روسيا تمنح إسرائيل حرية العمل في سوريا مع تشجيع إيران على الخروج

النشرة الدولية –

في وقت تكثف الأجهزة الأمنية أبحاثها حول وضع إيران في سوريا، وتداعيات تهديد وزير الأمن نفتالي بينت، بعد القصف الإسرائيلي الأخير على سوريا، يتصدر ملف طهران في دمشق والقصف الإسرائيلي الأخير، أبحاث زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى إسرائيل الأربعاء المقبل (13-5-2020)، إلى جانب المخاوف الإسرائيلية من تخفيف متوقع للعقوبات الأميركية على إيران.

وكشفت تقارير إسرائيلية، أن ما ورد من حديث عن منح بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر لرئيس الأركان أفيف كوخافي، حول إستمرار القصف على سوريا، يأتي متناسقاً مع ضوء أخضر حصلت عليه تل أبيب من روسيا لعمليات القصف هذه، وذلك ضمن خطة إستراتيجية روسية في سوريا تضمن فيها موسكو تعزيز مكانتها مقابل تراجع إيران عن تموضعها وانتشارها في هذه المنطقة.

وتباعاً لهذا الملف أجرى نتنياهو أمس الجمعة، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبحسب بيان من مكتب نتنياهو فقد تطرق الرئيسان إلى التطورات الأخيرة في المنطقة، وفي سوريا تحديداً، بعد القصف الإسرائيلي عليها.

يتضح من الأبحاث التي تجريها إسرائيل حول وضع إيران في سوريا، أن روسيا تسمح لتل أبيب بالعمل الحر في دمشق كأداة لتشجيع خروج طهران منها.

وفي تقرير تداولته وسائل الإعلام المحلية حول الموضوع، ورد أن أحد الأهداف الروسية الحالية في سوريا، إبعاد إيران عن مشروع إعادة إعمار سوريا من أجل تحويلها إلى نموذج نجاح يمكن أن يعطيها ثماراً سياسية، حتى في ساحات أخرى مثل العراق وليبيا واليمن.

وترى روسيا، بحسب الإسرائيليين، أن وجود إيران وحزب الله في سوريا، يشكل عائقاً أمام استثمارات أجنبية من أوروبا ومن الولايات المتحدة.

ومن أجل تسريع إبعاد إيران عن مراكز القوة وتشجيع إنسحابها من سوريا، سمحت روسيا لإسرائيل بالعمل تقريباً بشكل حر، إن لم يكن بشكل منسق جيداً، ضد أهداف إيرانية، بحسب التقرير الإسرائيلي.

ويستند الإسرائيليون في حديثهم، إلى عدم الرد على الهجمات الست الأخيرة التي نفذتها تل أبيب في سوريا، والصمت الروسي وعدم تفعيل أي من المنظومات الروسية المتطورة المضادة للطائرات.

كما يتطرق التقرير إلى الصمت الروسي على تهديدات وزير الأمن نفتالي بينت، وتصريحه بأن “إسرائيل لن تكتفي، منذ الآن، بصد التمركز الإيراني في سوريا، بل إنها تنوي طردهابشكل كامل”.

هذا من جانب القصف الإسرائيلي، أما بالنسبة إلى الجوانب الأخرى المتعلقة بالهدف الروسي تجاه إيران، ترى إسرائيل أن إبعاد إيران عن التدخل في الاتفاقات التي وقعت مع تركيا، حول وقف إطلاق النار في محافظة إدلب، ليس مجرد صدفة، كما هو عدم إشراك إيران في الأعمال الشرطية التي تقوم بها الشرطة العسكرية الروسية في مناطق كثيرة في سوريا.

وورد في تقرير محلي أن موسكو، ومن أجل زيادة الضغط على الرئيس بشار الأسد للدفع قدماً بالخطة السياسية، بدأت مطالبته بأن يدفع مقابل جزء من التكلفة التي تتحملها كجزء من المساعدة العسكرية.

وتطرق التقرير الإسرائيلي، الذي نشرته صحيفة “هآرتس” إلى بعض ما تناولته وسائل الإعلام الروسية من مقالات ضد الرئيس الأسد، بما في ذلك وصفه كعاجز عن إدارة دولته، وكأنه يدير نظاماً فاسداً، وأنه من الأفضل لروسيا التخلص منه.

