كيف تتحقّق من الأخبار الواردة من مواقع التواصل الاجتماعيّ؟

النشرة الدولية –

في كثير من الأحيان يتداول ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر” وتطبيق التراسل “واتساب”، أخباراً ومعلوماتٍ، دون التحقّق من صحّتها، حتى أصبحت هذه المواقع مصدراً مهماً للأخبار، تعتمد عليه الكثير من وسائل الإعلام.

ويكفي أن ينشر شخصٌ واحدٌ خبراً على واحدة من تلك المنصّات، حتى يتناقله الكثيرون على أنَّه خبرٌ أكيد وموثوق، لتبدأ الشائعة بالانتشار كالنّار في الهشيم، دون البحث عن مصدرها في معظم الأحيان.

وفي وقتنا الحالي فقد استطاعت مواقع التواصل الاجتماعيّ إتاحة الكثير من المعلومات والأخبار، مجهولة المصدر، وبخاصّة في ما يتعلّق بجائحة “كورونا” الحاليّة، إذ أغرقوا مواقع التواصل الاجتماعي بالمعلومات الطبية، والإجراءات الدوليّة، والقرارات الحكوميّة الدقيقة وغير الدقيقة، ما يوقع جمهور المتلقّين ضحيّة التضليل والتَّشويش، ويعرّضهم للهلع والخوف، في ظلّ ظروفٍ استثنائيَّةٍ يمرُّ بها العالم بما فيه الأردن.

ويُحذّر مختصُّون في هذا المجال من خطورة الاعتماد “الأعمى” على أخبار هذه المواقع، مُشدّدين  على ضرورة التدقيق الشديد على تلك الأخبار قبل بثّها حتى لا تفقد المؤسسة مصداقيّتها.

وتذكر شبكة الصحفيّين الدوليّين (ijnet)، أنَّ المراسلين والمحررين لم يعودوا بحاجة إلى التواجد في غرف الأخبار، ومتابعة ما يتم بثّه من وكالات الأنباء أو في مواقع الحدث، إذ أضافت مواقع التواصل الاجتماعيّ بعدًا جديدًا لجهد جمع الأخبار والمعلومات، إلا أنَّ ذلك يحتاج لخطوات ضروريّة لا بد من استخدامها من قبل الصحفيّين للتحقُّق من كل ما ينشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ويذكّر ميثاق الشرف الصحفي في المادة الثّامنة من موادّه، بآليّة التعامل مع المعلومات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تُلزم الصحفيّين بعدم نشر المعلومات التي حصلوا عليها باعتبارها غير قابلة للنشـر (Off Record)، لكنَّهم “يستطيعون توظيفها بشكل غير مباشر من خلال الاستقصاء والتحرّي عن جدّيتها وصدقها أو عن طريق نشر مضامينها دون الإشارة إلى المصدر الذي أدلى بها”.

ومن جانبه يؤكّد مختصّون على خطوات أساسيّة للتحقق الأوّليّ من المعلومات، والصور والوثائق، والأخبار المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، أو التي تصلهم مجهولة المصدر، من أبرزها:

أوّلاً: التحقّق من مصدر المادّة الخبريّة، والتأكد إذا كان المصدر مألوفًا لعدد من الصحفيين المهنيين ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي.

ثانياً: التحقّق من الموقع الجغرافي المذكور في الخبر، أو إذا كان مرفقاً مع مادّة بصريّة بما يتضمَّن تاريخ ووقت التحميل، واسم المستخدم، وعنوان الفيديو، ومكان التصوير.

ولتحديد الموقع الجغرافي هناك الكثير من التطبيقات والأدوات التي تساعد الصحفيّين على ذلك، منها خدمة Google Earth التي تُمكِّن من عرض الأماكن الحقيقية اعتمادًا على صور الأقمار الصناعية، والتصوير الجوي، ونظم المعلومات الجغرافية ثلاثية الأبعاد الخاصة بالكرة الأرضية.

خدمة Google Earth Pro هي النُسخة المُتقدمة من Google Earth، بمميزات أكثر تطوُّرًا وتعقيدًا في البحث عن المواقع، وجودة الصور (HD)، وعرض صورة الشوارع كأنَّك تسير فيها (Street View وGround-level view)، وغيرها. تكلفة الخدمة كانت 400 دولار شهريًا قبل أن تجعلها جوجل مجانيةً تمامًا في عام 2015.

ثالثاً: التحقق من تاريخ نشر المادّة الخبريّة، بالرجوع إلى تاريخ النشر والبحث المتقدم عبر Google، ومقارنتها مع تواريخ التقارير المتعلقة بالحادثة ذاتها من وكالات الأنباء الرسميّة في كل دولة.

وذكر “أكيد” في تقريرٍ سابق 5 أدوات للتحقّق من صحّة الصّور ومقاطع الفيديو، وبخاصّة مع شيوع تداول صور وفيديوهات مفبركة أو قديمة خلال فترات الأزمات، ومنها انتشار فيروس “كورونا”.

ويؤكد دليل أصدره (مركز الجزيرة للتدريب والتطوير الإعلامي)، أهمية إخضاع المواد لآليّة التثبت والتحقّق من صحتها (News Validation & Verification) باستخدام المهارات التحريرية والأدوات التقنية معًا قبل إعادة نشرها أو استخدامها في القصص الإخبارية، ومن دون ذلك لا يمكن مواجهة سيل الأخبار المتدفق والتي يصطلح عليها باللغة الإنجليزية (User Generated Content) وتختصر (UGC)، ويمكن أن نطلق عليها باللغة العربية: المحتوى الذي يُنتجه المستخدم.

ويُذكّر “أكيد” بضرورة التحقق من مصداقية المادّة الصحافية، قبل التسرُّع في نشر الأخبار من مبدأ تحقيق السبق الصحفيّ على حساب حق الجمهور في تلقّي المادة الموثوقة، ومن أبرز المعايير التي يجب أن تحقّقها المادة؛ الدقة، والشموليّة،  والتوازن، والوضوح، وملاءمتها وقواعد الفصل الموضوعي التي توصّلت إليها الأدبيّات والممارسات الصحافيّة تاريخياً والقابلة للفحص والتقييم.

وأخيراً، لدينا جميعًا كمستخدمين لتطبيقات التواصل الاجتماعيّ المختلفة، دور حاسم نقوم به لمكافحة التضليل، وعليه، فإنَّه قبل مشاركة شيء ما، علينا أن نفكّر جيّدًا في مصدره، والتحقّق ثانية من مصادر أخرى مستقلّة، والتنسيق مع إدارة التحرير حول اعتماد المادّة قبل نشرها.

المصادر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى