الانتشار الواسع للغروبات النسائية على مواقع التواصل الاجتماعي متنفساً لطلب المشورة
النشرة الدولية –
باتت الغروبات النسائية التي تشهد انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي وجهة الآلاف من النساء اللواتي أصبحن يعتبرنها منصة للتنفيس عن معاناتهن اليومية من المشكلات التي يواجهنها في حياتهن الزوجية والأسرية غير مدركات لعواقب هذه الفضفضة التلقائية وتأثيراتها السلبية التي قد تعقد هذه المشكلات وتدفعها إلى طريق مسدود.
واستسهلت الكثير من النساء الاستشارات الزوجية والأسرية وكل ما يهم حياتها حتى الخاصة، وما إن تضع إحدى السيدات مشكلتها على هذه المنصات الإلكترونية حتى تنهال عليها النصائح من كل حدب وصوب. وأكدت الدكتورة منى أحمد البصيلي استشاري الطب النفسي وتعديل السلوك أن فوضى الغروبات التي تشهد تدفقا في الآونة الأخيرة أصبحت تتناول كل التخصصات التي يمكن تخيّلها، مثل المواضيع الخاصة بالمطبخ والبشرة وتربية الأبناء ومواضيع الأسرة والزواج، وقد تكون هذه المجموعات متخصصة وقد تكون عادية.
وأشارت إلى أنه ليس لديها أي إشكال في تبادل أعضاء هذه المجموعات معلومات من مصادر موثوق بها والنقاش حول أشياء انطلاقا من الخبرات الحياتية، لكن الكارثة الكبرى حين تتحول هذه الغروبات لمصادر للاستشارات ومصادر لأخذ الرأي.
وأضافت “أجد شخصا يتكلم على مشاكل زوجية خطيرة مثل امرأة تسأل عن مشكلة تهدد حياتها الزوجية وتؤدي إلى الطلاق، وأجد الناس تعلق بردود قاتلة وتتكلم بمنتهى الثقة، قد تجعل المرأة التي أرسلت الاستشارة تتخذ قرارا يهدم حياتها، لأن كل شخص يتكلم من واقع تجاربه الشخصية ومن واقع آلامه وصراعاته ومن تجارب رآها في حياة الآخرين وصدماتهم”.
وقالت إن الأشخاص الذين يتدخلون لإبداء آرائهم غير مختصين، ولا توجد مشكلة نفسية أو زوجية أو أسرية لديها حل واحد، ونبهت إلى أن الغروبات النسائية لا يمكن اعتبارها بأي شكل من الأشكال مصدرا للاستشارات الزوجية، ويمكن أن تمد السيدات بمعلومات قد تدمر حياتهن الزوجية والأسرية.
وأكد أخصائيو العلاقات الأسرية أن هذه الغروبات لا يمكن الاعتماد عليها مطلقا في حل المشاكل العاطفية والزوجية والشخصية، وذلك لخصوصيتها، مشيرين إلى أن البعض منها تسبب في الكثير من حالات الانفصال، معتبرين غروبات الفضفضة من بين أسباب ارتفاع نسب الطلاق في المجتمعات العربية في الآونة الأخيرة. وقالوا إن غروبات الفضفضة تعتبر تجمعات نسائية خاصة متاحة طوال الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي ويتم فيها الحديث في كل شيء وعن كل شيء ومناقشة القضايا الأسرية والزوجية الخاصة وبشكل مفتوح يصل أحياناً إلى جرأة كبيرة جدا قد تتسبب الكثير من المشاكل.
وأشاروا إلى أنه على الرغم من أهمية هذه الغروبات في التواصل وتكوين علاقات وصداقات والحصول على الكثير من المعلومات وتمثل مصدرا للمعرفة، إلا أنها يمكن أن تسبب الكثير من المشكلات الزوجية والأسرية.