ومما كتبه ألكسندر شوميلم، “يجب على الكرملين التخلص من وجع الرأس السوري. المشكلة هي مع شخص واحد هو الأسد”. وتطرق التقرير إلى مقال آخر نشرته وكالة الأنباء الروسية “تاس” وجاء فيه، أن “روسيا تخاف من أن الأسد ليس فقط غير قادر على قيادة الدولة، بل من خطر أن يجرها إلى سيناريو أفغانستان”.

وخلص التقرير الإسرائيلي إلى أن “هذه المنشورات طرحت بصورة طبيعية التقدير بأن روسيا بدأت تتنصل من الأسد وبناء قيادة جديدة تستند إلى حكومة خبراء تشارك فيها كل التيارات والفصائل من كل الطوائف، بحيث تطبق الدستور الذي تقترحه روسيا. حكومة كهذه تستطيع، بحسب رأي روسيا، أن تحظى بالشرعية الدولية التي يمكن أن تشكل المحرك لتمويل هبات وتبرعات لإعادة إعمار سوريا تحت رعاية موسكو. روسيا تعرف، ربما أكثر من أية جهة أخرى في سوريا، كم هو صعب بناء تحالف متفق عليه مع الميليشيات والحركات والفصائل المستعدة لقلع الواحدة عين الأخرى. ما زال يجب عليها حل مشكلة إدلب لضمان سيطرة النظام على جميع أراضي الدولة، وعليها أن تقوم بعمل سحري يتمخض عنها زعيم قوي ومتفق عليه بدلاً من الأسد”.

وانتهى التقرير بالقول، “ربما يستهدف المكبس الضاغط، الذي تستخدمه روسيا الآن على الأسد، تدجينه وجعله يقدم تنازلات لقوى المعارضة لتستطيع روسيا استكمال العملية السياسية”.

سبق وتطرقت الباحثة في الشؤون العسكرية شمريت مئير، إلى تهديدات بينت تجاه إيران في سوريا، بالتأكيد أن هدفه هو تضييق الخناق على إيران في دمشق ومن ثم الانسحاب من هناك.

وقالت “لقد سعى بينت إلى رفع وتيرة القصف الإسرائيلي على الإيرانيين، ليس فقط شاحنات سلاح بل وأيضاً منشآت لوجستية. ليس فقط رجال ميليشيات شيعية، خليط من الأجناس والقوميات ممن علقوا بشكل ما في سوريا، بل التركيز على الجنود والضباط الإيرانيين، الذين باتوا يعودون أكثر فأكثر إلى ديارهم في النعوش”.

لكن، حذرت شمريت مئير من مخاطر سياسة بينت، مشيرة إلى “أنه في حال لم تجد إسرائيل القوة والصحوة، على الرغم من العراقيل السياسية، لتصفية المشروع الإيراني في سوريا فإنه سينتهي بها الحال في حصار للصواريخ مع لبنان شمالي – شرقي آخر”.

وفي سياق القصف الإسرائيلي على سوريا، سبق وشدد الباحث في الشؤون العسكرية، يوآف ليمور، على أن السياسة الإسرائيلية في سوريا قديمة وتعود بدايتها إلى عهد بيني غانتس عندما كان رئيساً للأركان، ووصلت ذورتها في عهد غادي آيزنكوت.

وفي عامي 2017 – 2018 نفذت اسرائيل أكثر من ألف عملية مختلفة ضد الإيرانيين في الساحة الشمالية. وقال “في القيادة السياسية – الأمنية يحذرون بأنه إذا لم يتم صد إيران فإنها ستشكل تهديداً لا يطاق على تل أبيب”.

ولفت ليمور أن “التوقع من الإيرانيين رفع أياديهم والتنازل عن فكرة التموضع بسبب الهجمات الإسرائيلية فقط، هو توقع غير واقعي. هذا لن يحصل إلا في اتفاق بين القوى العظمى، والذي ينبغي لإسرائيل بالتأكيد أن تعمل لتحقيقه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button