كبير من التحويلات المالية للمغتربين الهنود بالإمارات، التي بلغت نحو 19 مليار دولار في 2019.

وبحسب إحصاءات البنك الدولي لعام 2018، تصدرت الهند القائمة كأكبر متلقٍ للتحويلات في العالم حيث أرسل المغتربون 80 مليار دولار إلى الوطن، فيما جاءت الصين في المرتبة الثانية بـ67 مليار دولار ، والمكسيك والفلبين بـ34 مليار دولار لكل منهما، ومصر بـ26 مليار دولار.

وقال ديليب راتا، كبير الاقتصاديين في مجال الهجرة والتحويلات في البنك الدولي، لصحيفة “واشنطن بوست”، إن البلدان المصدرة للتحويلات هي الأخرى تأثرت، ربما أكثر من البلدان المتلقية، متوقعاً أن تنخفض التحويلات بشكل حاد خلال وبعد تفشي فيروس كورونا.

ورصد البنك الدولي أن التحويلات المالية ساعدت في التخفيف من حدة الفقر بالدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وتعزيز التغذية، والمساهمة في تعليم أفضل للأطفال، وساعدت على الحد من عمل الأطفال. كل هذه المكاسب يمكن أن تتضرر الآن.

الأكثر اعتماداً على التحويلات هم الأكثر تعرضاً لآثار الوباء

وفقاً لبيانات البنك الدولي، استقبلت الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية أكثر من نصف تريليون دولار من التحويلات في عام 2019. بالنسبة لـ66 دولة ، شكلت التحويلات أكثر من 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وغالباً ما تجاوز الاستثمار الأجنبي المباشر والمساعدة الإنمائية الرسمية. وشكلت أكثر من 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لبعض البلدان، بما في ذلك هايتي وهندوراس ونيبال.

بعض أكبر البلدان المرسلة للتحويلات، الولايات المتحدة وسويسرا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، مغلقة بسبب تفشي الوباء، وقد تضررت وظائف قطاع الخدمات بشدة منذ بداية الأزمة الصحية. فَقد المهاجرون العاملون في الفنادق والمطاعم والصالونات وظائفهم دون دعم حكومي محتمل. والأسوأ من ذلك، أنهم لا يستطيعون حتى العودة إلى بلدانهم الأصلية بسبب قيود السفر. وأشار البنك إلى أن هذه الشريحة تحتاج إلى دعم مستهدف.

تسعير حاد يصبح أكثر حدة

بحسب البنك الدولي لا تجعل الخدمات المالية الرقمية الإرسال والتسلم أسهل فحسب، بل يمكنها أيضاً تقليل الرسوم في المدفوعات من خلال النطاق المعتمد على التكنولوجيا. اعتباراً من نهاية عام 2019، كان متوسط ​​التكلفة العالمية لتحويل 200 دولار 6.82 في المئة أو 13.64 دولار.

وتعهدت الدول الرئيسة المرسلة للتحويلات بخفض هذه التكلفة في العقد الماضي أو نحو ذلك إلى 6 دولارات في المتوسط ​​بحلول عام 2030. ويتتبع البنك الدولي بشكل دوري أسعار التحويلات لـ367 ممراً رئيساً من خلال قاعدة بيانات أسعار التحويلات العالمية.

كونها معاملة عبر الحدود، عادةً ما تكون التحويلات بالعملات الأجنبية، إلا إذا كان المتلقي يمكن أن يستقبل بعملة البلد المرسل نفسها. بشكل عام، يحتفظ مقدمو خدمة التحويلات بعملات متعددة في وقت معين، ويحددون سعر تحويل العملات الأجنبية لـلتحويلات على أساس المعدل السائد. في أوقات الشكوك المتزايدة، كما هو الحال الآن حيث تجعل التقلبات في أسواق الصرف الأجنبي من الصعب على مقدمي خدمة التحويلات تحديد أسعار صرف العملات الأجنبية بثقة، مما يؤدي إلى ارتفاع الرسوم المتعلقة بالعملات الأجنبية. هذا إلى جانب أن ارتفاع تكاليف التشغيل الناتجة عن الاضطرابات التشغيلية، يمكن أن يضع ضغطاً تصاعدياً على أسعار التحويلات على المدى القصير.

نقلاً عن اندبندنت عربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button