تقرير: هبوط أسعار النفط.. كيف يخدم الديمقراطية والسلام؟
النشرة الدولية –
واحدة من الفوائد الإيجابية القليلة التي تسبب فيها وباء كورونا على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبشر عبر العالم، هي هبوط أسعار النفط إلى مستويات قياسية لأول مرة من 1999.
صحيفة “ذا هيل” الأميركية، تسلط الضوء على الموضوع من زاوية خاصة، متسائلة : كيف يخدم هبوط أسعار النفط الديمقراطية والسلام عبر العالم؟
وترى الصحيفة أنه منذ حرب الخليج في عام 1980 وحتى عام 2000، ظلت أسعار النفط منخفضة إلى أدنى مستوياتها، حيث بقي سعر البرميل الواحد يتدحرج ما بين 18 و20 دولارًا.
وفي هذه الفترة “مر العالم بالموجة الثالثة من الديمقراطية”، كما أطلق عليها صامويل هنتنغتون (مفكر سياسي أميركي ومؤلف كتاب صراع الحضارات)، حيث بدأ هذا التحول الديمقراطي في جنوب أوروبا بشكل مستقل عن أسعار النفط.
وفي نفس الفترة من الهبوط القياسي لأسعار النفط، انهارت في الثمانينيات، الديكتاتوريات العسكرية في أميركا اللاتينية، بسبب أزمات الديون الخارجية نتيجة انخفاض أسعار السلع الأساسية.
وفي الفترة ما بين 1989 و1991، انطلقت الديمقراطية في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي مع سقوط جدار برلين عام 1991.
ولكن كيف ارتبطت أسعار النفط المنخفضة بهذه التحولات الديمقراطية؟
بشكل عام، ترى الصحيفة الأميركية في تحليلها، ان ارتفاع أسعار النفط يخدم بشكل غير مباشر الدول النفطية، مثل روسيا والسعودية والإمارات والكويت وقطر وبروناي وسنغافورة، حيث يحتكر الحكام الواردات المالية للثروة النفطية ويعيدون توزيعها على السكان بطريقة أو بأخرى لتحقيق نوع من الرخاء وشراء سلمهم الاجتماعي، وهو ما يجعل الأمر “خيرا” في نظر المواطنين.
“فريدم هاوس”، منظمة دولية غير حكومية، معنية بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، نشرت تقريرا تفيد فيه ان الفترة الممتدة ما بين 2006 و2017، تراجعت فيها الحريات بشكل ملموس في العديد من الدول النفطية، وعزت ذلك إلى تحسن أسعار النفط، مشيرة إلى انه عندما تكون أسعار النفط مرتفعة، تزدهر اقتصادات الدول لكنها توطد “قوتها الاستبدادية”.
ويرى تحليل الصحيفة، انه لحسن الحظ “لا تبقى أسعار النفط مرتفعة إلى الأبد”، بل تتدحرج بين الارتفاع والهبوط، فبين العامين 1981 -2000، استقرت الأسعار فيما بين 25-35 دولارا للبرميل، لترتفع مرة أخرى بين العامين 2001-2014، لتنهار مرة أخرى عام 2014، ومن المقرر ان يظل مستواها مستقرا في الوقت الحالي إلى فترة أطول، رغم جهود منظمة “أوبك”.
ومن “الدول السلطوية” الأكثر تضررا بهبوط الأسعار والممكن أن تشهد تحولا في بنيتها الديمقراطية، هي كل من فنزويلا وإيران والعراق وروسيا، وتوضح الصحيفة الأميركية إن زعزعة استقرار أسعار النفط في أي من هذه الدول، سيكون على الأرجح مفيدًا للديمقراطية.
وأوضحت إن إضعاف الدول النفطية سيكون مفيدًا أيضًا للسلام، لأنها “أكثر إنفاقا على الأسلحة ونهجا لسياسات خارجية عدوانية”.
وتساءلت: “إذا ظل سعر النفط منخفضًا، فهل ستتمكن روسيا وإيران من تحمل الحروب في سوريا؟ وهل ستواصل السعودية حربها في اليمن؟ وهل ستهتم الأطراف المعنية كثيرًا بالقتال في ليبيا إذا لم يعد نفطها ذو قيمة؟
والجواب بحسب تحليل “ذا هيل” هو “لا”، إذ سيكون لدى جميع هذه الأطراف، مثل السعودية وإيران وروسيا، موارد أقل لمتابعة هذه الحروب الخارجية.
كما سيكون لانخفاض أسعار النفط آثارا مفيدة لدى الغرب، إذ يرتقب أن تتبنى الولايات المتحدة سياسات مناخية أكثر عقلانية، بسبب عدم جني أي أرباح من قطاع النفط، تورد الصحيفة.