وحذّر الدكتور محمد السيد أستاذ علم الاجتماع من هوس الغروبات النسائية حيث وصفها بأنها “سوس ينخر جسد الحياة الزوجية ويدمرها وتصبح الزوجة مع مرور الوقت لا تطيق العيش مع الزوج والأولاد لأنها تشبعت بأفكار خاطئة من بنات ونساء غير مختصين، سردوا لها تجارب مأساوية عن علاقتهم الزوجية فتأثرت بها وتشبعت بأفكارهن عديمة الفائدة والقيمة”، مشيرا إلى أن الكارثة الكبرى تكمن في قيام الزوجة بعرض مشاكلها الزوجية على أشخاص لا يعرفونها لكي تأخذ منهم النصح والإرشاد.
وبين أخصائيو علم النفس إلى خطورة عرض الزوجة للصعوبات والمشكلات الزوجية والأسرية التي تعيشها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لطلب النصح لأنها ستتلقى الكثير من النصائح المتضاربة في أحيان كثيرة والتي لا تستند إلى أسس صحيحة وتفتقد إلى آراء المختصين، مؤكدين على أن بعض المشكلات البسيطة والعادية ما أن توضع على منصة الغروبات حتى تجد الدعم والشحن والتهويل والتفخيم والتعليقات التي قد تتسبب في بلوغها طريقا مسدودا وتؤدي إلى الانفصال.
وحذّر الخبراء من العواقب الخطيرة التي يمكن أن تفعلها غروبات النساء خاصة عند نشر الأسرار الزوجية والخصوصيات بين الرجل والمرأة على تلك الصفحات وإشراك شخصيات افتراضية في تفاصيل الحياة الزوجية التي من المفروض أن تتسم بالخصوصية والسرية، مما قد يسبب النزاعات والخلافات التي نراها بين الزوجين، منبهين إلى أن بعض الغروبات تتبنى التحريض والعدائية ضد الرجل مما قد يتسبب في انهيار العلاقة الزوجية وما ينجر عنه من آثار سلبية بالنسبة للأبناء والمجتمع.
ونبهوا إلى أن الانتشار الكبير لهذه الغروبات الخاصة في الآونة الأخيرة قد يكون بسبب المجتمع الذي لا يعطى للمرأة القدر الكافي من الحرية للتعبير عن نفسها والتنفيس عن رغباتها وآلامها، وقد يكون من باب الفضفضة بأمور نسائية لا يصح الاطلاع عليها، وقد تكون هناك مشاكل من نوع جديد تواجه المرأة وتحاول الاستعانة بغيرها من النساء في حلها.
ويرى البعض أن الكثير من النساء مع الغروبات النسائية يطلبن الاستشارات في كل ما يخص مناحي حياتهن ولا يترددن في نشر مشكلاتهن الأسرية والزوجية في سعي منهم لإيجاد حلول لها، مبينين أن غروبات الاعترافات النسائية لم تعد مجرد نافذة للفضفضة فقط وإنما أصبحت تدعم المرأة وتقدم لها النصيحة والمساعدة في كافة الاتجاهات، مشيرين إلى أنها قد تفيد النساء في أخذ النصيحة وعرض مشاكلهن والفضفضة عموما وقد يحصلن من خلالها على دعم نفسي ومساندة يحتجنها في لحظات الضعف التي يمررن بها.
وفي مقابل ذلك لفتوا إلى أن هذه الآراء لا تتعدى الاجتهادات ووجهات النظر الشخصية والتي لا يمكن اعتمادها لحل المشكلات التي تتفرد بها كل علاقة زوجية، لافتين إلى أن لجوء المرأة إلى هذه المواقع قد يكون هروبا من الواقع واللجوء إلى العالم الافتراضي الذي بات يستوعب كل شيء حتى أسرار العلاقات الزوجية. وأفادوا أن خطورة غروبات مواقع التواصل النسائية تكمن في وضع قواعد صارمة للحياة الزوجية وتحرّض المرأة ضد الرجل، وتصور الزوجات الأخريات في منتهى السعادة، وقد تحوّل حياة المرأة إلى جحيم.