صحيفة: ما الأجندة الخفية لحرب “حزب الله” اللبناني على “كورونا”؟
النشرة الدولية –
أثارت الحرب التي أعلنها حزب الله اللبناني على فيروس كورونا تساؤلات عدة حول أسبابه الحقيقية، خاصة بعد اتهامه من قبل شريحة لبنانية واسعة بأنه المسؤول عن نقل الفيروس من الخارج، وأن حملته الراهنة ضد الفيروس تخفي أجندة سياسية أخرى.
صحيفة “الإندبندنت” البريطانية قالت في تقرير بعنوان “حزب الله يشن حربه الجديدة، هذه المرة ضد فيروس كورونا”، إن المنظمة الممولة من إيران تزعم حشد جميع قواها من أجل مواجهة الوباء القاتل.
وأشارت إلى أن “الدولة التي يتجاوز عدد سكانها 6 ملايين نسمة، أعلنت تسجيل 677 حالة إصابة و22 وفاة نتيجة الفيروس، وفرضت واحدة من أشد عمليات الإغلاق في المنطقة، إذ أقفلت جميع حدودها البرية والبحرية والجوية، ولكن على العكس من مناطق عديدة في العالم، فإن لبنان لا يملك قدرات واسعة لإجراء اختبارات الفيروس، وبالتالي فإن الأعداد الحقيقية للإصابات ليست معروفة”.
وأضافت الإندبندنت “يعتقد البعض أن هناك تكتلات كبيرة من الحالات المصابة متركزة في مناطق تخضع لسيطرة حزب الله، وكان السبب فيها عمليات العبور الجماعية للحدود لأعضاء حزب الله والجماعات المتحالفة معه، والذين جاءوا من سوريا والعراق وإيران، مركز الوباء في الشرق الأوسط، لكن حزب الله يدحض بشدة تلك التقارير”.
ونوهت بأن مصادر على الأرض ودبلوماسيين أجانب قالوا إن هناك ما يتراوح بين 4 – 6 آلاف حالة إصابة في الأحياء التي تقع تحت سيطرة حزب الله في لبنان.
ولفتت “الإندبندنت” إلى انطلاق هاشتاغات منذ أسابيع على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، وانتشرت على نطاق واسع في لبنان، ألقت باللوم على أنصار حزب الله في بدء انتشار فيروس كورونا، نتيجة علاقاتهم بإيران.
وأوضحت الصحيفة البريطانية “اشتعل الغضب في لبنان بعد الأنباء التي ترددت حول أن الإصابة الأولى في الدولة تعود لمريض سافر إلى مدينة قم الإيرانية، الوجهة المعروفة للحجاج الشيعة اللبنانيين، والتي تعتبر مركز الوباء في إيران، واتهم مواطنون غاضبون حزب الله بالعمل على إخفاء حقيقة معدلات الإصابة، ونشروا صورا على (تويتر) يسخرون فيها من قادة حزب الله الذين رحبوا بقدوم الفيروس إلى لبنان عبر الطائرات”.
وذكرت الصحيفة أنه مع حلول نيسان/أبريل الجاري، وفي تحول كامل، فإن حزب الله تصدر المشهد بعد أن كرس قواه البشرية الهائلة وموارده الكبيرة من أجل محاربة الفيروس، وقال إنه حشد 25 ألفا من عناصره، وأطلق أساطيل من سيارات الإسعاف المجهزة بأجهزة التنفس الصناعي، 70 منها في المنطقة الجنوبية فقط، وأنشأ مركزي اختبار، وأمر بإنشاء أكثر من 12 مركزًا طبيا لمحاربة فيروس كورونا، إضافة إلى نشر آلاف المتطوعين لتوزيع طرود غذائية على السكان الذين يعانون من نقص الإمدادات.
وبينت “الإندبندنت” أن “حزب الله يدير حاليا 3 خطوط ساخنة للرد على أسئلة الحاملين لأعراض كورونا، إضافة إلى خط ساخن آخر للدعم المعنوي، وأنشأ الحزب ما أطلق عليه شبكة عنكبوتية من اللجان الاجتماعية، لمراقبة انتشار الفيروس، وتقديم يد العون للأسر المحتاجة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة”.
