ما هي حقيقة نتائج الحفر في البلوك رقم 4؟* عزة الحاج حسن
النشرة الدولية –
يزداد ترقب نتائج الحفر في البلوك رقم 4، مبتدأ وعد النفط والغاز. فإذا لم تُكتشف كميات هائلة من الغاز أو النفط، فستُحدث إحباطاً لدى اللبنانيين، ولن تكون مُرضية على الإطلاق، مقارنة بحجم الآمال الكبيرة التي كانوا يعقدونها على نتائج أولى عمليات الحفر. ولعل المسبّب الأول لإحباطهم اليوم وتلاشي آمالهم، هو مَن لم يُصارحهم بحقيقة التوقعات الفعلية لعمليات الحفر، ومَن أوهمهم منذ شهرين حين دخلت الحفارة Tungsten Explorer المياه اللبنانية، بأن لبنان بات بلداً نفطياً بشكل رسمي و”دخل نادي الدول النفطية”.
زرعُ الأوهام منذ شهرين، وسوء إدارة التوقعات، وعدم مصارحة اللبنانيين بالاحتمالات الحقيقية لاستكشاف كميات تجارية، بأنها ربما لا تتعدى وفق توقعات شركة توتال نسبة 25 في المئة فقط، أحبط آمال اللبنانيين بجدوى عمليات الاستكشاف. لكن الواقع يشير إلى أن الأمر ليس بهذا السوء. فالنتائج الأولية (غير الرسمية) للحفر في البلوك 4 جاءت مقبولة، بمعنى أنه تم التوصل إلى استكشاف كميات محدّدة، لكنها غير تجارية.
فماذا يعني ذلك تقنياً؟ وما هي المرحلة الثانية بعد الانتهاء من الحفر في البئر الاولى؟
بلوك رقم 4 هو البداية وليس النهاية. والنتيجة الواضحة اليوم هي أن الكميات المُستكشفة غير قابلة للتجارة، لا تعني أن مشوار لبنان في استكشاف الغاز والنفط انتهى. فلبنان لا يزال في بداية الطريق، ونتائج الحفر في البلوك 4 سيُبنى عليها، لاستكمال أعمال الحفر في البلوك نفسه أو في باقي البلوكات، تقول مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لوري هايتيان، في حديث إلى “المدن”. فالنتائج الأولية ليست مُحبطة على الإطلاق، لكنها جاءت مُفاجئة للمواطنين، لاسيما أنهم لم يصارَحوا منذ البداية بالنسب الحقيقية للتوقعات، تجنيباً لخيبة الأمل: “لذلك تتعامل الدول مع إدارة التوقعات وشفافية التواصل، بشكل مسؤول وأساسي في عمليات الحفر والبحث عن ثروات نفطية”.
الاحتمالات التي كانت تنتظر عملية الحفر الأولى في البلوك رقم 4، ثلاثة لا غير: فإما أن يكون البئر فارغاً كلياً، وإما تستكشف كميات غير قابلة للتجارة، وإما كميات كبيرة تجارية وقابلة للاستخراج. وفي حالة لبنان اختلفت التسريبات بين الأمس واليوم. فيوم السبت – الأحد جرى الحديث عن بئر فارغة كلياً، أما اليوم فتتحدث التسريبات عن إيجاد كميات غير تجارية. وهذا ما أكدته مصادر متابعة للملف.
وبعد أن تعلن الشركة ووزارة الطاقة رسمياً النتائج المؤكدة لعملية الحفر في البلوك رقم 4، خلال الأيام القليلة المقبلة كما هو متوقّع، وتأكيد استكشاف موارد وإن غير قابلة للتجارة، حينها يصبح بالإمكان أن تُجرى التحاليل على نوعية الموارد، وما إذا كانت غازاً أو نفطاً أو الإثنين معاً.
وهذا الأمر يجعل من التحليلات في باقي البلوكات والبلوك 4 أكثر دقة وتفصيلاً. ذلك لأن الحفر في البئر الأولى ساعد على فهم جيولوجيا المياه اللبنانية. وتوضح هايتيان بأن الأمور ليست سوداوية كما يعتقد البعض: “فهناك مؤشرات إيجابية، وإن كنا لم نستكشف كميات وافرة من الغاز، لكننا قطعنا شوطاً جيداً توصّلنا من خلاله إلى أن في البلوك 4 كميات محدّدة، وإن غير تجارية. ونحن بانتظار تأكيد وتوضيح هذه الأمور رسمياً من الشركة ووزارة الطاقة”.
استكمال الحفر
مع انتهاء الحفر في البئر الأولى، يجب على الشركة أن تعلن ذلك رسمياً، لتبدأ العمل على تحليل النتائح النهائية للحفر والخروج بالنتائج العلمية، خلال المهلة المحدّدة بشهرين. وفيما لو كانت الكميات المُكتشفة وافرة وقابلة للاستخراج، تبدأ المرحلة الثانية بوضع خطة التقويم ومزيد من الدراسات والحفر الإضافي وخطة الإنتاج والتطوير والبنى التحتية والتسويق، تقول هايتيان.
أما في حال تم التأكد من أن الكميات غير تجارية، وفق ما هو مرجّح، فسيتم حينها تحليل النتائج، بعد الإعلان رسمياً عن الكميات والنوعية، واستكمال العمل في حال قررت شركة توتال تمديد فترة الاستكشاف. ويمكنها حفر بئر جديدة في البلوك نفسه رقم 4. أما في حال قررت الشركة التوقف عن الحفر في البلوك 4، فستبدأ بالحفر في البلوك رقم 9 قبل نهاية الفترة الأولى للاستكشاف، أي قبل نهاية شهر أيار 2021. ومن الطبيعي أن تكون نتائج الحفر في البلوك 4 مساعدة للحفر في البلوك 9.
وإذ يترقّب اللبنانيون النتائج النهائية التي سيُعلنها وزير الطاقة ريمون غجر في الأيام القليلة المقبلة، وتكون قد زودته بها شركة توتال بعد انتهائها من حفر نحو 4200 متراً في قاع البحر، يرى مصدر متابع للملف أن تأخر استكشاف الثروة الغازية والنفطية في الوقت الراهن يصب في صالح البلد. فاستكشاف كميات تجارية في ظل الفساد المستشري واستفحال الانقسام السياسي وتورّط الطبقة السياسية في تدمير الاقتصاد الوطني، ينبئ بضياع ما يمكن أن يستكشف من الغاز والنفط في زواريب الفساد السياسي: “لذلك يجب معالجة الأزمة السياسية وتنظيف البلد من الفساد تحضيراً للتعامل مع الغاز أو النفط المرتقب استخراجه”.