انسحاب مفاجئ لبعثة الأمم المتحدة من الحديدة يفتح الباب أمام التصعيد
النشرة الدولية –
أكدت مصادر سياسية يمنية لـ”العرب” أنّ الأمم المتحدة لم تطلع الحكومة اليمنية أو الحوثيين مسبقا على نيتها تخفيض عدد فريق المراقبين التابعين لها في الحديدة (غرب اليمن)، وأنّ البعثة التي يقودها الجنرال الهندي أبهيجيت جوها وتتّخذ من إحدى السفن الراسية قبالة سواحل الحديدة قد غادر معظم أفرادها بشكل مفاجئ، وهو ما قد يفتح الباب أمام التصعيد في ظل اعتقاد طرفي الصراع أنّ اتفاق السويد قد بات من الماضي.
وأشارت المصادر إلى أنّ الأمم المتحدة لم تصدر حتى الآن أيّ بيان رسمي حول طبيعة هذا الإجراء واكتفت بتسريب أخبار عن ارتباط هذا الموقف باحترازات متعلقة بانتشار كورونا، وهو ما قد يعني اكتشاف حالات مصابة بالفايروس بالفعل بين صفوف أعضاء فريق المراقبين الذي تنتهي ولايته بموجب قرار مجلس الأمن الدولي منتصف يوليو المقبل.
وكشف الناطق الرسمي باسم القوّات المشتركة في الساحل الغربي وضّاح الدبيش في تصريحات صحافية سابقة عن مغادرة معظم أعضاء البعثة الأممية خلال الأيام الماضية، مشيرا إلى بقاء ثمانية أعضاء فقط من الفريق من بينهم رئيسه.
واعتبر مراقبون أن تغيير الأمم المتحدة لآلية عمل فريق مراقبيها في الحديدة قد يكون في شقه السياسي تعبيرا عن حالة الإحباط الأممية من فشل هذا الفريق في تثبيت وقف إطلاق النار، والدفع باتجاه تنفيذ اتفاق السويد.
وشهدت محافظة الحديدة تدهورا مستمرا لوقف إطلاق النار وتصاعدا في وتيرة المواجهات والخروقات والتي بلغت ذروتها بعد إعلان الحكومة اليمنية مقتل العقيد محمد الصليحي ضابط الارتباط الحكومي في نقطة المراقبة الخامسة شرق الحديدة جراء مضاعفات إصابته بطلق ناريّ من قبل قناص حوثي في مارس الماضي أثناء أداء عمله.
وتواترت المواقف الحكومية اليمنية المعبّرة عن فشل “اتفاق ستوكهولم” جراء هذا التصعيد الحوثي، حيث وصف رئيس فريق الحكومة اليمنية في لجنة إعادة الانتشار اللواء محمد عيضة الاتفاق الموقع مع الحوثيين بالوهم، معلنا وفاته.
وقال وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي إن “اتفاق ستوكهولم”، الذي وقع قبل أكثر من عام بشأن مدينة الحديدة، أصبح غير قابل للتنفيذ.
وأكد الحضرمي في تعليق على مقتل ضابط ارتباط الحكومة اليمنية، في تغريدة على تويتر، إن “وفاة الصليحي، بهذه الطريقة الغادرة وهو يؤدي واجبه الوطني، في إطار عمل بعثة الأمم المتحدة في الحديدة، إثبات بأن ميليشيات الحوثي لا عهد لها، وأن اتفاق الحديدة أصبح غير قابل للتنفيذ”.
وطالب وزير الخارجية اليمني بإيقاف عمل البعثة الأممية في الحديدة “حتى تتمّ محاسبة قتلته المجرمين”، داعيا إلى نقل مقر البعثة إلى مناطق محايدة في المدينة.
وتزامن سحب الأمم المتّحدة لمعظم أفراد فريق مراقبيها من الحديدة مع إعلان التحالف بقيادة السعودية، الجمعة، عن تمديد وقف إطلاق النار – الذي سبق وأعلنه التحالف – من جانب واحد لمدة شهر.
وقال المتحدّث باسم التحالف العقيد تركي المالكي إن قيادة القوات المشتركة للتحالف قرّرت تمديد وقف إطلاق النار لمدة شهر اعتبارا من الخميس الموافق للـ23 من أبريل، بناء على إعلانها السابق بتاريخ الـ8 من أبريل بوقف إطلاق النار لمدة أسبوعين، وبناءً على طلب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث لإتاحة الفرصة لإحراز التقدم في المفاوضات مع الطّرفين حول وقف إطلاق نار دائم.
وتخشى الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث من انهيار الهدنة في الحديدة التي أعلنت بموجب اتفاقات السويد التي كانت تراهن عليها في بناء نموذج لوقف إطلاق نار شامل في مختلف جبهات اليمن.
وتسبّب انشغال الدول الكبرى الراعية للسلام في اليمن بمواجهة جائحة كورونا في تراجع الاهتمام الدولي بمجريات الحرب في اليمن التي تصاعدت بشكل غير مسبوق في جبهات مأرب والجوف ونهم وصرواح والبيضاء والضالع، في مؤشر على انخفاض مستوى الضغوطات الدولية على الأطراف اليمنية.
وتشير التداعيات في محافظة الحديدة غرب اليمن والتصريحات الحكومية والحوثية على حدّ سواء، حول فشل اتفاق ستوكهولم وسحب الأمم المتحدة لمعظم مراقبيها، إلى احتمال تجدّد المواجهات العسكرية بشكل كامل في مختلف جبهات الساحل الغربي، استجابة للمطالب التي تعتبر اجتياح الحوثي لمحافظة الجوف ومنطقة نهم دليلا كافيا على فشل الهدنة.
ويعوّل المبعوث الأممي على تحركات فردية واتصالات مستمرة يجريها مع قيادات الشرعية والحوثيين والتحالف العربي لمنع حدوث هذا السيناريو، غير أن تراجع مستوى الدعم الإقليمي والدولي الذي كان يحصل عليه لتعزيز هذا المسار يعزّز من إمكانية تعثّر مساعيه واحتمال تجدد الحرب بعد انهيار آليات المراقبة التي أشرفت عليها الأمم المتحدة عبر فريق مراقبيها في الحديدة، وتجميد الحكومة اليمنية لمشاركتها في فريق إعادة الانتشار منذ مارس الماضي.