وأضافت “لم يهدر حزب الله فرصة الترويج لتلك الجهود في محاربة فيروس كورونا، فقد استحضر أمينه العام حسن نصر الله، خطاب الحرب، وقال إن الجماعة لن تترك أرض المعركة ضد الفيروس، إلى جانب دعم جهود مكافحة المرض، الذي يهدد بالانتشار بين أنصاره وفي جميع أنحاء لبنان”.
ورأت الصحيفة أن الأنشطة التي قام بها حزب الله في محاربة كورونا نجحت بحشد الدعم لصالح الجماعة، التي تعثرت في وقت سابق نتيجة انتقادات اللبنانيين في ظل طول أمد الحرب في سوريا، وأخيرا الاحتجاجات التي شهدتها الدولة في ثورة أكتوبر الماضي.
وأردفت “على غير المعتاد، فإن الإجراءات التي اتخذها حزب الله كانت مستقلة بشكل كامل عن وزارة الصحة والحكومة اللبنانية، التي خصصت مستشفى رفيق الحريري، أكبر مركز طبي حكومي في الدولة، كي يكون مركزا لمحاربة أزمة فيروس كورونا، رغم أن وزير الصحة اللبناني الجديد، حمد حسن، كان مدعوما من حزب الله، إضافة إلى العلاقات الوثيقة للجماعة مع باقي الحكومة الجديدة التي تولت مهام مناصبها في يناير الماضي”.
وقالت الصحيفة إن ممثلين لحزب الله أبلغوها أن جهودهم الشخصية ليست بديلا عن الدولة، لكن الهدف منها تخفيف الضغط على الحكومة اللبنانية.
الى ذلك اعتبر محللون، وفقا للصحيفة، أن هذه خطوة متعمدة لقلب الطاولة من اتهام حزب الله بأنه سبب المرض إلى كونه العلاج، في ظل تراجع شعبيته، مستندا إلى امتلاكه حصة كبيرة في القطاعين الحكومي والخاص، اللذين يعانيان من التخبط في ظل الأزمة المالية غير المسبوقة.
وأوردت “الإندبندنت” ما قالته خبيرة السياسات الشيعية في معهد واشنطن، حنين غدار “أعتقد أن حزب الله كان في حاجة ماسة إلى خطة، ليس بالضرورة خطة صحية، ولكن خطة طوارئ مدروسة، يريدون قلب المعطيات من كون حزب الله المسؤول عن انتشار فيروس كورونا إلى كونه الحزب الوحيد في لبنان الذي يملك الموارد التي تمكنه من محاربة الفيروس، هناك العديد من التقارير التي تشير إلى أن حزب الله يخفي الكثير من الوقائع عن الأعداد الحقيقية للمصابين بالفيروس”.
وذكرت الصحيفة أن مسؤولي حزب الله نفوا تلك التقارير، وأشاروا إلى جهودهم في محاربة الفيروس، لكنهم اعترفوا -أيضا- بأنهم تضرروا نتيجة تلك المزاعم.
وأفادت الإندبندنت بأن “هناك فصائل سياسية أخرى داخل لبنان تعمل على الترويج لجهودها في مكافحة الفيروس، والتأكيد على دورها في ظل معاناة مرافق الدولة مع مواجهة كورونا، مثل الحزب التقدمي الاشتراكي والحركة الوطنية الحرة عبر إرسال حافلات التعقيم إلى مناطق نفوذها، حيث تحمل تلك الحافلات أعلامَ وشعارات الحزبين، إضافة إلى إذاعة النشيد السياسي للحزبين عبر مكبرات الصوت.
وختمت الصحيفة “مع ذلك، فإن محمد حاج علي، من مركز كارنيغي الشرق الأوسط، الذي يتخذ من بيروت مقرا له، يقول إن حزب الله في الصدارة”.