هيئة الإشراف على الانتخابات اللبناينة عاجزة عن مراقبة الإنفاق… “الفريش دولار” نجم الحملات الإنتخابية
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
الإنفاق الإنتخابي أو ما يعرف بوضع سقف للانفاق المالي على الحملات الإنتخابية، يهدف إلى الحدّ من سلطة المال في الإنتخابات من خلال منع المرشحين المتموّلين من تجاوز الحدّ الأقصى المسموح به ضمن القانون. مجلس النواب وبعد انهيار العملة عدّل سقف الإنفاق، بحيث رفعه من 150 مليون ليرة إلى 750 مليوناً للمرشح، وتمّ احتساب 50 ألفاً على الصوت في الدائرة الكبرى عوضاً عن 5000. هذه الأرقام على الورق فقط، أمّا على أرض الواقع فمغايرة تمامًا، والسقف الذي حُدّد بـ750 مليون ليرة للمرشح أي حوالي 33 ألف دولار أميركيّ وفقاً لمنصّة “صيرفة”، لا يغطي مقابلة واحدة عبر شاشات التلفزة، لاسيّما وأنّ سعر الدقيقة الواحدة تجاوز 5 الآف دولار في بعض المحطات، لا بل وصل إلى مبالغ خيالية.
معضلة الإنفاق الإنتخابي لا تنحصر بالسقوف التي لم تعد ملائمة لواقع الحال، بل بعدم وجود آليات لمراقبة سقف الإنفاق، خصوصًا أنّ صرف الأموال يتم نقدًا (Fresh money) خارج النظام المصرفي، بفعل إيقاف التحاويل المصرفية. فكيف يمكن لهيئة الإشراف على الإنتخابات أن تراقب حجم الإنفاق الإنتخابي في هذه الحال؟
المدير التنفيذي في الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات “لادي” علي سليم، يشير في حديث لـ “لبنان 24″ إلى إشكالية كبيرة في مراقبة الإنفاق الإنتخابي، بظل الأموال الآتية من الخارج والتي لا تمر عبر النظام المصرفي، أو الأموال التي يدفعها المرشحون نقدّا.
يحتّم القانون على كل مرشح فتح حساب لحملته الإنتخابية في أحد المصارف العاملة في لبنان، ولا يحصل صرف إلا عبر هذا الحساب، وينصّ القانون على أن كلّ مبلغ يتجاوز المليون ليرة يُدفع عبر شك مصرفي” لكن اليوم لا شيكات بظل انهيار النظام المصرفي، بالتالي بات الإنفاق الإنتخابي يحصل بالكاش، الأمر الذي يصعّب عملية المراقبة، حيث أن هيئة الإشراف على الإنتخابات يمكن لها أن تراقب الإنفاق من خلال البيانات الحسابية لحساب الحملة، وهذا غير ممكن بظل الصرف بالنقدي. وبظل الواقع المالي والمصرفي الجديد لم تحدّد الهيئة آلية واضحة للمرشحين حول كيفية الإنفاق، كما أنّ الظهور الإعلامي للمرشحين يحصل لقاء الكاش دولار وبمبالغ كبيرة، وبالإتفاق بين المرشح والوسيلة الإعلامية، وليس بالضرورة أن تكون التسعيرة التي قدّمت للهيئة من قبل وسائل اعلام شفافة. بحيث أنّ الشركات الإعلانيّة والمؤسسات الإعلامية أرسلت جداول بالأسعار لهيئة الإشراف، وبعضها بالليرة، ولكن ما يحصل تحت الطاولة بين المرشحين والوسيلة الإعلامية يبقى خارج رقابة الهيئة. ونحن كجمعية تراقب الإنتخابات لا نعرف بعد ما هي آلية مراقبة الإنفاق الإنتخابي، ووفق أي سعر صرف لليرة مقابل الدولار”.
هيئة الإشراف أصدرت بيانًا حول احتساب سعر الصرف، استنادا إلى رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل الصادر بتاريخ 28/3/2022 طلبت خلاله من المرشحين “وجوب التصريح عن النفقات الانتخابية التي يجوز إنفاقها خلال الحملة الانتخابية بالليرة اللبنانية حصرا. وإذا ما تمّ الإنفاق بالدولار الأمريكي، فعلى المرشح أو اللائحة ووسائل الإعلام والإعلان التصريح عن ذلك بالليرة اللبنانية، بعد إثبات سعر الصرف بمستندات صادرة عن مصرف او عن صراف او عن شركة قد يكون تعامل مع أي منها، تثبت المبلغ المدفوع او المقبوض، وتبيّن المبلغ الذي تمّ اعتماده لدى صرفها أو دفعها، أي ما إذا كان سعر صيرفة أو سعر المنصة أو سعر السوق الحرة أو وفقا للتسعيرة الرسمية التي يفرضها المصرف المركزي اللبناني”.
“لكن طالما الدفع يحصل بالكاش حصرًا، ليس هناك ما يثبت حجم الإنفاق، ويمكن للمرشح أن يقول لم أقم بحملة انتخابية ولم أنفق فيما يكون الواقع مغايرًا، باختصار العملية متفلّتة” يقول سليم معتبرًا أنّ المجلس النيابي كان متواطئًا “بحيث عدّل سقف الإنفاق،عام 2021، أي بزمن الإنهيار المالي وبظل الأزمة المالية والمصرفية، فلماذا لم يعدّلوا المواد بما يمكّن الهيئة من ضبط الإنفاق؟ كما أنّ المجلس رفع سقف الإنفاق وأبقى الغرامات على ما هي عليه سابقًا. على سبيل المثال حدّد القانون غرامة بقيمة مليون ليرة على كلّ مرشح يتخلّف عن تقديم البيانات الحسابية لحملته حملة خلال مهلة شهر بعد 15 أيار، فهل تشكّل المليون ليرة رادعًا بظل انهيار الليرة، بالتالي هناك غياب للإرادة السياسية في مجال نزاهة الإنتخابات من باب الإنفاق الإنتخابي”.
تبقى الإشارة إلى أنّ هناك 222 مرشحًا لم يقدّموا بياناتهم الحسابية الشاملة إلى هيئة الإشراف عن انتخابات 2018، حوّلت الهيئة أسماءهم إلى وزارة الداخلية في حينه “ولو دفع كلّ منهم مليون ليرة غرامة عن كلّ يوم تأخير لوصلت قيمة الغرامات إلى 300 مليار ليرة تضاف إليها سنوات التأخير”.