النساء هنّ الأكثر تأثرا عاطفيا واجتماعيا في العزل المنزلي بسبب فيروس كورونا
ليلى علي
النساء هنّ الأكثر تأثرا عاطفيا واجتماعيا في العزل المنزلي بسبب فيروس كورونا، لكن لماذا لا يتأثر الرجال بنفس الدرجة؟ هل النساء كائنات اجتماعية في حين أن الرجال يميلون للعزلة؟
ربما تكمن الإجابة في نتائج العديد من الدراسات العلمية التي تؤكد أن النساء يحصلن على احتياجاتهن للدعم والمساندة من الصديقات، بينما يحصل عليها الرجال من زوجاتهم وشريكات الحياة، كما أن النساء يفضلن الحياة الاجتماعية بينما يميل الرجال إلى العزلة.
الرجال لا يقدمون الدعم
تقول الصحفية ميليسا هيلي -في مقال لها نشر على موقع “سييتل تايمز”- إن هناك بعض الأدلة على أن الزوج في أوقات التوتر، يمكن أن يجعل الأمور أسوأ، لذا تلجأ النساء إلى صديقاتهن وليس إلى أزواجهن.
في دراسة نشرتها مجلة الطب النفسي الجسدي عام 1995، وجد الباحثون الألمان أنه عندما تم تكليف الأشخاص بمهمة مرهقة، أظهر الرجال الذين انضمت إليهم زوجاتهم مستويات ضغط أقل بكثير مقارنة بمن لم يكن لديه شخص يدعمه.
بينما العكس كان صحيحا، فالنساء اللاتي انضم إليهن أزواجهن، ارتفعت هرمونات التوتر لديهن.
تعتقد عالمة الأعصاب الاجتماعية في جامعة كاليفورنيا شيلي تيلور، أن هذه النتائج قد تعكس اختلافا كبيرا في الطريقة التي يقدم بها الرجال والنساء الدعم لبعضهم بعضا، وتقول إن دعم الرجال لغيرهم يأخذ شكل المشورة، بينما يأتي دعم النساء في شكل متكرر من التشجيع والقبول والتحقق والفاعلية.
الرجال يفضلون العزلة
وبحثت دراسة أخرى بعنوان “النوع والعزلة الاجتماعية” عام 2012، في العلاقة بين الجنسين والدعم الاجتماعي. وكشفت أن الرجال كانوا أكثر عزلة من النساء، وقد أرجع الباحثون السبب إلى أن الرجال يحصلون بشكل عام على احتياجاتهم العاطفية من دعم زوجاتهم، بينما غالبا ما تحصل النساء على احتياجاتهن العاطفية من مساندة صديقاتهن.
ويتساءل عالم النفس الاجتماعي ناثان هيفليك، في مقال له على موقع “سيكولوجي توداي”: لماذا تكون العزلة أعلى بين الذكور؟
ويقول إن بحثا نشر عام 2018 قاده بيتر هيلم في جامعة أريزونا، هدف إلى الإجابة عن هذا السؤال. وقد أجرى الباحثون مسحا لمعرفة ما إذا كان يمكن تفسير ذلك من خلال الاختلافات بين الجنسين من حيث الشعور بالوحدة، ولكنهم اكتشفوا أن كلا من الجنسين يعاني من شعور الوحدة بنفس الطريقة.
يقول هيفليك إن هذا يتوافق مع مجموعة واسعة من الأبحاث التي تبين أن الذكور مقيدين في نطاق العواطف التي تعتبر مقبولة اجتماعيا، فكونك دافئا ولطيفا وعاطفيا لا يعتبره الذكور أمرا مرغوبا، لذلك يشعر الذكور بالعزلة لأنهم لا يقبلون المعايير الاجتماعية التي تعوق قدرتهم على التواصل مع الآخرين حقا.
صداقات النساء تحير العلماء
ربما تمنع العزلة الحالية في المنزل النساء من التواصل مع صديقاتهن، وربما يؤثر ذلك عليهن أكثر مما يظن الجميع. توضح ذلك ميليسا هيلي قائلة “صداقة النساء تقويهن وتحميهن، لأنها تخفف من صعوبات الحياة وتقلل ضغط الدم وتعزز المناعة والشفاء. وقد يساعد هذا في تفسير السبب في أن النساء -في المتوسط- لديهن معدلات أقل من أمراض القلب، ومتوسط عمرهن أطول من الرجال”.
تقول هيلي إن “النساء يحافظن على أسرار بعضهن بعضا، ويعززن ثقة بعضهن ببعض، من خلال الضحك والدموع ونهر الكلام الذي لا ينضب. وهذا ما أثار التساؤلات لدى علماء الأنثروبولوجيا الذكور”.
تقول تيلور إن “النساء أكثر اجتماعية في الطريقة التي يتعاملن بها مع الإجهاد، في حين أن من المرجّح أن يتعامل الرجال مع الإجهاد برد فعل كالعراك أو الهروب أو العدوان أو الانسحاب”، وتضيف “في حين أن العدوان والانسحاب لهما تأثير نفسي على الرجال، فإن الصداقة تجلب الراحة التي تخفف من الآثار السيئة للتوتر لدى النساء، هذا الاختلاف وحده يساهم في اختلاف طول العمر”.
“الأوكسيتوسين” هرمون الصداقة
يعتقد الباحثون أن هرمون الأوكسيتوسين هو هرمون خاص بالنساء، وهو أكسير الصداقة والصحة الخاص بهن.
ووفقا لدراسة نشرت في مجلة “نيتشر” عام 2005، فإن “هرمون الأوكسيتوسين يتواجد لدى الرجال والنساء، إلا أنه يزيد لدى الإناث بعد الولادة وعند الرضاعة. كما ترتفع مستوياته أيضا في أوقات العزلة والإجهاد. وعندما يتفاعل الأوكسيتوسين مع هرمون الأستروجين، تظهر الدراسات أنه يدفع الإناث إلى التماس رفقة الآخرين”.
تقول تايلور “نسمي هذا الهرمون بالثرموستات، أو المنظم الاجتماعي، إذ يتابع الدعم الاجتماعي لدى الإناث، ولكننا لا نرى نفس الآلية لدى الرجال”.
عندما تكون مستويات الأوكسيتوسين عالية، تخفّ ردود الفعل الناتجة عن الإجهاد. ووفقا لتايلور، فإن ما لا يقل عن 22 دراسة خلصت إلى أن الحصول على الدعم الاجتماعي يقلل من استجابات تسريع ضربات القلب وزيادة ضغط الدم.
نقلا عن مواقع إلكترونية